30-10-2022
محليات
بات الفراغ الرئاسي قدرا محتما عشية خروج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قصر بعبدا.
ويتزامن هذا الفراغ مع معضلة عدم قدرة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على تشكيل حكومة قبل إنتهاء العهد، بالتعاون مع الرئيس عون، كما ينص الدستور.
وبسبب وقوع البلاد في الفراغين الرئاسي والحكومي، بدأ رئيس مجلس النواب نبيه بري يعد العدة لتوجيه الدعوات لجميع الكتل النيابية، لعقد طاولة حوار لمحاولة الوصول الى اتفاق على رئيس توافقي يجنب البلاد آتون الخراب والدمار.
وهنا تطرح العديد من الإشكاليات، منها: ما هو مصير البلاد في حال دخلنا بالفراغ الرئاسي والحكومي في آن معا؟ وما هي صلاحيات حكومة تصريف الأعمال؟ وهل المجلس النيابي له الحق بالتشريع؟ هل صحيح ما يقال عن ميقاتي إنه يستطيع ان يستلم صلاحيات الرئيس، ووفق أي مادة؟
ضمن هذا السياق، لفت الباحث السياسي جوزيف مقدسي في حديث خاص لموقع "الديار" الى أنه "بعد إتفاق الطائف انتقلت صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعا، وليس الى رئيس الحكومة كما يشير البعض، لأن الوزراء تم تعيينهم بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين حسب الاتفاق".
وأكّد أن "حكومة تصريف الأعمال لا يحق لها إصدار قوانين جديدة، وذلك بحسب الدستور، وبالتالي يصبح كل عملها يقتصر على تصريف الأعمال فقط لا غير، إلى حين تشكيل حكومة جديدة".
وشدد مقدسي على أن " الحلول المعتمدة في لبنان دائما تكون توافقية من دون الرجوع إلى الدستور والقوانين، بسبب انحياز القادة السياسيين الى انتمائهم الطائفي"، لافتا إلى "أنهم يتكلمون دوما عن الدستور والقوانين والسير حسب ما هو منصوص بداخلها، لكن في الاخير لا تتم الحلول الا بالتوافق".
ولفت إلى أن "الدستور قام بتحديد المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، فلو إنسحب الوزراء الشيعة أو السنة، فان الحكومة تبقى مستمرة، لكن إذا إنسحبوا كلهم، فإن الحكومة تفقد شرعيتها الوطنية، والأمر ذاته ينطبق على المسيحيين، فعلى سبيل المثال لو إنسحب وزراء التيار الوطني الحر منها تكمل عملها بشكل قانوني، لأن التيار لا يستحوذ على كل الوزراء المسيحيين، بالتالي لا تناقض العيش المشترك والميثاق الوطني".
وأكد مقدسي أن "إتفاق الطائف قام بإصلاح العديد من الأمور من خلال مساهمته بالمساواة بين جميع الطوائف، بينما قبله كانت المارونية السياسية تتحكم بمقاليد الحكم من دون الرجوع إلى أحد. متسائلا أين العدل في ذلك؟".
أما في ما يخص مجلس النواب فقد شدد على أنه "سلطة تشريعية يحق لها تشريع القوانين لو لم يكن رئيس للجمهورية موجوداً، لأنه مجلس منتخب من قبل الشعب وشرعي".
وأشار إلى أنه "لا يوجد مادة في الدستور تقول إن صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل إلى مجلس النواب بل إلى مجلس الوزراء مجتمعا".
ولفت مقدسي إلى أن "هناك أموراً مصيرية تستطيع حكومة تصريف الأعمال القيام بها مستندة إلى مجلس النواب، فلذلك الرئيس نبيه بري قوي في هذه الحالة، بالتالي ستصبح سلطة بري أقوى بسبب عدم وجود رئيس للبلاد وحكومة جديدة".
وأضاف أن الدولار الجمركي سيطبق على رغم عدم وجود رئيس للجمهورية ولا حتى رئيس حكومة".
وحول الفراغ الحكومي والرئاسي في آن معا، اعتبر أن "ملف تشكيل حكومة لن يبت في حال لم يتم إنتخاب رئيس للجمهورية لأنها بحاجة إلى توقيعه"، مشيرا إلى أن البلاد وقعت في الفراغ الرئاسي لأن الرئيس إنتهت ولايته".
مرقص: مرسوم استقالة الحكومي إعلاني وليس انشائياً
من جهته، أوضح رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص في حديث خاص لموقع "الديار" أنه "بموجب المادة ٦٢ من الدستور تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء وكالة".
وأضاف: "من المألوف والمُتعارف عليه دستوريّاً، وهو الأمر الذي ارتقى إلى مستوى العُرف الدستوري، بأن يقوم رئيس الجمهورية في كلّ مرة تستقيل فيها الحكومة أو تُعتبر مُستقيلة مع استحقاقات معينة كبدء ولاية مجلس النواب كما هي حالتنا الراهنة، أن يَعمد الرئيس إلى تكليف رئيس للحكومة بناءً على استشارات نيابية مُلزمة وفق دستور ما بعد الطائف، وبالتالي، وبعد الإتفاق على الحكومة، فإنه يوقّع 3 مراسيم، 2 منها يُوقّعها الرئيس مُنفرداً بمقتضى المادة 54 من الدستور وهي مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء الجديد ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة".
وتابع: "انّ المطروح حالياً هو أنْ يقوم رئيس الجمهورية، ومن دون التوصل إلى اتفاقٍ على الحكومة الجديدة بينه وبين رئيس الحكومة المُكلّف، بإصدار مرسوم اعتبار الحكومة مُستقيلةً فقط، من دون صدور المرسومين الآخرين، تكريساً لواقع أن الحكومة الحالية أصبحت مستقيلةً بفعل بدء ولاية مجلس النواب الجديد. صدور هذا المرسوم بمفرده من دون المرسومين الآخرين، وإن كان من شأنه ترك إرباكٍ سياسي، إلّا أنّه لن يُغيّر من المُعطى الدستوري، إذ أنّ مرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلةً كما هو الواقع الحالي مع بدء ولاية مجلس النواب حيث تُعتبر مستقيلة وفق المادة ٦٩ من الدستور، هو مُعطى دستوري حُكمي، وبالتالي فإن هذا المرسوم لا يُعتبر مرسوماً إنشائياً constitutif بل إنه مرسومٌ إعلانيdeclaratif، تنحصر مفاعيله باعلان المُعطى الدستوري المتمثل باعتبار الحكومة مستقيلةً أصلاً، ولذلك فإن الرئيس عون وإن ذهب الى هذا الخيار فلن يكون لهذا الخيار مفعولًا دستورياً بذاته بل سيكون له مفعولاً سياسياً يستعمله السياسيون المعارضون لفكرة انتقال صلاحيات رئيس الجمهوية بعد الشغور إلى حكومة تصريف أعمال عملاً بالمادة 62 من الدستور، والتي يُفسرّونها على النحو المعطّل لإنتقال الصلاحيات لذلك نتوقع أن يترك الأمر مجالاً لتدعيم وجهة النظر السياسية هذه أكثر منه استحداث معطى دستوري جديد".
وختم: "أخيراً، نطمئن بالحد الأدنى أن ثمة قاعدة تحكم عدم الفراغ في الحكم، ألا وهي استمرار عمل المرفق العام الدستوري بمعنى أن لا انقطاع في الحكم. جلّ ما في الأمر أن السلطة الآفلة وهي هنا الحكومة، عليها التزام الحد الأدنى من أعمال الحكم الضرورية لتسليم الشرعية إلى من يخلفها، ليس إلاّ".
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
عون: حذّرتُ حزب الله وخائف عليه
أبرز الأخبار