مباشر

عاجل

راديو اينوما

هل روسيا وراء محاولة “إخوة الرايخ” إسقاط النظام الديمقراطي والدستوري الألماني؟

15-12-2022

عالميات

|

درج Daraj

الحقائق المكتشفة تؤكد أن ورثة هذا الفكر في الجيش الألماني لم يخفوا ولعهم بشخصية أدولف هتلر، إذ دأبوا على نشر صوره في حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتبادل الحديث عن "مآثره" في مجموعات الدردشة. وليس هذا فقط، فهم يخططون ويعملون بدأب وشغف لاستعادة أمجاد ألمانيا النازية بالعنف.

فاجأت السلطات الألمانية الفيدرالية العالم، ببيان تناقلته وكالات أنباء عالمية، يعلن عن اكتشافها واحدة من أكبر المخططات الإرهابية في البلاد، كانت تنوي جماعة يمينية متطرفة تنفيذه عبر الانقلاب على الدولة، وتنفيذ هجوم مسلح على مبنى البوندستاغ (البرلمان الفيدرالي). وتضم المجموعة القاضية بريجيت مالزاك- فينكمان، التي كانت نائبة سابقة عن حزب “البديل لألمانيا” اليميني المتطرف (الكتلة الثالثة من حيث عدد النواب في البوندستاغ)، والمرشحة لمنصب وزيرة العدل في حال نجح الانقلاب، إضافة إلى جنود سابقين في الجيش الألماني، وجنود حاليين في القوات الخاصة.

 

حوالى ثلاثة آلاف شرطي من الوحدات الخاصة، شاركوا في عمليات المداهمة والاعتقال، من بينها عمليتا اعتقال خارج ألمانيا، واحدة في منطقة كيتسبول في النمسا، والثانية في بيروجيا في إيطاليا، وذلك بالتنسيق مع سلطات البلدين.

يترأس المجموعة بحسب الادعاء العام، رجل يبلغ من العمر 71 سنة، وينتمي لعائلة من النبلاء القدامى في ألمانيا، يدعى هاينريخ الثالث عشر رويس، ويحمل لقب أمير، وكشفت وسائل إعلام ألمانية أنه حاول التواصل مع مسؤولين روس عبر السفارة الروسية في برلين، إلا أن السفارة الروسية والكرملين نفيا أي صلة لهما بهذه المجموعة. إلا أن المدعي العام الفيدرالي الألماني، تحدث عن شخص من بين المعتقلين يحمل الجنسية الروسية يدعى فيتاليا ب. وقال انه “ساعد هاينريخ على التواصل مع المسؤولين الروس”.

لم تنته حتى الآن التحقيقات حول الشبكات المرتبطة بالمجموعة، ويتضح من تصريحات مسؤولي الأمن والاستخبارات الداخلية أن الشرطة الألمانية ألقت القبض على أكثر من 50 شخصاً من الشبكة المتطرفة، وأنها ستقوم بعمليات مداهمات واعتقالات لاعضاء اخرين في الشبكة التي تمتد فروعها في 11 ولاية ألمانية.

 

 كيو أنون- نظرية المؤامرة

 يشكل مواطنو الرايخ، ومن يسمون أنفسهم “أنصار الحكم الذاتي” الذين ينكرون وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية، حوالى أكثر من 7 في المئة من المواطنين، وتأكد أن لدى 3 في المئة منهم اتصالات مع “اليمين الجديد”.

 

لا تمكن معرفة كيف تغلغلت الأفكار النازية مجدداً في صفوف الجيش الألماني، لا سيما أن الدولة الألمانية الجديدة حرّمت هذا الفكر، وأصدرت قوانين تجرم كل من يحمله، أو ينشره في المجتمع، من دون العودة إلى ما ورد في الدراسات والبحوث التي تتناول كيفية إعادة تشكيل الجيش الألماني بعد سقوط النازية، والتي تكشف أن قيادة الجيش الألماني “البوندسفير“، اضطرت في نهاية الخمسينات إلى تعيين 12 ألفاً من ضباط الجيش النازي و300 ضابط من تنظيم “إس إس وافن”، إضافة إلى 40 ضابطاً، ويرى محللون أن هؤلاء أثروا في طبيعة الجيش الألماني وثقافته. وتشير تقارير إلى قيام بعض هؤلاء بإطلاق أسماء “مجرمي حرب نازيين” على بعض المنشآت والثكنات، إضافة إلى انتشار سرديات بين بعضهم تصف ما فعله ستاوفنبرغ وأعوانه بـ”الخيانة”.

