وسط الانقسام الداخلي اللبناني المستمر، وعلى وقع تدارس أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت تصعيد خطواتهم بدعم من نواب المعارضة رفضاً لـ «الانقلاب القضائي» على التحقيق، تتركز الأنظار اللبنانية على اجتماع باريس الرباعي، الذي حسم موعده بين السابع من شهر شباط المقبل والعاشر منه.
ورغم التضارب حول السقف المتوقع للاجتماع وتباين التقديرات بين التشاؤم والتفاؤل بشأن نتائجه المحتملة، يبدو أن الايجابية عادت لتظلل الاجواء التحضيرية، إذ تؤكد مصادر دبلوماسية متابعة، أن اللقاء الذي يجمع الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر، سيخلص إلى تقديم خريطة عمل واضحة لبنانياً للخروج من الأزمة السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة منسجمة وإنجاز الإصلاحات الإقتصادية المطلوبة.
وبحسب المعلومات، فإن اللقاء الذي سيحضره مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، ونائب وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالعزيز الخليفي، سيناقش ورقة سياسية واضحة تتضمن برنامج عمل ووضع خطة أمام اللبنانيين للخروج من الأزمة بشكل يرضي المجتمع الدولي والجهات المانحة، وبحال نجح اللبنانيون بالتجاوب والوصول إلى تسوية، فمن شأن ذلك وضع لبنان على طريق التعافي.
وتقول المصادر الدبلوماسية، إن الاجتماع لن يدخل في «الزواريب» اللبنانية خصوصاً فيما يتعلق بالأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية أو لرئاسة الحكومة المقبلة، انما سيحدد ملامح المرحلة المقبلة مع إشارة إلى مواصفات الرئيسين المقبلين، خصوصاً ضرورة ألا يكونا محسوبين على أي طرف أو يشكلا غلبة طرف على الآخر.
وسيكون الاجتماع مغطى بثلاث مظلات أساسية، المظلة الأولى، هي البيان الذي صدر عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير إلى الرياض، والثانية هي المبادرة الكويتية التي حازت توافق جميع دول الخليج حول الرؤية لحل الأزمة اللبنانية واستعادة العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج العربي. أما المظلة الثالثة فهي البيان الثلاثي الذي صدر عن ممثلي الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا في نيويورك على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذه المظلات الثلاث توضح السقف السياسي لإجتماع باريس، أي الالتزام باتفاق الطائف، وانتخاب رئيس يستعيد الثقة الخارجية والداخلية به وتشكيل حكومة كذلك، إضافة إلى ضبط الحدود والالتزام بالقرارات الدولية وعدم استمرار لبنان منطلقاً أو ساحة لاستهداف الدول العربية، ووضع خطة إصلاح اقتصادي واضحة.
وتشير مصادر متابعة إلى أنه سيتم البحث بين العواصم الأربع بإمكانية وضع جدول زمني لانجاز التسوية مع تهديد بالعقوبات أو تلويح بها، ما لم يتم تحقيق أي تقدم فعلي في مسار العملية السياسية. عملياً قد تشكل نتائج الاجتماع عنواناً أساسياً من الدول المهتمة بلبنان للمساعدة على إخراجه من أزمته، وفي حال كنت هناك استجابة لذلك، فإن التسوية ستسلك طريقها، أما بحال عدم التجاوب والذهاب نحو المزيد من التعقيد والتصعيد، فإن المسار اللبناني سيسلك طريقاً يؤدي إلى المزيد من الانهيارات والتدهور، مما سيقود لبنان إلى فترة طويلة من الفراغ بكل ما يعنيه من تداعيات سلبية على مختلف القطاعات.