12-02-2022
محليات
يرى وزير الداخلية اللبناني السابق النائب نهاد المشنوق أن ضريح الرئيس رفيق الحريري في وسط بيروت يشارك في صناعة السياسة في لبنان، بين الخصوم، كما بين الحلفاء.
شق المشنوق مصطلح «الحريرية»، وقسمه بين «وطنية» تستمد مشروعيتها من الضريح وساكنه، وبين «سياسية» بدأت في العام 2005، وانتهت في بداية العام 2022 مع تعليق نجله سعد عمله السياسي.
يعترف المشنوق بوجود «ارتباك» في الساحة السنية، لكنه يرفض كلمة «الانهيار»، ويعتبر أن من الطبيعي المرور في مرحلة «التجربة والخطأ»، قبل الوصول إلى «الاستقرار مع إعادة تكوين السلطة». مرحلة التنازلات «انتهت بحسناتها القليلة وسيئاتها الكثيرة».
وعن تقييمه لمرحلة سعد الحريري، يقول المشنوق: «انتهت مرحلة الحريرية السياسية، التي بدأت في رئاسته الحكومة بين عامي 2009 و2010، وأقفلت مع إعلان تعليقه عمله السياسي، بحسناتها القليلة وسيئاتها الكثيرة، وما تركته على منصب رئاسة الحكومة من آثار سيكون من الصعب محوها والتخلص من مضارها في المدى القريب. وهي شهدت الكثير من التهاون في مواجهة الاعتداءات السياسية المستمرة من الحلف الحاكم، حتى اليوم، على الدستور وعلى رئاسة الحكومة وصلاحياتها وطبيعتها، باعتبارها مركز توزيع السلطات في النظام اللبناني، بموجب الدستور». وأضاف: «بدأ الانقلاب في 2011 بحكومة «القمصان السود» التي ترأسها نجيب ميقاتي، على ظهر انقلاب قاده «حزب الله» ضد نتائج الانتخابات النيابية في 2009. فغابت رئاسة الحكومة مع ميقاتي و«حزب الله»، بعد إقالة سعد الحريري وهو في واشنطن. وظلت السرايا ضعيفة رغم تجربة الرئيس تمام سلام ورصانته وجديته. وزاد الطين بلة منذ 2016 إلى اليوم وصول رئيس إلى قصر بعبدا منحاز كلياً، هو ميشال عون، بالغ في الاعتداء على رئاسة الحكومة».
ويجزم المشنوق أن التمثيل السني الصحيح «هو أن تكون رئاسة الحكومة بخير. فنحن اليوم خرجنا من مرحلة انتهت إلى مرحلة، بطبيعة الحال، سوف ندخل فيها بارتباك. ارتباك سوف تعبر عنه الانتخابات النيابية بشكل أو بآخر. لذلك أركز على فكرة «الحريرية الوطنية». لماذا؟
لأن المشروع الحقيقي هو رفيق الحريري. ما زلنا جميعنا نحتكم إليه وهو في ضريحه. فقد كان صاحب رؤية ومشروع، وكان قادراً، بسبب ظروف دولية وإقليمية ومحلية، أن ينفذ كل ما نفذه. واغتيل بسبب هذا الدور، وليس لأخذ الثأر منه. بل اغتالوه لأن هناك مشروعا أتى إلى المنطقة هو المشروع الإيراني، وكان الشهيد الحريري عقبة جدية في وجهه.
ما وصل إليه سنة لبنان سهل انضمامهم إلى الارتباك السني في سوريا، إلى ضياع سنة العراق. فخلال السنوات العشر الأخيرة، فقدت رئاسة الحكومة في لبنان أيضاً ظهيرها الإقليمي. وفقد السنة ظهيرهم العربي. لذا سنمر بمرحلة ارتباك، مهما حاول رؤساء الحكومات السابقون. بعدها سننتقل إلى مرحلة إعادة تكوين السلطة، وستتبلور الأمور أكثر» ويبدي «كل الثقة بأن خيارات جمهور رفيق الحريري وجمهور الحريرية الوطنية قادر، رغم القليل من الارتباك، بنسبة خطأ صغيرة، أن يصحح تمثيله السياسي بشكل أو بآخر، ولن يكون بعيداً عن الحريرية الوطنية».
ودعا المشنوق إلى محاولة «وضع الأصبع على الجرح في موضوع العلاقة مع العرب»، قائلا: «صحيح أن علاقات لبنان العربية دخلت في مناطق تأزم جدية وذات طابع شخصي أو طابع خصوصي، لكن هذا يجب ألا يحكم النظرة السياسية الاستراتيجية إلى لبنان. هذا أولاً. وثانياً: إن كان ثمة ملاحظات على مشروع المواجهة مع حزب الله فهذا موضوع جدير بالنقاش والتنسيق والبحث مباشرة مع العواصم العربية المعنية بلبنان وبما يصدر عن لبنان. لكن هذا النقاش والبحث يجب دائماً أن يحصل على قاعدة الاعتراف بتضحيات اللبنانيين الهائلة في مواجهة حزب الله. لقد نزفنا ونزف البلد واستشهد أفضل ما في نخبته الإعلامية والسياسية والأمنية والاقتصادية والحزبية. هذه تضحيات تستدعي الاعتراف والاحترام كمقدمة. الدماء التي بذلت والتضحيات والأثمان، كل هذا لا يسقط بالتقادم» وأضاف: «لبنان يقوى بالسند العربي، ولنا جميعاً بعودة العرب إلى العراق خير مثال على جدوى هذه السياسة... في مقابل النتائج التي يمكن أن تترتب على سياسات العزوف والمقاطعة. وبصراحة أقول إنه بعد الأهوال التي حلت بسنة العراق وسوريا، سنة لبنان هم آخر مجموعة سنية ذات معنى ومشروع في السياسة بالمشرق العربي، ومن موقع الصلة بفكرة الدولة الوطنية، لا مشاريع الانتحار المذهبي أو أوهام الإسلام السياسي».
ويشير المشنوق إلى أن «الزعامة (السنية) العابرة لكل المناطق ولكل الطوائف مرحلة انتهت مع رفيق الحريري ثم تأكدت نهايتها مع قانون الانتخاب. يجب أن ننساها. الفارق الآن هو وجود راديكاليتين مركزيتين، شيعية ومسيحية، في وجه اعتدال سني مع زعامات مناطقية متفرقة» مشددا على أن «المشهد السني مرتبك وليس منهاراً. هناك فرق بين الانهيار وبين الارتباك». ويعتبر أن «رئاسة الحكومة في لبنان هي الميزان. طريقة إدارة رئيس الحكومة وقدرته على شد العصب السني مرة أخرى هي المعيار. وهناك دور استراتيجي لمفتي الجمهورية، بسبب الذاكرة السنية التي تعود دائماً بنا إلى «المفدى» الشيخ حسن خالد، الذي كان هو الرديف والأصيل، حين يصيب رئاسة الحكومة أي خلل».
وعن النتائج المرتقبة للانتخابات سنياً، يقول المشنوق: «هناك مناطق ودوائر انتخابية كبرى ستبقى سليمة ولن تتأثر «حريريتها الوطنية». لن يحصل فيها تغيير كبير. الارتباك الأكبر سيصيب بيروت وصيدا. في البقاع الغربي والأوسط لا مشكلة كبيرة. والشمال سليم إلى حد كبير. عكار سليمة. والمنية أعتقد أنها سليمة. في الضنية يبقى الوضع على حاله».
أبرز الأخبار