06-02-2023
صحف
|
نداء الوطن
في خلال ايام الحملة انخفض السعر الى 57 ألف ليرة ثم عاد في عطلة نهاية الاسبوع الى ما بين 60 و61 ألف ليرة للدولار، رغم توقيف 5 من كبار المضاربين المشهورين بألاعيبهم، وفق التسريبات الأمنية.
مصادر نقدية من ذوي الصلة بالسوق، توقفت أمام مجريات الصرف، وسردت جملة معطيات كالآتي:
أولاً: مما سبق من تجارب، منذ بداية الأزمة حتى تاريخه، يشير بما لا يقبل الشك الى أن ارتفاع سعر الدولار متعلق بالدرجة الأولى بتداعيات الأزمة وتفاقمها اقتصادياً ومالياً ومصرفياً.
ثانياً: مصرف لبنان هو الطالب الأساسي للدولار من السوق الموازية، لزوم توفير مبالغ دولارية على منصة صيرفة بعشرات الملايين يومياً. يطلب المبالغ الضخمة من شركات يتعامل معها، وهي بدورها تلجأ الى صرافين مرخصين وغير مرخصين، نزولاً، وبشكل غير مباشر، حتى المضاربين المتهمين المتلاعبين. وكل طرف يزيد عمولة تفاقم الكلفة على مصرف لبنان، وتنعكس ارتفاعاً في الاسعار التي تعلنها لحظوياً التطبيقات الالكترونية.
ثالثاً: بين وقت وآخر تلجأ المصارف الى طلب الدولار بأحجام كبيرة نسبياً لزوم رفع معدلات السيولة لديها، كما لاعتبارات خاصة بها وبعملاء يستمرون في التحويل الى الخارج. ويسهم ذلك في تأجيج الطلب والمضاربة.
رابعاً: سبق للحملات الأمنية التي شنت عدة مرات، منذ 17 تشرين 2019، أن خفضت سعر الصرف قليلاً، ليعاود صعوده لاحقاً بشكل متواتر. وتتراوح نسبة مسؤولية المضاربين، استناداً الى نتائج تلك الحملات، بين 5 و10% و20% (في حالات قليلة نادرة) من سعر التداول في السوق الموازية، مقابل عوامل أخرى متفاقمة السلبية تشكل أكثر من 90% من السعر.
خامساً: يعمل عدد من المضاربين بحمايات تؤمَّن لهم من جهات نافذة او قوى أمر واقع. وهذا ما اثبتته تجارب ماضية حفلت باتهامات سرعان ما انجلى غبارها، وعاد المضاربون الى قواعد تلاعبهم سالمين لتأمين مصالحهم ومصالح حماتهم.
سادساً: توازى صعود الدولار من نحو 22 ألف ليرة بداية 2022 الى أكثر من 60 ألفاً حالياً مع صعود لافت لأرقام الاستيراد من 13 ملياراً في 2021 الى 19 ملياراً في 2022. نحو 6 مليارات دولار اضافية، كانت مطلوبة لتأمين اعتمادات شحن بضائع وسلع، ساهمت بشكل كبير في زيادة الطلب على العملة الخضراء، وبالتالي ارتفاع سعرها مقابل الليرة.
ثامناً: يشكو سلامة "جرحاً هو صاحبه"، كما يقول مصرفي مخضرم اقتباساً من قصيدة للشاعر كريم العراقي. ويشرح كيف أن مصرف لبنان زاد طباعة الليرة بشكل هستيري في السنتين الأخيرتين، فارتفعت الكتلة النقدية في التداول 13 مرة خلال الأزمة، ما أورث انخفاضاً دراماتيكياً في قيمتها وفق معادلة بسيطة هي: ما زاد وفاض قل ثمنه حتماً. فتلك التريليونات التي طبعها مصرف لبنان (الكمية المتداولة منها حالياً 75 تريليوناً)، هي نفسها التي يستخدمها المضاربون لشراء او عرض الدولار بأعلى الأسعار.
تاسعاً: في اسواق المال والنقد ما يسمى "علاوة المخاطر". علاوة تحدد قياساً بمعدل الثقة بالغد. وبما أن لا اصلاحات، ولا رئيس جمهورية، ولا حكومة كاملة الصلاحيات، ولا اتفاق نهائياً بعد مع صندوق النقد، والاضرابات تتوالى، وقطاعات الدولة تتهاوى، واقتصاد الكاش يضرب اطنابه، والدولرة تغزو مختلف القطاعات... فإن المضارب يستفيد من علاوة المخاطر ساعياً للربح منها كما في كل الاسواق حول العالم، النظامية منها وغير النظامية.
عاشراً: ما زال ميزان المدفوعات يسجل الخسائر المتتالية منذ 2011، فالدولارات الخارجة من البلاد أكثر من تلك الداخلة إليه. ولا كسر لهذه الحلقة الانحدارية إلا باتفاق مع صندوق النقد يفرج عن قرض بقيمة 3 مليارات دولار، واكثر من ذلك من دول وجهات تمويل مقرضة أو مانحة تنتظر ذلك الاتفاق وتنفيذ مندرجاته الاصلاحية لتعود الى دعم لبنان والاستثمار فيه.
تبقى الاشارة الى انه يمكن للحملة الأمنية ان تخفض سعر الصرف في السوق الموازية قليلاً، ويمكن لجم مجموعة مضاربين، الا ان ذلك لا يكفي. إذ سنشهد ظهور مضاربين جدد من مختلف الاحجام، وهذا ما هو حاصل في ايران وسوريا والعراق وفنزويلا... أي المحور إياه الذي يدعي الحصار عليه، ولا يسمح بقيام دولة عصرية بلا فساد يثق فيها العالم ويمدها بما يوقف النزيف فيها.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار