17-03-2022
مقالات مختارة
الان سركيس
الان سركيس
أُقفل باب الترشيحات إلى المقاعد النيابية في كلّ لبنان وبلغ العدد 1043 مرشحاً يتنافسون على 128 مقعداً نيابياً، وبدأ إعداد العدّة للمنازلة الكبرى في 15 أيار.
صحيحٌ أنّ هناك رمزية خاصة لبعض المقاعد، إلا أنّ الصراع على الأغلبية البرلمانية يُكسب المقاعد كلّها، سواء في العاصمة أو الوسط أو الأطراف، أهمية بالغة، إذ في لعبة عدّ المقاعد، فإن مقعد مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية أو الحكومة يساوي أيّ مقعد آخر.
لكن هناك مفارقة تاريخيّة تحصل عند الموارنة، إذ إنّه معروف عنهم أنهم سكّان جبال ناضلوا على مرّ العصور متحدّين الظروف المناخية من أجل الصمود، ولم يقطنوا الساحل إلا في العصر الحديث. من هنا، يظهر جليّاً أن المدن الساحلية الكبرى، باستثناء التي نشأت بعد ولادة لبنان الكبير تفتقد إلى الزخم الماروني.
من هنا، فإن العاصمة بيروت لديها مقعد ماروني واحد من أصل 10 مقاعد مخصّصة للمسيحيين، إذ إن مقاعد العاصمة بدائرتيها الأولى والثانية تقسم بين 4 أرمن، 2 روم أرثوذكس، واحد لكل من الروم الكاثوليك والإنجيليين والأقلّيات.
بعد ولادة لبنان الكبير، إهتمّ الفرنسيون ببيروت وجعلوها العاصمة، وأعاروا طرابلس اهتماماً خاصاً وجعلوها العاصمة الثانية للبنان، ومعلوم أن طائفة الروم الأرثوذكس لها وجود تاريخي في طرابلس وكان لديها مقعد نيابي قبل الحرب، في حين أنّ الموارنة كانوا يفتقدون إلى مقعد في العاصمة الثانية، لكن بعد «اتفاق الطائف» وزيادة أعضاء مجلس النواب من 99 إلى 108 من ثمّ إلى 128 نائباً، حُرمت منطقة البترون من نائب ماروني ثالث تستحقه وذهب المقعد إلى طرابلس لدرجة أنه أُطلق عليه اسم مقعد جان عبيد، إبن زغرتا والرجل الذي رحل وكان مرشحاً دائماً لرئاسة الجمهورية وكان نائباً عن موارنة طرابلس منذ عام 1991 لغاية 2005 ومن ثمّ فاز في انتخابات 2018، وفي أول انتخابات بعد انسحاب جيش الإحتلال السوري تربّع على عرش المقعد الماروني في العاصمة الثانية رئيس حركة «اليسار الديموقراطي» الياس عطالله، وانتُخب النائب البتروني سامر سعادة بين عامَي 2009 و2018 عن هذا المقعد، قبل أن يعود إلى جان عبيد في آخر انتخابات، وبالتالي فإن موارنة طرابلس لم يستطيعوا إيصال أي نائب من نسيجهم.
وإذا كانت الحجّة في طرابلس أن عدد الموارنة قليل جداً نسبةً إلى حجم المقعد الذي باتت له رمزية وطنية تتجلّى بأن ابن طرابلس السنّي ينتخبه، فإن الوضع في العاصمة بيروت وتحديداً في الأشرفية مختلف تماماً، ففي هذه المنطقة هناك قوة مارونية ناخبة لا يُستهان بها، لكن هيبة الرئيس المؤسس لحزب «الكتائب» الشيخ بيار الجميل طغت على المقعد الماروني لدرجة أُطلق عليه اسم مقعد بيار الجميل ابن بكفيا المتنية.
والمرة الوحيدة التي فاز ماروني بيروتي بمقعد بيروت كانت عام 1953 حيث كان من نصيب ألفرد نقاش، في وقت كان هذا المقعد من نصيب شارل حلو ابن قضاء عاليه في انتخابات 1951، بينما ذهب إلى بيار إده في انتخابات 1957، وبات هذا المقعد حكراً على بيار الجميل منذ انتخابات 1960.
وبعد «الطائف» ورحيل الشيخ بيار، تمّ انتخاب غسان مطر ابن تنورين نائباً مارونياً عن بيروت في دورة 1992 و1996، من ثمّ انتُخب غطاس خوري ابن الشوف نائباً بدعم من الرئيس رفيق الحريري عام 2000، وبعد الإنسحاب السوري، تمّ انتخاب صولانج الجميل ابنة كسروان وأرملة الرئيس الشهيد بشير الجميل نائبة عن المقعد الماروني، ومن ثمّ انتُخب نديم بشير الجميل نائباً في دورتي 2009 و2018.
واللافت أن منافس آل الجميل أخيراً على هذا المقعد كان مسعود الأشقر إبن المتن وليس أي أحد من أبناء الأشرفية، واليوم يبدو أن سيناريوات الماضي في العاصمتين قد تتكرّر خصوصاً أن نديم الجميل الأوفر حظاً إذا حصلت لائحته المتحالفة مع رجل الأعمال انطون الصحناوي على حاصلين، في حين أن حاصلاً واحداً يضع مقعد نديم في دائرة الخطر لأن مرشح الصحناوي عن مقعد الأرمن الكاثوليك جان طالوزيان سيسبقه حكماً، لأن «القوات» ستصبّ أصواتها التفضيلية على مرشحها نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني.
ومن جهة ثانية فإن الصورة في طرابلس لم تتوضّح بالنسبة إلى كل المقاعد واللوائح وليس إلى المقعد الماروني وحده، لذلك فإن ما بات واضحاً أن المقعدين المارونيين في العاصمتين هما لكل أبناء الطائفة لأن العواصم تكون أكثر انفتاحاً ولا تخضع انتخاباتها لمعايير العائلة والأحباب.
وللمفارقة، فإن عدد المرشحين عن المقعد الماروني في طرابلس بلغ 18 مرشحاً، في حين بلغ عدد المرشحين عن المقعد الماروني في بيروت الأولى 6 مرشحين فقط، وذلك لأنه من السهل الفوز بمقعد طرابلس لأن الكباش سيكون على المقاعد السنية، بينما معركة بيروت الأولى لا ترحم وهناك قوة كبيرة للنائب المستقيل نديم الجميل.
أما المرشحون عن مقعد طرابلس للموارنة فهم: الإعلامي يوسف طوق، سليمان جان عبيد، جودت بطرس، حميد رفول، جنات فرنجية، جورج شبطيني، ليندا- ماريا المكاري، أنطوان عيد، الياس الخوري، كميل موراني، بول الحامض، طوني شاهين، حليم الزعني، ميشال الخوري، داني طانو، جميل كرم، كارلوس نفاع ويوسف بو ناصيف.
وبالنسبة إلى المرشحين عن المقعد الماروني في بيروت فهم: نديم الجميل، جورج شهوان، بيار الجميل، موسى أسعد الخوري، زياد أبي شاكر وإيلي الأسود.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار