المشهد اللبناني يزداد سوريالية يوماً بعد يوم، وتختلط فيه الألوان، وتتلون بين خطوطه التناقضات، وتتفاقم في ثناياه المآسي والأزمات، وتبقى الصورة المسيطرة على الوضع المعقد أشبه ببوسطة تعطل فيها الفرامل، وقفز سائقها منها، وراحت تتدحرج بركابها في منحدرات وادي سحيق، قبل أن تصطدم بصخرة كبيرة، حطّمت ما تبقى منها، وروّعت الركاب الذين سقطوا بين قتيل وجريح!
في الوقائع اليومية الدرامية، يستمر الدولار في رحلة التحدي التصاعدية لـ «لُقمة عيش» الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، في ظل هذا التفلت المريع للأسعار دون حسيب أو رقيب، والذي طال كل السلع والحاجيات الضرورية، فيما السلطات الرسمية المعنية غائبة كلياً عن أبسط مهمات الرقابة للحد من هذا الإستغلال البشع لأوجاع الناس.
رئيس الحكومة في الفاتيكان يبحث عن علاج للإنقسامات المسيحية التي تعرقل إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وتمدد فترة الشغور في رئاسة الجمهورية، وتداعيات كل ذلك السلبية على الوضع المتدهور أصلاً في البلد.
الدولة تدّعي على حاكم البنك المركزي رياض سلامة، وهو مازال في منصبه الرسمي، ويُشارك في التحقيق معه قضاة فرنسيون، متجاوزين كل القوانين والأنظمة المعمول بها، وضاربين عرض الحائط بمبادئ السيادة الوطنية، وشعارات إستقلال القضاء، ويخرج الحاكم من جلسة الإستجواب إلى مكتبه، ليترأس جلسة للمجلس المركزي تضم نواب الحاكم وممثل الدولة ومندوب وزارة المال.
السجالات العقيمة مستمرة بين الأطراف السياسية في الداخل، مع كل ما يتخللها من تراشق بتهم التعطيل والمعاندة، دون التوصل إلى المخارج المناسبة للأزمات المستعصية على منظومة سياسية فاسدة وفاشلة. فيما الأشقاء والأصدقاء في الخارج يتابعون إتصالاتهم وإجتماعاتهم بحثاً عن صيغة تؤدي إلى وضع خريطة طريق تساعد على إنقاذ وطن الأرز مما يتخبط فيه من مشاكل ومخاطر، تبدأ بإنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والإنتقال بالبلد إلى مرحلة من الإنفراجات التي طال إنتظارها.
ولقاء الأليزيه الفرنسي ــ السعودي الذي سيضم مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، والمستشار السعودي نزار العلولا والسفير وليد بخاري، والمرتقب خلال الساعات المقبلة، يؤكد من جديد مدى الإهتمام الخارجي بتسريع خطى الإنقاذ لهذا البلد المنكوب.