 

 يشكل مواطنو الرايخ، ومن يسمون أنفسهم “أنصار الحكم الذاتي” الذين ينكرون وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية، حوالى أكثر من 7 في المئة من المواطنين.

 

الحقائق المكتشفة تؤكد أن ورثة هذا الفكر في الجيش الألماني لم يخفوا ولعهم بشخصية أدولف هتلر، إذ دأبوا على نشر صوره في حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتبادل الحديث عن “مآثره” في مجموعات الدردشة. وليس هذا فقط، فهم يخططون ويعملون بدأب وشغف لاستعادة أمجاد ألمانيا النازية بالعنف.

 

هاينريخ الثالث- استعادة العرش والماضي المفقود

ينتمي هاينريخ الثالث عشر بحسب موقع «دي فيلت»، إلى عائلة «رويس» النبيلة التي امتد حكمها إلى ولاية تورينغن حتى الثورة عام 1918. وتملك العائلة قصوراً في النمسا وتورينغن. وكان هاينريخ قال في محاضرة ألقاها في زيوريخ السويسرية عام 2019، إن “ألمانيا ليست دولة مستقلة، كما كانت في فترة حكم سلالته”، موضحا إن المواطنين «كانوا يعيشون حياة سعيدة لأن الأسس الإدارية كانت واضحة، وأنه إذا كان أمراً لا يسير بالشكل الصحيح يذهب المرء إلى الأمير للشكوى». وذكرت الصحيفة “إن رويس قال أيضاً إن فصل السلطات في ألمانيا هو خدعة وأن ألمانيا دولة تابعة». إلا أن عائلة هاينريخ كما هو معروف كانت تبرأت منه قبل 14 عاماً، وبالتالي فانه وفقاً للصحيفة نفسها “يغرد منفرداً في مواقع المتطرفين على تليغرام

 

من هم “مواطنو الرايخ”؟

تتبنى “حركة مواطني الرايخ” أفكاراً يمينية، ولا يعترف أتباعها بالجمهورية الألمانية الحديثة التي تأسست بعد انهيار النازية عقب الحرب العالمية الثانية. ويتهم “مواطنو الرايخ” جمهورية ألمانيا الاتحادية – التي تأسست عام 1949- بأنها تأسست بصورة غير قانونية، ويعترف معظم المنتسبين للحركة بحدود ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، والتي تضم أجزاء من بولندا وفرنسا. ولا يعترف أعضاء الحركة بالمؤسسات والقوانين الألمانية، ويمتنعون عن دفع الضرائب أو الغرامات الحكومية أو الاستجابة للدعوات الموجهة من المحاكم والسلطات، ولا يحتفظ أعضاء الحركة بهوياتهم الرسمية أو جوازات سفرهم، ويحملون بدلاً عنها غالباً وثائق غير رسمية يطلقون عليها هوية مواطني الرايخ. وكانت وكالة “حماية الدستور”- المخابرات الداخلية الألمانية- حذرت قبل نحو أربعة اشهر من أن البلاد ينتظرها ما وصفته بخريف الغضب، بسبب تنامي المد اليميني المتطرف واستغلاله حالة الغضب العامة لارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة الوقود وانقطاع الغاز، بسبب تبعات الحرب الروسية- الأوكرانية ودعم برلين كييف في مواجهة موسكو. 

 

 

يسعى بوتين لاستعادة العالم السوفياتي، فيما تصرّ جماعة “مواطني الرايخ” على أن حدود الإمبراطورية الألمانية لعام 1937 أو 1871 لا تزال موجودة، وأن الدولة الحديثة نتاج الحلفاء. وتشير تقارير أمنية نشرتها الميديا الالمانية الى أن هذه الحركة أخذت تنمو وتتوسع خلال السنوات الماضية، بحيث وصل عدد أفرادها إلى حوالى 19000 عضو، بينهم 950 تم تصنيفهم متطرفين يمينيين، وما لا يقل عن 1000 لديهم ترخيص لامتلاك أسلحة نارية، ويشترك كثر منهم في الأيديولوجيات المعادية للسامية.

 

حذرت أجهزة المخابرات الألمانية من أن المتطرفين اليمينين بدأوا ينتقلون إلى اقتناء أراض، لإقامة قواعد لأنشطتهم وترسيخ أنفسهم في المجتمعات المحلية. وقال مسؤولون إن النازيين الجدد يبحثون عن أراض ومبان في المناطق الريفية من الولايات الشرقية. وذكرت أن المشترين يستخدمون العقارات ليستخدموها أماكن لإقامة الحفلات والمؤتمرات مع منكري المحرقة، وتدار المطاعم لكسب الأموال أو غسلها ولترسيخ النازيين الجدد في قلب المجتمعات، وفي بعض المواقع تجري تدريبات شبه عسكرية. 

 

اغتيالات

نفذ اليمين المتطرف في ألمانيا أول اغتيال سياسي في 2 حزيران/ يونيو 2019، وكان الضحية فالتر لوبكه، برصاصة مباشرة في رأسه أثناء وقوفه على شرفة منزله. ولوبكه هو عضو في “حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي” الحاكم والمسؤول الإداري عن منطقة كاسل الواقعة في ولاية هيسن في وسط ألمانيا. وعرف بدفاعه المستميت عن سياسة اللاجئين الخاصة بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل خلال جولات خاصة في البلدات الصغيرة في منطقته، حرص خلالها على تأكيد أن الترحيب بالمحتاجين واللاجئين يقع في صميم القيم الألمانية والمسيحية، وأن مَن يرفضون هذه القيم “هم مَن عليهم أن يغادروا البلاد وليس اللاجئين أو الأجانب”.

 

عام 2015 تعرَّضت رئيسة بلدية كولونيا هنرييت ريكر للطعن من عاطل من العمل أراد أن يُبدي احتجاجه على سياسة قبول اللاجئين في البلاد، ولاحقاً عام 2017 نجا أندرياس هولشتاين عمدة مدينة آلتينا في ولاية شمال الراين- ويستفاليا من محاولة للطعن بسبب سياسة اللاجئين أيضاً، ما يُسلِّط الضوء على مزاج شديد التطرُّف والخطورة يجتاح ألمانيا، وغالبا ما يُعزى لسياسات “ميركل” المنفتحة تجاه اللاجئين منذ عام 2015 .

 

وشهدت ألمانيا في أيلول/ سبتمبر 2019، محاكمة 8 أشخاص اتُّهِموا بتأسيس خلية نازية جديدة خططت لشنِّ هجمات على المهاجرين والسياسيين والصحافيين في دريسدن عاصمة ولاية ساكسونيا. وفي الشهر نفسه حاول مسلح اقتحام كنيس يهودي في مدينة هاله، وعلى رغم فشله في دخول المبنى، إلا إنه قتل رجلين على الأقل أثناء محاولة الاقتحام. 

 

 ارهاب اليسار المتطرف تحت المجهر

بدأت موجات العنف اليمني بالتكاثر وفقا لرأي الصحافي الالماني كريستوفر بيرينغ بعد توحيد ألمانيا عام 1989، مع تفكك نظام الحرب الباردة، ونشوء مرحلة جديدة شهدت تغييرات كبيرة في الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فمع انهيار اقتصاد ألمانيا الشرقية، ووصول معدلات البطالة إلى مستوى غير مسبوق، سادت حالة من الفوضى وغياب الأمن مع تدفُّق هائل للمهاجرين، وابدى الالمان الشرقيون مشاعر عدم ارتياح تجاه النظام الدستوري للجمهورية الاتحادية. وترك نقل عاصمة البلاد من مدينة بون إلى برلين ردود فعل بين رافض ومؤيد، من دون تجاهل أن هيمنة القيم الاجتماعية الحداثية والمفاهيم الاقتصادية الغربية تركت تأثيرات على المجتمع الألماني، حيث تفاقم الإحساس بالتهديد لدى الألمان الشرقيين بوجه خاص، ما دفعهم إلى تطوير إحساس متبادل بالتضامن القائم على “الهوية الألمانية” في مواجهة كل ما هو أجنبي.

 

 ولم يتأخر الوقت حتى وقعت واحدة من أسوأ الفظائع في تلك الفترة وبالتحديد عام 1992 مع تجمَّع حشد من اليمينيين المتطرفين في روستوك، مدينة صغيرة على ساحل البلطيق، أمام مبنى سكني يُقيم فيه عمال فيتناميون، وعلى مدار أيام متواصلة قام هؤلاء المتطرفون بمهاجمة المبنى بالحجارة وقنابل المولوتوف مرددين هتافات مثل “ألمانيا للألمان” و”اطردوا الأجانب”، وتطور الأمر الى احراق المبنى. 

 

أخطاء السلطة وسذاجة الديمقراطية

ضمت السلطة الالمانية عناصر من جهاز الامن النازي الى صفوف وكالة حماية الدستور( الاستخبارات الداخلية) والجيش الألماني في الخمسينات، وبذلك ارتكبت خطأ لكونها انتهكت أحد المبادئ التي تأسست على أساسها هذه القوات والاجهزة الامنية، وهو نبذ الإرث النازي وتجريمه. 

 

ويرى محللون أن هذه النزعات ظلت مكبوتة وتحت السيطرة حتى لحظة سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار جدار برلين، وتوحيد الألمانيتين، وتبلور عالم ما بعد الحرب الباردة.

 

لاحقاً، اضطرت السلطة الفيدرالية تحت تأثير الضغوط المتزايدة من منظمات المجتمع المدني المتوجسة من نضوج التوجُّهات اليمينية والعنصرية في المجتمع الألماني، إلى الالتفات إلى هذا الموضوع عام 2014، وذلك تزامناً مع موجة اليمين المتطرف التي اجتاحت أوروبا كلها، والتي كانت تمثل رد فعل على الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو، وعلى أزمة اللاجئين السوريين وتوافدهم على أوروبا، بخاصة مع قرار المستشارة الألمانية ميركل فتح الأبواب لاستقبال مئات آلاف اللاجئين الفارّين من الصراع الدموي على الأراضي السورية.

 

الشرق الاوسط والتشققات السياسية في أوروبا

ولعل أحد المحركات الرئيسة في تنامي نشاط اليمين المتطرف مجدداً، يتمثل في انتقال أثر الصراعات العرقية والدينية التي اندلعت في الشرق الأوسط إلى أوروبا، ومن ثم ظهور “داعش” في العراق وسوريا، التي أفرزت تجمعات مؤيدة وداعمة لها في أوروبا.

 

وفي هذه الفترة وصلت في الشوارع الى مدينة هامبورغ في تشرين الأول 2014 بين مؤيدي “الجماعات الجهادية” ومناصري الأكراد واليزيديين الذين كانوا يُنظِّمون تظاهرة تضامناً مع بلدة كوباني السورية المحاصرة. لم تمض إلا ساعات قليلة حتى التقطت مجموعة على “فيسبوك” هي “الأوروبيون ضد أسلمة الغرب”، هذا الحدث لتستخدمه لتمرير أفكارها وسياساتها المعادية للاجئين والمهاجرين وتحقيق مكاسب سياسية، ودعت الى النزول للشوارع لتوصيل رسالة احتجاج للسياسيين على ما وصفته بسياسات “الأسلمة وإهانة الوطنيين ووصفهم بالنازية لكونهم يدافعون عن بلادهم”. وخرج أنصار حركة “الأوروبيون المسالمون ضد أسلمة الغرب” (pegida) وهم يحملون ملصقات تصور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع نص مكتوب عليه “نحن قادمون يا أمي!”.

 

تشهد أوروبا جملة تهديدات، نظراً إلى التغيرات الحاصلة في المجتمعات الأوروبية في العقد الأخير وما احدثته من تشققات في جدار العلاقات المجتمعية ونشوء نزعات قومية متطرفة وشوفينية متصاعدة اوصلت ممثلين لها إلى برلمانات وحكومات هذه الدول، إضافة الى ما أحدثه العدوان الروسي على أوكرانيا من تجاذبات وصراعات وانقسامات حادة، وانهيارات اقتصادية واجتماعية. وهي ظواهر تتمدد وتنتشر بفعل الدعاية الروسية وحربها، وقد أصبحت تشكل أحد العوامل الفعالة في صياغة مسار الأحداث المستقبلية على الأصعدة كافة.

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.