يعتبر البعض أن المسار الذي رسمه سعيد بدأ بالاستشارة الوطنية ثم الحوار الوطني وانتهى إلى دستور جديد وكان واضحاً منذ بدايته (أ ف ب)
تترقب النخب السياسية في تونس مضمون القانون الانتخابي الذي سينظم الانتخابات المقبلة التي لم تعد تفصلنا عنها سوى أقل من 4 أشهر، وانقسمت مواقف مكونات المجتمع المدني والسياسي بين مَن يرى أن هذا القانون الانتخابي الذي سيحدد شكل المرحلة السياسية المقبلة، لم يكن نتاج نقاش عمومي، ولم تشارك في صياغة محتواه مكونات المجتمع المدني والمجتمع السياسي، ومن يعتبر أن المسار الذي رسمه رئيس الجمهورية، قيس سعيد، بدأ بالاستشارة الوطنية ثم الحوار الوطني وانتهى إلى دستور جديد، وكان واضحاً منذ بدايته.
التعجيل بإصدار القانون الانتخابي
ورأى الناطق الرسمي باسم "التيار الشعبي"، محسن النابتي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "المدة القانونية لإصدار القانون الانتخابي هي 3 أشهر قبل موعد الاقتراع"، لافتاً إلى أنه "من المنتظر أن يصدر ذلك القانون قبل 17 سبتمبر (أيلول) الحالي".
ودعا النابتي الرئيس سعيد إلى "التعجيل بإصدار القانون الانتخابي حتى تتمكن هيئة الانتخابات والأحزاب من المشاركة والاستعداد الجيد لهذا الاستحقاق".
وشدّد الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي أن "الرئيس وضع روزنامة المسار الذي بدأه بالاستشارة الإلكترونية الشعبية، ثم الاستفتاء على دستور جديد للجمهورية ، ثم المصادقة على الدستور، وحدد هذا المسار التوجهات الكبرى للإصلاحات السياسية، بما فيها القانون الانتخابي". واعتبر النابتي أن "الاستشارة كانت حواراً وطنياً شعبياً مفتوحاً، تم تضمينها في توطئة الدستور الجديد، ورئيس الجمهورية ملزَم بتنفيذ هذا المسار".
وأشار النابتي إلى أن "الجهات السياسية المعارِضة لقيس سعيد، أقصت نفسها من المشاركة السياسية، وهاجمت الاستشارة، ومَن شارك فيها، من مختلف الشرائح، ولم تقدّم مقترحات عملية وبقيت مرتبطة بسياق ما قبل 25 يوليو (تموز) 2021، الذي أفرز ديمقراطية شكلية تقوم على التوافقات الهشة والمحاصصة السياسية". وطالب الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، الرئيس التونسي بـ"الالتزام بمخرجات الاستشارة الإلكترونية الشعبية، وما ورد في الدستور"، مشدداً على ضرورة أن "يكون الترشح لعضوية البرلمان، وفق شروط صارمة، حتى لا يتم اختراق المجلس النيابي من قبل المهربين والمنتمين للجماعات الإرهابية، ويُفسح المجال للمال السياسي، والتمويل الخارجي"، داعياً إلى "تنقية المناخ الانتخابي من أجل نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها".
هيئة الانتخابات جاهزة
من جهته، اعتبر عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الهيئة تعتمد التاريخ المعلَن للانتخابات التشريعية وهو يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022، بانتظار صدور الأمر الرئاسي الرسمي الذي يدعو الناخبين للاقتراع، وهي جاهزة لهذا الموعد". وأضاف المنصري أن "الهيئة ترى ضرورة في دعوة الناخبين إلى الاقتراع وصدور القانون الانتخابي في 17 سبتمبر الحالي، من دون تجاوز هذا التاريخ، حفاظاً على المسار الطبيعي للفترة الانتخابية".
وقال المنصري، إن "الإدارة المركزية للهيئة عملت على ملف الانتخابات، وأعدت كل المقترحات، وهي تنتظر لقاء رئيس الجمهورية في الأيام القليلة المقبلة لحسم كل ما يتعلق بهذا الاستحقاق".
قانون انتخابي على مقاس الرئيس
في المقابل، انتقد الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، "صياغة سعيد بمفرده القانون الانتخابي الذي يسعى إلى إضعاف الأحزاب"، معتبراً أن "كل السلطات تتمحور حول شخص واحد". وأضاف الشابي، أن "الانتخابات ستكون على قياس رئيس الجمهورية، ولن تعكس التعددية السائدة اليوم في المشهد السياسي".
احترام مهلة الـ6 أشهر
كما انتقد رئيس جمعية عتيد لمراقبة الانتخابات (منظمة رقابية)، بسام معطر، "غياب نقاش عمومي حول القانون الانتخابي الجديد"، مؤكداً "أهمية الحوار والنقاش حول تغيير نظام الاقتراع والدوائر الانتخابية نظراً لدورهما في تحديد نتيجة الانتخابات المقبلة". وأضاف معطر، أن "الممارسات الفضلى في الانتخابات، تتطلب على الأقل احترام مهلة الـ6 أشهر لتغيير القوانين، بينما لم يعد يفصلنا سوى أقل من أربعة أشهر على موعد الانتخابات، وهو ما يتطلب الإسراع في توضيح الرؤية للحفاظ على الحد الأدنى من المعايير الفضلى"، معتبراً تاريخ 17 سبتمبر الحالي "هو الخط الأحمر الذي لا يجب تجاوزه".
في السياق، أكدت رجاء جبري، رئيسة "شبكة مراقبون" (منظمة رقابية)، أن المنظمة التي تنتمي إليها ومنظمات أخرى عدة من المجتمع المدني، قدمت اقتراحات خصوصاً بمشروع القانون الانتخابي إلا أنه لا توجد أي مؤشرات جدية لإمكانية إجراء نقاش ثري، واعتماد مسار تشاركي، لصياغة مشروع القانون الانتخابي الجديد".
ودعت الجبري إلى "إصدار القانون الانتخابي والتعرف على مضمونه، ونظام الاقتراع، وشروط الترشح، وجميع شروط اللعبة الانتخابية، قبل دعوة الناخبين للاقتراع".
يُذكر في هذا الإطار، أن هناك شروطاً موضوعية تجعل من الانتخابات في تونس تستجيب للمعايير الدولية، من بينها حق المشاركة، وحرية الرأي والتعبير، ووجود هيئة مستقلة للانتخابات، علاوة على فسح المجال لمراقبة العملية الانتخابية. لكن بالنظر إلى حالة الانقسام في المشهد السياسي في تونس، تتباين تقييمات النخب السياسية لمدى استجابة الانتخابات المقبلة لجملة هذه الشروط