05-10-2022
مقالات مختارة
|
اينوما
وائل الزين
صحافي
لتت أوساط سياسيّة إلى أن المضحك المبكي في البلاد مؤخراً هو استسهال تسويق النظريات اياً تكن هذه النظريّة من دون مقاربتها منطقياً من قبل الناس، بحيث يطل أحد المدعين والمنظرين بنظرية من إبداعات خيال مصالحه الشخصيّة الواسع ليأخذها الناس كما هي من دون البحث في طياتها، وعلى سبيل المثال اليوم نظريّة "الرئيس من خارج الإصطفافات" كما نظرية "الرئيس غير الاستفزازي" كما سابقاً نظريّة "كلّن يعني كلّن".
وشددت الأوساط على أن مبتدعي نظريّة "الرئيس من خارج الإصطفافات" لم يحددوا يوماً ولن يحددوا ماذا يعنون بالكلمة الجوهريّة في هذه النظريّة وهي "الإصطفافات"، فالخلافات ما بين الأفرقاء السياسيين أو لنقل المعسكرين السياسيين في البلاد توزع ما بين خلافات استراتيجيّة كبيرة وأخرى على طريقة إدارة الدولة وبعض الخلافات التكتيّة الصغيرة. وإذا ما أخذنا كل مستوى من هذه الخلافات على حدة نجد أنه على المستوى الإستراتيجي الخلاف هو:
• أولاً على سيادة الدولة:
- معسكر يطالب بحصر القوّة القاهرة (أي السلاح) في يد الدولة متمثلة بالقوى العسكريّة والأمنيّة الشرعيّة وآخر ينادي بثلاثيّة "الشعب والجيش والمقاومة".
- معسكر ينادي بحصر قرار السلم والحرب بين الدولة وآخر ينادي بحق الشعب في المقاومة.
• ثانياً، على انتماء لبنان:
- معسكر ينادي بأن لبنان دولة مؤسسة في جامعة الدولة العربيّة ويجب ألا يخرج على الوحدة العربيّة ويحافظ على أحسن العلاقات مع أشقائه العرب، ومعسكر آخر جل ما يقوم به هو مهاجمة الأشقاء العرب والدول العربيّة والتدخل عسكرياً في أزمات هذه الدول وتهديد أمن الدول العربيّة الأخرى لإعتباره أنه منتمٍ إلى محور الممانعة أي تابعاً لإيران.
- معسكر ينادي بحسن علاقات لبنان مع الدول الغربيّة والمجتمع الدولي وبقائه تحت الشرعيّة الدوليّة ومعسكر آخر يعتبر أن دول الغرب هي الشيطان الأكبر وعلينا قطع كل علاقاتنا بها والخروج من تحت مظلة الشرعيّة الدوليّة.
• ثالثاً، على وجه لبنان وصورته:
- معسكر ينادي بلبنان سويسرا الشرق والسياحة والإزدهار والعمران والتطور والريادة، ومعسكر آخر يتكلم عن شواطئ جونية وينادي بالتوجه شرقاً وتحويل لبنان إلى صورة مصغّرة عن إيران وفي باطنيته يريد لبنان دولة إسلاميّة من ضمن مشروع تصدير الثورة الإسلاميّة في إيران.
وتابعت الأوساط هذا فقط على المستوى الإستراتيجي، أما بالنسبة لطريقة إدارة الدولة، فمعسكر أدار الدولة على الطريقة التي أدارها بها ووصلنا إلى ما وصلنا إليه ومعسكر آخر يريد تطبيق الإصلاحات والقوانين على جميع اللبنانيين ومكافحة الفساد وسوء استخدام السلطة وتقوية الإدارات الرسميّة اللبنانيّة وإقفال المعابر غير الشرعيّة وإصلاح الكهرباء وإلخ...
وتساءلت الأوساط: كيف لنا أن نأتي برئيس من خارج الإصطفافات؟ ماذا سيكون موقفه من كل ما تقدّم؟ كيف يكون خارج الإصطفاف في موضوع السيادة؟ كيف يكون خارج الإصطفاف في حسن إدارة الدولة؟ ولفتت الأوساط إلى أن ما يسعى إليه هؤلاء واضح تماماً وقد أطعموا الناس سم الشعار إلا أن ما يعنوه بـ"رئيس من خارج الإصطفافات" هو أن يكون رئيس "فرينكشتاين سياسي" أي يتم تركيبه من بقايا أعضاء عدّة شخصيات سياسيّة من مختلف الإنتماءات، فيكون سيادياً في مكان وغير سيادي في آخر، مع بناء الدولة القويّة في قضيّة ومتساهلاً في التعدي على مؤسساتها في مكان آخر. أي بصريح العبارة أن يتم الإتيان برئيس شكله الخارجي إصلاحي وسيادي إلا أنه قبل مجيئه يكون قد أبرم اتفاقاً مع الشيطان "Pact with the devil" أي حزب الله، قوامه أن يتم إعطاء الحزب نقطة في موضع الإشكاليّة السيادية وأخذ نقطة منه في موضوع إدارة الدولة أي العودة إلى تجربة "الترويكا" ونظم الحكم السابقة في لبنان، وهنا يعني إعادة تجربة الطبقة السياسيّة التي يقوم هؤلاء أصحاب هذا الشعار أنفسهم بهجائهم عبر شعار "كلن يعني كلّن" وهنا ينضوي هؤلاء مباشرةً تحت هذا الشعار.
أما بالنسبة، لشعار الرئيس الإستفزازي، فقد أوضحت الأوساط إلى أن هذه النظريّة مضحكة تماماً وكأن رئيس مجلس النواب اليوم هو المهاتما غاندي، ونائبه مارتن لوثر كينغ وأمين سرّه هو نيلسون مانديلا. أوليست هذه شخصيات استفزازياً لأكثريّة الشعب اللبناني؟ فلماذا عند انتخاب رئيس الجمهوريّة يصبح هذا الأمر هاجساً للبعض وأبغض الحلال للبعض الآخر؟
وختمت الأوساط، علينا جميعاً أن نجلس أصحاب هذه النظريات في مناظرة شعبيّة ونسألهم سؤال بالسؤال عن جميع المسائل الخلافية ما بين المعسكرين وعندها سنجد أن جل ما يريدونه من طرح هذه الشعارات هو فقط إرساء السباق على حصان أسود يريدون إيصاله لمصالح لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالمصلحة الوطنيّة العليا.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار