21-07-2022
إقتصاد
|
الأخبار
محمد وهبه
محمد وهبه
عملياً، كانت هذه الخطّة مدعومة بأمرين: الأول هو أن التيار الوطني الحرّ سيضع ثقله في مواجهة السلطة لكسر النمط، والثاني هو أنه كان لدى الروابط هامش من الحريّة التي تسمح بممارسة الضغط ولم تكن أسيرة السلطة وأحد أجنحتها بعد. انتهت المعركة بهذا «الخدش» البسيط في تموز عام 2017 بعدما سقط التيار والروابط في براثن السلطة.
لهذه الأسباب الموضوعية، لا يمكن أن نتوقع أن تصبح الروابط قائدة لمعركة الإضراب المفتوح، وللأسباب هذه لم يكن باستطاعتها أن تقدّم أي اقتراح. فهي إلى جانب كونها تمثّل القوى التي يفترض أن يواجهها الموظفون في معركتهم، فإنها فاقدة للشرعية التمثيلية أيضاً. وهو الأمر الذي سهّل سعي المديرين من الفئة الأولى والثانية في الإدارات العامة للاستيلاء على نفوذ الروابط والادعاء بأنهم يمثّلون مصالح العاملين في القطاع العام. وهذه الفئة ستجتمع اليوم، للمرّة الثانية، مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإقناعه ببعض الاقتراحات التي ستصبّ غالبيتها لمصلحتهم الشخصية. وهي تحاول إثارة مسألة أساسية وهي أنها تعادل القضاة في الموقع الوظيفي وإن كانت ليست سلطة قائمة بحدّ ذاتها كما هي حال القضاة. وعلى هذا الأساس تطالب بمنح المديرين الحلّ الذي أعطي للقضاة، أي تحويل رواتبهم على أساس سعر صرف يبلغ 8000 ليرة بعد تحويل أصل الراتب إلى دولار على سعر صرف يبلغ 1500 ليرة.
الروابط تمثّل القوى التي يفترض أن يواجهها الموظفون
بين الإضراب المفتوح، والحلول بتحويل الرواتب على سعر صرف جديد مضروباً بخمسة أضعاف، أو تصحيحها من خلال زيادة الاعتمادات في الموازنة مقابل زيادة الضرائب... كلها حلول سيئة بمفاعيل تضخمية لما هو أسوأ؛ إذ إن هناك تقديرات تشير إلى أن الامتناع عن تصحيح الأجور وعدم منع الموظفين من الاستقالة المبكرة سيدفع أكثر من 30% منهم إلى الهروب من الوظيفة العامة، وهؤلاء من أصحاب الكفاءات والخبرة الذين لديهم القدرة على العمل في الخارج، ويعملون في وظائف عدة منها عسكري وأمني، ومنها إداري ومنها تقني وفني... ففي ظل طروحات كهذه ليست مبنية إلا على مقاربة ضمن الـ«صندوق» نفسه الذي اعتمدته السلطة سابقاً لإدارة النمط الاقتصادي، أو تعتمده حالياً لإدارة الأزمة التي وقع فيها هذا النمط، لن يحصل «خدش» واحد، بل مزيد من التحلّل وتفكّك في البنية المؤسسية للقطاع العام، إلى جانب كلفة باهظة ستدفعها الفئات الاجتماعية التي كانت وسطى، والفئات الفقيرة والمهمشة والأكثر فقراً، لتمويل خسائر المصارف، ولتمويل الجهل في إدارة الأزمة أيضاً. حتى الآن، لا يوجد حلّ خارج تلك الخطّة التي كان ينفّذها شربل نحاس، أي الخطّة القائمة على «الأجر الاجتماعي» الذي يتمثّل في التغطية الصحية الشاملة المجانية والممولة بالضريبة، والتعليم الأساسي المجاني، ونقل عام مجاني أو شبه مجاني أيضاً. رفع هذه الأكلاف عن أجور الأسر لن يخلق تضخماً في الأسعار تؤدي إليه الخيارات الأخرى المتاحة، بل سيتيح إدارة الأزمة نحو أكثر من «خدش» في النمط. خارج ذلك، فإن تفكك المؤسسات لن يخلق الفوضى فحسب، بل سيتيح لقلّة من الأثرياء الاستيلاء على الأملاك العامة بثمن بخس، وشراء ولاءات من لم يهاجر بعد بثمن بخس أيضاً.
أخبار ذات صلة
محليات
إضرابٌ لعمال كهرباء لبنان
أبرز الأخبار