أصدر الرئيس التونسي السبت قراراً بطرد الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات إيستر لينش بعدما شاركت في تظاهرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وألقت خلالها كلمة انتقدت فيها السلطات.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان: "بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، دعت السلطات التونسية المختصة المدعوة إيستر لينش التي شاركت اليوم بمدينة صفاقس في مسيرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وأدلت بتصريحات فيها تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، إلى مغادرة تونس وذلك في أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ إعلامها بأنها شخص غير مرغوب فيه".
وقالت الرئاسة، في بيان: "يجدر التنويه في هذا السياق، إلى أن العلاقات الخارجية للاتحاد العام التونسي للشغل أمر يعنيه وحده، ولكن لا مجال للسماح لأي جهة كانت من الخارج للاعتداء على سيادة الدولة وسيادة شعبها، فالسلطة والسيادة بيد الشعب الذي أحبّه كما قال الزعيم النقابي الخالد فرحات حشاد في الخطاب الذي ألقاه في شهر نوفمبر 1951 بعد مجزرة النفيضة التي ذهب ضحيتها عدد من الشهداء الأبرار".
اعتداء على الحقوق النقابية
كان الآلاف من أنصار اتحاد الشغل في تونس، تدفقوا، السبت، للشارع في عدة مدن احتجاجاً على ما اعتبروه "اعتداءات السلطة على الحريّات والحقوق النقابية"، في خطوة تصعيدية لمواجهة تحركات الرئيس قيس سعيد وسط دعوات لإجراء حوار وطني.
وتزيد الاحتجاجات في 8 مدن الضغط على سعيد الذي يواجه انتقادات داخلية وخارجية بعد موجة اعتقالات أخيرة شملت سياسيين بارزين ومنتقدين لسعيد ومدير إذاعة "موزاييك إف إم" التونسية، وفق "رويترز".
وشملت الاحتجاجات الحاشدة لاتحاد الشغل مدن صفاقس وجندوبة وتوزر والمنستير وبنزرت والقصرين والقيروان ونابل. وجاب المحتجون شوارع المدن في مسيرات رفعت شعارات رافضة لخيارات السلطة الاقتصادية والسياسية.
وفي صفاقس، نُظم الاحتجاج بحضور لينش، التي قالت إنها جاءت تحمل رسالة دعم من 45 مليون نقابي أوروبي.
ودعت لينش السلطات التونسية إلى "رفع أيديها عن النقابات العمالية والإفراج الفوري عن المسؤولين النقابيين".
ورفع آلاف المتظاهرين في صفاقس شعارات "أوقفوا الاعتداء على الاتحاد، حريات حريات، دولة البوليس وفات (انتهت)، لا لا لرفع الدعم، لا لبيع المؤسسات العامة، لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب".
وكان الرئيس قال إن المعتقلين "متهمون بالتآمر على أمن الدولة والوقوف وراء نقص السلع الأساسية ورفع أسعارها".
وأضاف أن الهدف هو "محاسبة المذنبين على قدم المساواة وليس في ذلك أي استهداف للحريات بأي شكل".
قوة اتحاد الشغل
وأثبت الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يقول إنه يضم أكثر من مليون عضو، قدرته على إغلاق الاقتصاد بالإضرابات.
والشهر الماضي، ألقت الشرطة القبض على مسؤول نقابي عقب إضراب لعمال أكشاك تحصيل الرسوم بالطرق السريعة.
ويواجه 14 من كبار مسؤولي النقل في الاتحاد محاكمة بعد إضراب شل النقل بالعاصمة، الشهر الماضي، بسبب اتهام وزير لنقابيين بمحاولة اقتحام مكتبه.
ووصف الاتحاد العام التونسي للشغل محاكمة نقابيين واعتقال آخرين بأنها "استهداف مباشر للنقابة وإعلان حرب عليها من الرئيس".
وتجاهل سعيد، الذي علّق عمل البرلمان في عام 2021 وسيطر على معظم السلطات وتحرك إلى الحكم بمراسيم قبل وضع دستور جديد، مطالب الاتحاد العام التونسي للشغل المتكررة بإجراء حوار وطني لحل الخلافات السياسية الداخلية.
خيارات مؤلمة
وتعتزم تونس، التي تعاني من أسوأ أزمة مالية وسط مخاوف من احتمال تخلفها عن سداد ديونها، إطلاق إصلاحات، بما في ذلك خفض دعم الغذاء والطاقة وإصلاح الشركات العامة، سعياً لبرنامج إنقاذ مالي.
ولكن الاتحاد رفض بشدة ما سماه "خيارات مؤلمة من شأنها أن تزيد من معاناة الناس وتهدف فقط إلى خصخصة الشركات العامة"، وتعهد بالتصدي لهذه الخيارات.
وقال عثمان الجلولي الأمين العام المساعد باتحاد الشغل، أمام آلاف النقابيين في صفاقس: "السلطة فشلت سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، لكنها الآن تريد إسكات صوت الاتحاد وإخماد أصوات النقابيين".