12-03-2023
عالميات
|
الشرق الاوسط
كان أحد المبررات التي استند إليها المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، في بيان أصدره أول مارس (آذار) الجاري، لنقد نظرية اصطفاف الكواكب وعلاقتها بالزلازل، هو عرض «توقعات لم تصدق»، لأصحاب هذه النظرية.
ولم يثنِ ذلك التكذيب أصحاب تلك النظرية عن اعتقادهم، وحاولوا البحث عن مبررات تسوغ لهم طرح توقعات جديدة، فعل ذلك متنبئ الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس، الذي استند لهذه النظرية في توقع «زلزال كبير يوم 8 مارس»، وبعد أن مر اليوم دون حدوث ما توقعه، عاد وتوقع زلزالاً جديداً.
ويقول شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، لـ«الشرق الأوسط»: «ما أشبه الليلة بالبارحة، فالتوقع الأشهر لأصحاب هذه النظرية، الذي يتعلق بحدوث زلزال في العاشر من مارس عام 1982 في صدع سان أندرياس بولاية كاليفورنيا الأميركية، لم يثنهم عن توقعات أخرى».
ليس التوقع المزعوم لزلزال الثمانينات وحسب هو ما فشل فيه أصحاب «اصطفاف الكواكب»، بحسب الهادي الذي قال إنهم قدموا أيضاً «توقعاً بزلزال مدمر على سطح الكرة الأرضية وحدوث تسونامي عملاق، وانخلاع القشرة الأرضية بأكملها عام 2012، وهو أيضاً ما لم يتحقق».
وبعد أن مر 8 مارس من دون زلزال كبير، وهو التوقع الذي أحدث رعباً وذعراً عالمياً، تجاهل متنبئ الزلال الهولندي، دعوات استقبلها على حسابه الشخصي بموقع «تويتر» تطالبه بالاعتذار عن توقعه الذي أحدث حالة من الذعر عالمياً، وعاد وغرد من جديد يوم الجمعة متوقعاً حدوث زلزال خلال يومين، لأن «القمر يتحاذى حالياً مع المشتري».
ويوضح الهادي: «لو افترضنا أن ذلك صحيح، فهذا يعني أنه في كل مرة تحدث هذه المحاذاة سنكون على موعد مع زلزال، فالعقل من دون أن يستغرق في التفكير سيرفض هذا الكلام، فضلاً عن أن القوانين العلمية ترفضه أيضاً».
وينص قانون نيوتن للجاذبية الكونية على أن «الجاذبية بين جسمين تتناسب طردياً مع كتلتيهما، وتتناسب عكسياً مع مربع المسافة بين الجسمين، لذلك، كلما زادت كتلة الجسمين وتقاربا، زادت قوة الجاذبية بينهما، وهذا ما يجعل القمر بسبب قربه من الأرض والشمس له قوة جاذبية على كوكب الأرض، لا تتعدى تأثيره في حدوث ظاهرة المد والجزر المعروفة، وبخلاف ذلك، لا يوجد أي تأثير للكواكب الأخرى لبعدها الشديد عن الأرض، وصغر حجمها قياسياً بالأرض»، وذلك كما يؤكد الهادي.
ويؤكد الهادي أن ما يسمى «نظرية اصطفاف الكواكب وعلاقتها بالزلازل»، هو (تنجيم مبطن بالعلم)، قائلاً: «إذا كان صحيحاً، فليقدم لنا أصحاب هذه النظرية تفسيراً لأسباب وقوع آلاف الزلازل، دون أن يكون لوقوعها أي علاقة بالظواهر الكونية، وليقدموا لنا أيضاً معلومات تفصيلية عن مكان وقوع الزلزال وشدته وتوقيته الدقيق، أما القول بأنه (خلال يومين سيحدث زلزال)، فهذا كلام لا يساوي شيئاً، لأن تركيا مثلاً منذ زلزال 6 فبراير (شباط) تشهد توابع زلزالية، فهل سيأتي هذا المتنبئ عند حدوث أي تابع، ويقول إن توقعه سليم».
ويضيف: «الزلازل سببها واحد وهو الإجهاد التكتوني، فإذا لم تكن هناك طريقة لقياس مستويات هذا الإجهاد، فكيف يمكن تحديد حجم القوة الخارجية المطلوبة التي يمكن أن تسبب الزلازل».
وكان جاسون باتن، وهو أحد متابعي فرانك هوغربيتس على «تويتر»، قد أشار إلى هذا المعنى الذي يقوله الهادي، عندما استنكر توقعاته، متسائلاً عن طريقة حسابه للقوى التي تأتي من الكواكب والقمر وتأثيرها على الجاذبية في الأرض، فرد عليه هوغربيتس بالسؤال: «من فضلك أعطني الدليل على أن القمر لا يسبب الزلازل»، فرد عليه قائلاً: «كيف تحدد القوة الخارجية المطلوبة لتمزيق صدع معين، إذا لم يكن بالإمكان قياس مستويات الإجهاد التكتوني؟».
وترد سوزان هوغ، العالمة في برنامج مخاطر الزلازل بهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، على سؤال جاسون باتن، قائلة: «هو لا يحدد أي شيء، هو فقط يتبع نفس أسلوب متنبئي الزلازل، وهم كثيرون، ولا يعترفون عادة بأخطائهم».
وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هم يقومون بالكثير من التنبؤات الغامضة، ويدعون النجاح عندما تحدث الزلازل ولا يعترفون بأخطائهم عندما تفشل توقعاتهم».
وتضيف: «الطريقة المعتادة لمثل هذه التنبؤات الغامضة سهلة وبسيطة، فما عليك إلا البحث عن أحد الفوالق النشطة»، وتغرد قائلة إن «هذا الفلق سيشهد إن آجلاً أو عاجلاً زلزالاً»، وهو تعليق لا يعني أي شيء، ولكن إذا حدث زلزال تستطيع وقتها أن تستخدم هذه التغريدة، وتقول: «لقد توقعت حدوث الزلزال»، ولكن عندما يفشل التوقع مثل توقع 8 مارس، فلا يتم الاعتراف بهذا الخطأ.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار