03-03-2023
صحف
|
الديار
وقد ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، امس مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة العشرين المنعقد في الهند ، تكثيف العمل المشترك لإرساء الأمن والسلم في المنطقة والعالم. وفيما ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الوزيرين استعرضا خلال اللقاء العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وتطرقا الى العديد من القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال الأزمة (الروسية – الأوكرانية) والجهود المبذولة بشأنها، لفتت مصادر دبلوماسية لـ»الديار» الى ان الملف اللبناني لم يحضر لا من قريب او بعيد، وثمة تفاهم ضمني اميركي- سعودي على وضع الازمة اللبنانية في «الثلاجة» باعتبارها ملفا ثانويا يمكن فكفكة «الغامه» بعد التوصل الى تسويات حول ملفات اخرى في المنطقة.
في هذا الوقت،ارتفع منسوب السجال السياسي في البلاد على خلفية تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي سجل باسم «الثنائي» خطوة متقدمة على خط تبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وبعيدا عن موجة الردود الصاخبة بين النائب ميشال معوض الذي تلقى دعما من القوات اللبنانية، والنائب علي حسن خليل مدعوما من «المردة»، فان مواقف بري حملت في طياتها الكثير من الرسائل كان اهمها اضعاف فرص قائد الجيش جوزاف عون الرئاسية، وتبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رسميا والاستعداد للمباشرة في نقاش «التسوية» الفرنسية المطروحة. هكذا تلخص مصادر في «الثنائي» الموقف الحالي وتشير الى ان بري اعطى «الضوء» الاخضر علنا لامكانية البحث في «مقايضة» بين الرئاسة الاولى والثالثة على قاعدة نقاش البرنامج للسنوات الست المقبلة بعض النظر عن اسم رئيس الحكومة المفترض. وتلفت تلك الاوساط الى ان «الثنائي» تعامل بايجابية مع الطرح الفرنسي الذي حملته السفيرة آن غريو وهو ابدى انفتاحه على اي حوار يخرج البلاد من المأزق الراهن. لكن المشكلة الرئيسية تبقى في عدم نجاح الفرنسيين حتى الآن في اقناع الرياض بفتح باب النقاش حول الاستحقاق اللبناني، ودون «الغطاء» السعودي لا يملك الفرنسيون القدرة على تسويق «الفكرة» لانهم لا يملكون ادوات ضغط على القوى السياسية التي تدور في فلك واشنطن والمملكة. وقد كان «الثنائي» واضحا بابلاغ باريس انه منفتح على الجلوس للنقاش حين ينجحون في «كسر» الفيتو السعودي.
لكن لا تبدو «الطريق معبدة» حتى الآن امام اقتراح الفرنسيين مقايضة ترشيح فرنجية برئيس حكومة ترضى عنه المملكة، وتظهر الموقف علنا بتصريحات رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع السلبية حيال عدم تامين النصاب لاي جلسة انتخاب اذا كانت ستؤدي الى ايصال ما اسماه مرشح حزب الله الى بعبدا، ومن هنا تروج الاوساط المقربة من الرياض في بيروت بان «المبادرة ولدت ميتة» ولا مجال حتى للنقاش فيها، وهي اذا كانت لا تريد التدخل في التسمية فان فرنجية على عكس ما يقال، ليس مرشحا مقبولا من قبلها، ولا صحة للكلام انها لا تعترض عليه.
ووفقا لمصادر مطلعة، هذا الاستعصاء يعكس اجواء سليية لكن اي تفاوض يبدأ بالعادة من خلال «سقوف مرتفعة»، وعندما تصبح الظروف الاقليمية والدولية مؤاتية للتسويات والمقايضات تنخفض «السقوف» ويصبح كل شيء قابلا للتفاوض. فالرياض ترغب بالحصول على نتائج عملية في اليمن وقبل ذلك لن تدخل في اي تسوية في مكان آخر، وهم يعرفون جيدا مدى تاثير حزب الله هناك ولهذا يمارسون الضغط على الساحة اللبنانية. ولهذا فان التسوية مؤجلة وليست مستحيلة، وباريس تواصل عملية «جس النبض» لكنها تصطدم ايضا ببرودة الموقف الاميركي، الذي لا يريد فوضى شاملة في لبنان ولكنه لا يدعم اي حل. وتبقى القوى السياسية اللبنانية في حال انتظار، بعضها مؤثر ويفاوض على «الطاولة» وبعضها الآخر اختار العبثية في المواقف، كالتيار الوطني الحر، الذي اختار معاداة حليفه الوحيد في فترة مفصلية مع علمه انه الطرف الاقوى القادر على حفظ مصالحه التي حصرها النائب جبران باسيل بوصوله الى الرئاسة.
وقد ترجم القلق الدولي ببيان مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان التي اعربت عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي، واصفةً الوضع السياسي الراهن في لبنان بـ»غير المستدام». وقالت المجموعة، التي تضمّ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وأكثر من ست دول من بينها الولايات المتحدة وفرنسا، إنّ «الوضع الراهن يعدّ أمراً غير مستدام، إذ يصيب الدولة بالشلل على جميع المستويات ما يحدّ بشدّة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية». ولفتت إلى عدم إحراز تقدّم «في التحقيق المتعلق بالانفجار المروع في مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020، ونجم عن مواد كيميائية خطيرة كانت مخزنة بالمرفأ لسنوات. كما أشارت إلى أنّ لبنان لم يبرم بعد برنامجاً مالياً مع صندوق النقد الدولي. وحثت المسؤولين اللبنانيين على «التعجيل في إقرار القوانين اللازمة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي مالياً وتوحيد أسعار الصرف. وتوحيد أسعار الصرف المتعددة أحد الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي للبنان من أجل الحصول على حزمة مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار».
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار