28-06-2022
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
الان سركيس
الان سركيس
لا شكّ أن الحرب الروسية على أوكرانيا أثّرت على أوروبا أولاً وعلى كل الكرة الأرضية بشكل عام، لأن النظام العالمي الجديد جعل العالم قرية كونية، من هنا فإن ما يحصل في شرق أوروبا ينعكس حكماً على الشرق الأوسط.
وبانتظار ما ستصل إليه تلك الحرب، إلا أن الثابت أنها ستطول وستُستنزف روسيا من دون إمكان نجاحها بتسجيل انتصارات استراتيجية، في حين أن دول الإتحاد الأوروبي تعمل جاهدةً من أجل منع توسّع روسيا في أراضيها وتأمين الإحتياجات الأساسية من الغاز لأن هذه المادة استراتيجية بالنسبة إلى "القارة العجوز".
وعلى رغم الإهتمام الأوروبي بحرب أوكرانيا إلا أن العيون تبقى شاخصة نحو لبنان الذي يمرّ بأزمة إقتصادية ومالية هي الأصعب، وإذا كانت أوروبا تحاول إحتواء نار الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنها في الوقت نفسه لا ترغب في أن يُفتح باب جهنم جديد على ضفاف المتوسط خصوصاً أن أي انتكاسة لبنانية ستصل نيرانها إلى الدول الأوروبية.
ويُعتبر لبنان محرقة للسياسات الكبرى، إذ إن التوازنات الموجودة فيه تجعل تأثيره يتخطّى حدود الحجم والجغرافيا، وتتفاقم المخاوف مع وجود أكثر من مليون نازح سوري يشكّلون قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وتطال شظاياها دول الإتحاد الأوروبي، خصوصاً أن الرئيس نجيب ميقاتي قد هدّد باتخاذ خطوات تجاه أزمة النزوح.
وفي السياق، فإن الملف اللبناني يبقى من أولويات دول الإتحاد الأوروبي، فكل همّ الأوروبيين أن لا تنتشر الفوضى في لبنان ويبقى الوضع مضبوطاً خصوصاً أن هناك جنوداً أوروبيين هم ضمن عداد قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل".
ومن جهة ثانية، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يزال يحظى بتكليف وثقة الأوروبيين لمعالجة الملف اللبناني، وهذا التكليف تجدّد بعد الإنتخابات النيابية اللبنانية ويمتدّ ليشمل مهمة انتخاب رئيس جديد للبنان.
ولم تُشغل الحرب الروسية - الأوكرانية والإنتخابات الداخلية الفرنسية ماكرون عن الإهتمام بالشأن اللبناني، إذ إن هذا الملف يضعه ماكرون في سلّم أولوياته ويعمل عليه من أجل تحقيق خرق ما مدعوماً من الإتحاد الأوروبي وحائزاً مباركةً أميركية، وهذا ما يُفسّر حضور الموفد الرئاسي الفرنسي المكلّف متابعة الملف اللبناني بيار دوكان إلى بيروت لنقل رسائل فرنسية وللحثّ على القيام بالإصلاحات الضرورية.
وينقسم عمل ماكرون في المرحلة الحالية إلى شق سياسي وآخر إقتصادي. ففي الشق الإقتصادي يُصرّ ماكرون على المباشرة بالقيام بالإصلاحات الضرورية لعدم تدهور الواقع اللبناني أكثر خصوصاً أن الأزمة وصلت إلى مراحل متقدمة.
أما سياسياً، فهنا يبرز التحدّي الأكبر، فإذا كان الرئيس الفرنسي يُصرّ على تأليف حكومة سريعاً ومن دون أي تأخير، فإن الأساس يبقى بالنجاح في تأمين توافق إقليمي ودولي من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، عندها ينطلق العهد الجديد وتتألف حكومة جديدة ينتظر منها أن تباشر بالإصلاحات لأنه من دون تأمين استقرار سياسي لا يمكن للبلد أن يستقر مالياً ويكتسب مناعة تُبعد عنه خطر الفوضى... وعن أوروبا في آن واحد.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار