04-03-2022
محليات
جملة مواقف متقدمة أطلقها امس ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، من القضايا الاقليمية الى المشاكل الدولية والملفات الساخنة المطروحة راهنا على بساط البحث العالمي. في أوضاع المنطقة، لعل أبرز ما قاله بن سلمان في مقابلة أجراها مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، يتعلّق بالعلاقات مع ايران ومع اسرائيل.
مع الاولى، اعلن ولي العهد "الايرانيون جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سُبل لنتمكن من التعايش، وقد قمنا خلال أربعة أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة العربية السعودية". واضاف بالنسبة إلى الاتفاق النووي "أعتقد أن أي بلد في العالم لديه قنابل نووية يُعد خطيراً، سواء إيران أو أي دولة أخرى، لذا نحن لا نود أن نرى ذلك، وأيضاً نحن لا نرغب في رؤية اتفاق نووي ضعيف، لأنه سيؤدي في النهاية إلى ذات النتيجة".
اللهجة التهدوية التصالحية التي اعتمدها الامير الشاب، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، تأتي احتراما منه لنهج الحوار الجاري اليوم بين القطبين الاقليميين، ما يؤشر الى ان المملكة تؤمن بالدبلوماسية وتريد اعطاءها كل الفرص التي تحتاج، علّها تنجح في ايجاد حلول للخلافات الكثيرة التي تلبد ليس فقط العلاقات بين الدولتين بل أجواء الشرق الاوسط برمّته. وفي رأي المصادر، هذه النبرة الايجابية وضع لها بن سلمان سقفاـ وإن في صورة غير مباشرة – عبر الحديث عن رفضه اتفاقا نوويا ضعيفا، ما يعني ان السعودية باقية على سياسة "الحوار الاقليمي" الى ان تتظهر طبيعة الاتفاق التي ستنتج عن مفاوضات فيينا. فإذا كان "ضعيفا" اي لا يتلاقى وتطلعات الرياض، فعندها لكل حادث حديث، وقد تعيد النظر بخيار استمرار اللقاءات الثنائية من عدمه.
موقف ثان بارز، لا يمكن فصله عن نظرته الى العلاقات مع ايران، أطلقه ولي العهد، متعلّق بالعلاقة مع تل ابيب. فقد اشار الى ان بلاده لا تنظر إلى "إسرائيل كعدو بل كحليف محتمل، في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً"، مستطردا "لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك". صحيح ان كلام "الامير" اتى في معرض تعليقه على الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، حيث لفت إلى أنّ للإماراتيين الحق في فعل ما يرونه مناسباً لبلدهم، لكن لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، اذ انه يؤكد ان الامور مستقبليا، ذاهبة نحو ليس فقط "سلام" بين الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة، من جهة واسرائيل من جهة ثانية، بل نحو "تحالف" ايضا، وهي مسألة وقت وبعض "المطالب" التي لم يحدد بن سلمان ماهيتها، قبل بلوغ هذه المعادلة التي ستريح الخليجيين والاسرائيليين امنيا وستحشر ايران في الزاوية.
اما دوليا، فوقوف مدروس للمملكة في "الوسط" تقريبا بين الروس والاميركيين في مقاربة ازمة اوكرانيا. وقد أعلن الكرملين أن مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد السعودي، بحثا فيها تطورات أسواق النفط والعقوبات المفروضة على روسيا، في وقت ذكرت وسائل إعلام سعودية أن بن سلمان نقل لبوتين استعداد المملكة لبذل جهود للوساطة بين كل أطراف الأزمة في أوكرانيا. وهذا التموضع الوسطي تحتّمه مصالح المملكة امنيا ونفطيا وتجاريا، حيث لا يناسبها لا إغضاب واشنطن ولا إغضاب موسكو، تختم المصادر.