28-07-2022
محليات
|
المركزية
في اعقاب الجلسة النيابية التشريعية امس الاول قال النائب وضاح الصادق "أن كل ما نناقش في الجلسة التشريعية هو مجرّد ترقيع في سفينة تغرق، مشيرًا إلى أن كل بلد يتعرض لانهيار اقتصادي يبدأ عملية الإنقاذ بخطة اقتصادية ثم موازنة منبثقة من الخطة لنصل الى إقرار قوانين بالتفصيل. حكوماتنا تعمل بالعكس".
لعل كلام النائب الحديث العهد في الحياة البرلمانية، يشكل ابلغ دليل الى كيفية التعاطي الحكومي العشوائي مع الملفات الحسّاسة والتخبط في الملفات والازمات، من دون رسم خريطة طريقة واضحة تؤدي في نهايتها الى الانقاذ المطلوب بإلحاح، وللمفارقة، فبعض الخارج يبدو حريصا عليه اكثر من المسؤولين اللبنانيين انفسهم.
يكاد واقع الحال هذا ينطبق اكثر ما ينطبق على طريقة تعاطي الحكومة مع القطاع المصرفي الذي تم تحميله اوزار الازمات قاطبة ،فيما هو اولى الضحايا، تماما مثل المودعين الذين اوهمتهم المنظومة الحاكمة ان المصارف ابتلعت ودائعهم والحقيقة ان من شفط مال الناس والمصارف هي السلطة السياسية التي استدانت تحت ذرائع مختلفة عشرات مليارات الدولارات قبل ان تلطخ سمعة لبنان المصرفية بلوثة التمنّع عن سداد اليوروبند الذي تلاحق لعنته اللبنانيين حتى يوم القيامة.
واكثر، وفي مسار الطلاق المعلن بين العهد والقطاع المصرفي في محاولة لتطويعه، والى جانب الحرب المفتوحة على مصرف لبنان وحاكمه، ذهبت الحكومة الى وضع خطة التعافي من دون ان تشاور او تستشير جمعية المصارف وهي ركن اساسي في سيبة الخطة هذه، فهمشتها ولم تكلف نفسها عناء اطلاعها عليها او على الاقل على الجزء المتصل بالقطاع المصرفي، وسط استهجان عبرت عنه الجمعية في بيانها امس الاول. وفي السياق، تسأل مصادر مصرفية عبر "المركزية" كيف لعملية النهوض الاقتصادي ان تنطلق من دون قطاع مصرفي قوي، والمعروف انه عصب الاقتصاد، لا سيما لجهة حركة التسليف التي تسهم في شكل كبير في تحريك عجلته من خلال تمويل المشاريع الانتاجية الصغيرة منها والكبيرة؟ وكيف للبلاد ان تستعيد عافيتها في ظل خطة وُضعت بسيبة عرجاء، اذ بعدما وُعدت المصارف بان خطة الانقاذ ستكون بالتشاور والتنسيق بين الحكومة والمصرف المركزي وجمعية المصارف، تبين لاحقا ان احدا لم يشاورها وان ما تتضمنه الخطة مضر بالمصارف وبلبنان واقتصاده، فالبلد الذي كان خزنة العرب وملجأ رؤوس الاموال الضخمة بفعل تمتعه بالسرية المصرفية المقوننة التي رفدت خزينة الدولة بأموال طائلة اسهمت في انتعاش البلاد وازدهارها اقتصاديا على مدى عقود، يصدر في حقها اليوم حكم اعدام من خلال محاولة تقليصها وحصرها بخمسة مصارف ؟ فهل المطلوب انعاش القطاع واعادة هيكلته بطريقة منطقية تسهم في نهضته ام الانتقام منه وخنقه ليلفظ انفاسه الاخيرة بعد موجة الضغط الشعبي التي تعرض لها وصولا الى الاعتداءات الجسدية والخسائر المادية التي لحقت به؟
اذا كان المطلوب، تضيف المصادر، اعادة النهوض بالقطاع فالطريق واضح ومعروف، يبدأ اولا بالحفاظ على السرية المصرفية بضوابط وقوانين بحيث ترفع عمن توجه اليه تهمة او يطلب القضاء رفعها، ثم تشريع قوانين تحمي المصارف المُسلِفة والمودعين في آن ، والاهم الاهم دعوتها الى التنسيق والتعاون في وضع خطة تعاف انقاذية تنصف المودعين والمصارف والدولة في آن، فلا تكون فئة على حساب آخرى ولا يهمّش قطاع ويجهّل لمصلحة آخر او لكيدية سياسية، على غرار ما يحصل اليوم. فإما ان تتعاون الحكومة مع القطاع المصرفي لانقاذ البلاد من الانهيار، او انها عن عمد تستهدفه للقضاء عليه كما قضت المنظومة على كل القطاعات الحصينة في البلاد...وآنذاك على لبنان السلام.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار