25-11-2022
عالميات
|
الحرة
وتمر تونس منذ أشهر بأزمة سياسية عميقة، تتباين معها المواقف من المحطة الانتخابية القادمة ومدى قدرتها على إحداث انفراج سياسي بالبلاد؛ ففي الوقت الذي ترى فيه المعارضة أن هذه الانتخابات تفتقد لـ"المشروعية"، وستفرز برلمانا "منزوع الصلاحيات"، يذهب مؤيدو الرئيس، إلى اعتبارها "فرصة تاريخية" لتكريس "المسار الديمقراطي"، الذي بدأه سعيّد.
وتعد انتخابات 17 ديسمبر، التي تتزامن مع الذكرى الـ12 لاندلاع الثورة التونسية، الخطوة الأخيرة، في مسار "خارطة الطريق" التي دشنها الرئيس التونسي السنة الماضية، للخروج مما يصفه بـ"مرحلة الاستثناء".
وأقر الرئيس التونسي منذ 25 يوليو 2021، مجموعة من التدابير الاستثنائية، بدأها بإقالة حكومة هشام المشيشي، وتعويضها بأخرى وحل مجلسي القضاء والبرلمان ثم وضع دستور جديد، قبل الإعلان عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة الشهر القادم، ولقيت هذه القرارات انتقادات واسعة طرف المعارضة التي تعتبرها "انقلابا على ثورة الياسمين".
ويتنافس في الانتخابات المقبلة، 1055 مرشح للفوز بمقعد في المجلس النيابي، المكون من 161 مقعدا، بحسب القانون الانتخابي الجديد، الذي جاء بمجموعة من المستجدات، أبرزها، اعتماد نمط التصويت الفردي بدل القوائم الحزبية، واعتماد تقسيم ترابي جديد يقوم على دوائر انتخابية عوض الولايات ـ المحافظات.
عن انتظارات التونسيين من الانتخابات التشريعية المقبلة، يقول المحلل السياسي، بلحسن اليحياوي، إنهم يبحثون عن تغيير المشهد السياسي الحالي، غير أنه يلفت إلى أن العزوف الانتخابي، كان السمة الأبرز للمحطات الانتخابية السابقة، بالتالي تطرح تساؤلات عن حجم المشاركة المنتظرة في هذه الانتخابات، خاصة وأنها تتزامن مع وضع سياسي خاص.
ويبرز المحلل التونسي في تصريح لموقع "الحرة"، أن انتخابات 17 ديسمبر، تأتي في "سياق مشحون"، تطبعه معارضة قوية من كتلة سياسية تجمع تقريبا جل الطيف السياسي الحزبي، وتطعن في "المسار ككل"، وتصف ما يجري، منذ شهر يوليو الماضي بـ"الانقلاب".
ويشير بلحسن الحسناوي، إلى أن هذه الأطراف السياسية، تقاطع هذه الاستحقاقات الانتخابية، وتشكك في مشروعيتها، الأمر الذي يبقى بحسبه، "مفهوما"، حيث سحبت المتغيرات الجديدة "البساط من تحت أقدامها".
ويرهن المتحدث ذاته، نجاح المحطة الانتخابية المقبلة، بحجم المشاركة وأعداد المصوتين، متوقعا أن تشارك "نصف الكتلة الناخبة النشطة، وهو الأمر الذي يبدو كافيا"، من أجل القول بأنها "ناجحة"، بغض النظر عن المشهد السياسي أو البرلماني الذي ستفرزه.
من جانبه، يقول مدير قسم القانون العام في كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، الزكراوي الصغير، إن هذه الانتخابات "لا تشكل حدثا يهم للتونسيين وتوجد ضمن آخر اهتماماتهم"، مبرزا أن المواطن التونسي، "منكب على مواجهة مشاكله الاقتصادية المتراكمة مع نقص المواد الأولية وارتفاع أسعار المحروقات، وغلاء المعيشة".
وتشهد تونس أزمة اقتصادية متواصلة منذ سنوات تفاقمت إثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة كوفيد-19.
ويتوقع أستاذ العلوم السياسية في تصريح لموقع "الحرة"، أن تمر الانتخابات بـ"شكل باهت"، وذلك على خلفية إعلان مجموعة من الأحزاب والأطراف السياسية مقاطعتها، موضحا، أن المواطن نفسه، "إذا لم يقاطع فهو غير مهتم بها"، مؤكدا أن هذه "التشريعيات ستعرف نسبة مشاركة هزيلة، وستضعف مشروعية المجلس المنتخب".
وينتقد الزكراوي، تركز مختلف الصلاحيات في يدي الرئيس قيس سعيد، متسائلا باستنكار عن "جدوى التصويت على مجلس بدون أدوار سياسية ولا صلاحيات".
وتتهم المعارضة، ولا سيما حزب النهضة، ومنظمات حقوقية، الرئيس التونسي بإقرار دستور مفصل على مقاسه وبممارسة تصفية حسابات سياسية ضد معارضيه عبر توظيف مؤسسات الدولة والقضاء، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وفي سياق متصل، يرى المتحدث ذاته، أن قانون الانتخابات الجديد، يكشف عن أخطاء وثغرات "مميتة"، باعتبار أن نمط الاقتراع الفردي، يغيّب أدوار الأحزاب، مشيرا إلى أن هذا الخيار، يوضح "توجه الرئاسة لتصفية الحسابات مع مؤسسات الوساطة، بداية من الأحزاب ووصولا إلى النقابات ووسائل الإعلام".
وفي رصده لأمثلة عن "الثغرات" التي تشوب قانون الانتخابات، يوضح، أستاذ العلوم السياسية التونسي، أن "10 نواب جرى انتخابهم حتى قبل إجراء الانتخابات، باعتبارهم المرشحين الوحيدين في دوائرهم، كما أن سبع دوائر بالخارج بدون مترشحين،وغيرها الكثير من الثغرات القانونية التي ستجعل هذه الانتخابات أضحوكة في العالم".
ويختم المتحدث تصريحه، بالإشارة إلى أن المسار الذي رسمه الرئيس قيس سعيد "بعد قراراته الأخيرة ودستوره وقوانينه، ليس مسار التونسيين، بل مجرد مغامرة فردية يخوضها لوحده".
بالمقابل، يقول القيادي في حزب التيار الشعبي، جمال مارس، إن المحطة الانتخابية القادمة، تمثل "فرصة تاريخية" للتونسيين، لإحداث نقلة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة عبر "القطع مع الأصولية والانتهازية التي كانت تسيطر على تونس ما قبل 2011 وممارسات العقد الماضي، التي سيطر عليها تجار الدين المتحالفين مع بارونات الريع الاقتصادي".
ووسط غياب شبه كلي للأحزاب التي كانت ممثلة في البرلمان السابق، يعد ائتلاف "لينتصر الشعب" وحراك 25 يوليو وحركة الشعب، أبرز القوى السياسية المشاركة في الانتخابات المقبلة.
ويبرز القيادي بحزب التيار الشعبي، العضو بائتلاف "لينتصر الشعب"، أن التونسيين ينشدون من خلال الانتخابات القادمة، تشكيل تمثيلية واسعة "تعبر عن الإرادة الحقيقية لمختلف فئات الشعب التونسي، وتضمن الانتقال نحو منوال تنموي بديل، يكرس سيادة الدولة والشعب في نفس الوقت ويحد من التبعية الاقتصادية والمالية للخارج".
وبشأن الظروف التي تجري فيها الاستعدادات لتنظيم الانتخابات، يصف المتحدث ذاته، هذه الفترة بـ"المختلفة" عن سابقاتها، موضحا أن المناخ العام "طيب وملائم من حيث مجال ممارسة الحريات العامة وحيادية وسائل الاعلام العامة والخاصة التي تبقى مفتوحة لجميع الاطراف والتعبيرات السياسية".
ويبرز مارس، في تصريح لموقع "الحرة"،أن النظام الانتخابي الجديد القائم على التصويت على الأفراد في دورتين وشروط الترشح الجديدة، "انعكس على عدد المترشحين ونوعيتهم، وعلى طبيعة التحالفات السياسية رغم المقاطعة المعلنة من الأحزاب والتيارات السياسية التي تعادي مسار 25 جويلية"، مشيرا إلى أن هذه العوامل "قلصت حدة التنافس وجعلت استعدادات المترشحين تتم بسهولة أكبر وبتكاليف أقل".
ويلفت القيادي السياسي، إلى أن النقطة السوداء الوحيدة، تبقى "أخطاء وزلات" الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، على مستوى الإجراءات التنظيمية ما يستدعي بحسبه "ضرورة مراجعة تركيبة وتنظيم هذا الهيكل مباشرة بعد الموعد الانتخابي القادم".
أخبار ذات صلة
محليات
مولوي يلتقي الرئيس التونسي
أبرز الأخبار