بدأ الحديث عن مبادرة إنقاذية فاتيكانية- أوروبية- خليجية لمنع لبنان من السقوط، وإعادة الأمل مجدداً بإمكانية التوصّل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي الذي سيكون بمثابة هدية للبنان لمنعه من الانهيار.
مصادر عليمة بحقيقة المبادرة الأوروبية- الفاتيكانية قبل دخول السعودية والولايات المتحدة عليها وتتحول إلى مبادرة فاتيكانية دولية، كشفت في اتّصالٍ مع "الأنباء" الإلكترونية أنّ مبادرة منع سقوط لبنان انطلقت في الأساس من خلال الاتّصال الذي تم بين الحبر الأعظم، البابا فرنسيس، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد فوزه في انتخابات الرئاسة الفرنسية لولاية ثانية. وكان الرأي متفقاً بين البابا وماكرون بضرورة منع لبنان من السقوط، خاصةً وأنّ البابا ينوي زيارة لبنان منتصف حزيران، ولا بدّ له أن يحمل للّبنانيين بارقة أمل تعزّز انتماءهم بوطنهم رغم الأزمة الخانقة المتحكّمة به منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ولفتت المصادر إلى أنّ ماكرون وضع البابا في أجواء إنشاء صندوق الدعم لمساعدة الشعب اللبناني والمنظمات الإنسانية بتمويل مشترك سعودي- فرنسي يصل إلى 70 مليون يورو، وهذا المبلغ المخصّص لدعم قطاعات صحيّة، وتربوية، واجتماعية، وبيئية، وغيرها من شأنه أن يساعد اللبنانيّين على الصمود، وهو جاهز لتلقي الدعم الإضافي من أي دولة.
وتقول المصادر إنّ أخبار الدعم تلك ناقشها قداسة البابا مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أبلغ البابا حرصه على لبنان، واستعداد الإدارة الأميركية للمساهمة بما هو مطلوب منها منعاً لتيئيس اللبنانيّين بوطنهم وضرورة العمل على تأمين المساعدات المطلوبة، أكان عبر صندوق النقد أو البنك الدولي.
في هذا السياق، كشف الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، في حديثٍ مع "الأنباء" الإلكترونية أنّ الأمور كانت ذاهبة إلى الأسوأ على كافة الأصعدة، وهو ما دفع بقداسة البابا إلى الاتّصال بالفرنسيين وحثّهم على العمل لمنع لبنان من السقوط. وقد جاء الرد الفرنسي بالعمل على منع لبنان من الذهاب إلى الفوضى الكبيرة ما يسمح لنا كلبنانيّين أن نعيش في فترة سماح سببها رغبة الفاتيكان منع سقوط لبنان بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، وهذا هو الجوهر الأساسي لعودة السفراء الخليجيين.
عجاقة أشار إلى أنّ مسألة الاهتمام بلبنان بدأت تتبلور بعد تطوّر الأزمة في أوكرانيا، والبحث عن مصادر لاستيراد الغاز بدلاً عن روسيا. وطالما أنّ الغاز موجود في المياه اللبنانية فقد يكون هذا الأمر عزّز فكرة التهدئة في لبنان لأنّ استخراج الغاز من أي دولة، وليس فقط من لبنان، يتطلب ثباتاً سياسياً. وإذا لم يكن لبنان مهيّئاً لترسيخ ثباته من أجل الاستفادة من ثروته من الغاز والنفط فلن تعطى له هذه الفرصة ثانيةً، لأنّه يستحيل أن تتمكّن الدول من استخراج النفط والغاز في ظل الفوضى، داعياً القوى السياسية كافةً إلى مراعاة مستقبل بلدهم واعتباره أولوية. ومن الضروري أن يستفيد لبنان من مبادرة البابا، وبالأخص أنّ الفاتيكان مهتمٌ بمسيحيّي الشرق، وهو يعمل على عدم تهجيرهم، وكذلك فرنسا فهي تعتبر لبنان آخر معاقلها.
وقال: "الأزمة الأوكرانية قد تساعد لبنان على الاستفادة من غازه"، مكرّراً القول إنّ ما يعزّز الاعتقاد بنجاح هذه المبادرة يتمثّل بعودة السفراء الخليجيين، فإذا لم تساعد دول الخليج بتمويل الصندوق المشار إليه فلا أحد يمكنه المساعدة، سوى الدول المستفيدة من ارتفاع أسعار النفط.
في الشأن السياسي، وفي ظل الحماوة الانتخابية في الأيام الفاصلة عن موعد الانتخابات، كشفت مصادر حكومية عبر "الأنباء" الإلكترونية أنّه حتى الساعة لم يُحسم بعد موضوع الجولة الخليجية التي ينوي رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، القيام بها وتشمل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي قبل الانتخابات النيابية، وقبل أن تتحول حكومته إلى حكومة تصريف أعمال.
تزامناً، يستعر الخطاب السياسي، وبعضه يأتي منافياً لأي منطق، ومجافياً لكل الحقائق. وقد لاقت زيارات رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، المناطقية حالات استنكار شعبية كبيرة وفي كل المناطق، ما يعكس رفض الرأي العام اللبناني لسياساته وما أوصلت البلاد إليه. وقد ردّ عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب جوزف اسحق، بعنف على ما أسماه أكاذيب وافتراءات باسيل ضد حزب القوات، مشيراً في حديثٍ مع "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّ باسيل يعتقد إنّنا مثله عقدنا الصفقات، وأهدرنا المال العام المقدّر ب 43 مليار دولار على الكهرباء وحدها، فكانت التغذية قبل تسلّم تياره وزارة الطاقة 18 ساعة واليوم أصبحت ساعتين.
وقال: "معركتنا ليست مع باسيل. المعركة بيننا وبين حزب الله، وهو ملحق للحزب، فالقرار الفعلي عند الحزب، وليس عنده. معركتنا من أجل رفع يد حزب اللّه عن لبنان"، سائلاً: "أين أموال قطاع الاتّصالات الذي تسلّمه، وكيف أصبحت وزارة الخارجية بعهده، وماذا حلّ بالقضاء، وتدمير الاقتصاد، وانهيار الدولة، والسطو على الودائع؟" مكرّراً القول إنّ المعركة الأساسية بينهم وبين حزب الله، أمّا جبران باسيل فهو تفصيل صغير ولا يستحق الرد.
المواجهة نفسها يخوضها كل الخط السيادي في وجه محور الممانعة وإرادة سلب لبنان سيادته واستقلاله، وإلحاقه بالمحاور الإقليمية. ومن هذا المنطلق سيكون التحدي الكبير في 15 الجاري.