10-03-2022
عالميات
أبشع ما قد تكشفه الحرب من مآس يكمن في مشاهد الأطفال المضرّجين بدمائهم تحت أنقاض منازل ذويهم أو مدارسهم أو مستشفياتهم، ما يُظهر تجرّد القادة المسؤولين عن تلك الأفعال الشنيعة من إنسانيّتهم، فتغدو غاياتهم الجيوستراتيجية تُبرّر لهم وسائلهم البربريّة التي تخلق أجيالاً معمّدة بدماء الأبرياء ومختومة بندوب الحاقدين. وباتت أوكرانيا اليوم ساحة صراع مفتوحة أمام كلّ أنواع التجاوزات التي ترقى إلى "جرائم حرب" و"جرائم ضدّ الإنسانية"، خصوصاً مع تكرار استهداف الجيش الروسي منشآت طبّية كان آخرها شنّ غارة جوّية بالأمس ألحقت أضراراً فادحة بمستشفى للأطفال في مدينة ماريوبول المحاصرة، في هجوم أدّى إلى سقوط 17 جريحاً بين أفراد الطاقم الطبي.
وبينما كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على "تويتر": "الناس والأطفال تحت الأنقاض... فظائع!... أوقفوا جرائم القتل هذه!"، سارع البيت الأبيض إلى إدانة "الاستخدام الهمجي" للقوّة ضدّ مدنيين أبرياء في دولة ذات سيادة، فيما وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الهجوم بأنه "غير أخلاقي"، متعهّداً محاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على "جرائمه الرهيبة". كما شدّدت الأمم المتحدة على أنه ينبغي إبقاء المنشآت الصحية بمنأى عن القصف، بينما استهدفت أكثر من 19 ضربة منشآت للرعاية الصحية وعاملين في المجال الصحي وسيارات إسعاف حتّى الآن.
توازياً، رأت وزارة الدفاع البريطانية أن الهجوم الروسي على كييف أخفق في إحراز تقدّم جوهري، إلّا أن مدناً أوكرانية عدّة، بينها خاركوف وتشرنيهيف وسومي وماريوبول، ما زالت تتعرّض لقصف مكثف، مشيرةً إلى أن الدفاعات الجوية الأوكرانية تتعامل مع الطائرات الروسية "ما يمنعها على الأرجح من تحقيق أي درجة من السيطرة على الجو". واحتدمت المعارك في اليوم الرابع عشر من الغزو، فيما اقتربت القوات الروسية من بروفاري، الضاحية الشرقية للعاصمة.
نوويّاً، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ الأنظمة التي تُتيح إجراء عمليات مراقبة عن بُعد للمواد النووية في تشرنوبيل، المنشأة النووية الخاضعة حالياً لسيطرة القوات الروسية، توقّفت عن إرسال البيانات إليها. لكنّها اعتبرت أن انقطاع التيار الكهربائي عن محطة تشرنوبيل لا يُظهر "أثراً كبيراً على السلامة" في الموقع الذي شهد كارثة العام 1986، إذ كانت شركة "أوكرينيرغو" الأوكرانية المشغّلة للمحطات النووية قد أعلنت في بيان أن التيار الكهربائي "مقطوع كليّاً" عن المحطّة، محذّرةً من أن "لا إمكانية لتصليح الخطوط" بسبب تواصل الهجوم.
وفي الأثناء، كشف البيت الأبيض أن البنتاغون يدرس سُبل مساعدة أوكرانيا عسكريّاً، لافتاً إلى أن وزراء دفاع "حلف شمال الأطلسي" يُناقشون موضوع تزويد أوكرانيا بالمقاتلات. لكنّ المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي أوضح أن "أجهزة الإستخبارات تعتبر أن نقل "ميغ 29" إلى أوكرانيا يُمكن أن يُعتبر مفاقمة (للنزاع)"، ما قد "يؤدّي إلى ردّ فعل روسي من شأنه أن يزيد مخاطر التصعيد العسكري مع حلف شمال الأطلسي"، في وقت نشرت فيه الولايات المتحدة بطاريتَيْ صواريخ "أرض - جو" جديدتَيْن من نوع "باتريوت" في بولندا، تنفيذاً لتعهّدها الدفاع عن أراضي بلدان "الأطلسي"، وفق ما أفاد مسؤول رفيع في البنتاغون.
وعلى خطّ المحادثات والعقوبات، ناقش بوتين والمستشار الألماني أولاف شولتز "الجهود السياسية والديبلوماسية"، لا سيّما الجولة الثالثة من المحادثات بين موسكو وكييف، والممرّات الإنسانية لإجلاء المدنيين، بحسب الكرملين. بالتزامن، دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الأميركي أنتوني بلينكن، كلّ دول "مجموعة السبع"، إلى حظر واردات النفط الروسية، معتبرةً أن على القوى الاقتصادية الكبرى الذهاب أبعد والمضي بطريقة أسرع في معاقبة موسكو وبوتين.
من جهته، أعرب بلينكن عن "قناعته التامة بأن بوتين سيفشل في نهاية المطاف"، وقال: "ستتكبّد روسيا هزيمة استراتيجية على الرغم مِمَّا تحقّقه من مكاسب تكتيكية على المدى القصير في أوكرانيا". ورأى أن العقوبات "حذفت 30 عاماً من التقدّم الذي أُحرز على صعيد اندماج روسيا مع بقية العالم"، متعهّداً "زيادة الضغوط" على الرئيس الروسي. وإذ اتّهم موسكو بـ"عرقلة" عمليات مغادرة المدنيين للمدن المحاصرة، اعتبر أن "مقترح الكرملين في شأن إقامة ممرّات إنسانية نحو روسيا وبيلاروسيا لا يقبله العقل"، وقال: "من المُهين افتراض أن على الأوكرانيين البحث عن ملاذ لدى هذه الحكومة التي تُبدي هذا القدر من الازدراء بالحياة".
وفي سياق العقوبات، قرّرت دول الاتحاد الأوروبي توسيع عقوباتها على موسكو ومينسك، خصوصاً من خلال استهداف العملات الرقمية وفرض عقوبات على مصارف في بيلاروسيا وإضافة 160 من الأوليغارش الروس وأعضاء مجلس الاتحاد الروسي إلى لائحتها السوداء، بحسب المفوضية الأوروبّية، في حين اعتبر "الإليزيه" أن على الاتحاد الأوروبي أن يُرسل لأوكرانيا خلال قمة فرساي اليوم وغداً "إشارة سياسية حول انتمائها إلى الأسرة الأوروبّية"، وكذلك لجورجيا ومولدوفا، لكنّه لا يستطيع إطلاق عملية انضمام سريعة.
كما أعلن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية رصد حزمة مساعدات تبلغ قيمتها 2.2 مليار يورو للمتضرّرين من الحرب في أوكرانيا من سكان وشركات ودول، بما في ذلك تلك التي تستضيف لاجئين، في حين أعلن سفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة أن بلاده تُفضّل زيادة انتاج النفط، مشيراً إلى أنها ستقوم بتشجيع الدول الأخرى الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" على النظر في مستويات إنتاج أعلى. وبهذا تكون الإمارات أوّل دولة عضو في منظمة "أوبك" تدعو إلى زيادة الإنتاج.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار