مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

في زمن الديمقراطيات التعصب سيّد الموقف!

08-02-2022

لكل مقام مقال

ايلديكو ايليا

<p>اعلامية، مستشارة دبلوماسية، عضو المعهد الاميركي لمكافحة الفساد وعضو المركز الحبري المريمي للحوار</p>

None

ليس فقط في لبنان، انما في كل العالم، هناك الرأي والرأي الآخر في كل المواضيع من دون استثناء، وهذا امر طبيعي وصحيّ، ولكن ما هو خطر وغير صحي هي وسائل وطرق التعبير عن الرأي والرأي الآخر، والاخطر محاولات قمع الرأي او الرأي الآخر والتعتيم على الرأي او الرأي الآخر، فقط لان هذا الرأي قد يؤثر سلبا على مصالح ومنافع هؤلاء.

 وهنا لا بد من الاشارة الى ان تسخيف الرأي الآخر ووصفه بالمتخلف اذا تعارض مع الرأي الاول هو الجهل والتخلف بعينه، لاننا وان تحدثنا بالمنطق العلمي الذي يحكم كل شيء في هذا العالم، من السياسة الى الدين الى الاقتصاد الى العلم الى الطب، فالعلم هو المرجعية واذا ارتكزنا الى العلم فهو قلما حسم رأيا في اي نظرية او اكتشاف، ودائما هناك دراسات جديدة وحديثة اما للتأكيد او للنفي او لفتح آفاق جديدة حول فكرة ما واكتشاف ما. ومن هنا انطلق لأقول لكل فريقين متصارعين حول فكرة او موقف او حتى خيار، لا يليق بكم المواجهة انطلاقا من تشبثكم بمعرفتكم وكأنكم وحدكم تعرفون متناسين ان ثمة دائما يعرفه الآخر اكثر منكم، متسلحين بحقدكم واتهاماتكم المسبقة، لا بل انتم مدعوون الى تقبل الرأي الآخر المقتنع كما انتم برأيكم، واجعلوا المواجهة راقية وعلمية وقابلة دائما للنقاش.

اليس معيبا في زمن الديمقراطيات وانتصار الحريات ان تنتشر ظاهرة التعصّب وعدم احترام الرأي الآخر في كل مكان في العالم، ما يطرح علامات استفهام حول هذه الحرية ومن يعطيها ومن يصادرها.

منذ عقدين ونيف ظهر مفهوم القوة الناعمة وكان اب هذا التوصيف الامبركي جوزف ناي، والذي اظهر للعالم كيف تعمل الانظمة والدول الكبرى للسيطرة على الدول الاضعف منها، فتعمل على غزوها بالثقافة الخاصة بها وبزرع قيمها وافكارها حتى اذا ما ارادت من هذه الدول وشعوبها ان تقتنع بمبدأ ما تؤيده تكون الارضية جاهزة والذهنيات حاضرة لتقبل افكار جديدة وعادة ما يحصل هذا الزرع من خلال قادة الرأي في البلدان المستهدَفة، اولئك الذين استقطبتهم البلدان الكبرى لتلقّي تعليمهم فيها، كل هذا السرد لاطرح سؤالا حول حقيقة مفهوم الحرية المنادى به اليوم، وهل يشمل كل المواضيع او انه مسموح فقط في بعض الحالات التي تساهم في تنفيذ سياسات الدول الناعمة وتحقيق اهدافها، وعندما تأتي فعلا الى الحرية الحقة ترتفع اصوات الاكثرية لتقمع الاقليات التي تحمل آراء مختلفة. 

يقول الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر “لا يجوز الخلط بين الحقيقة ورأي الأغلبية”، 

كذلك قال المتصوف الهندي اوشو: كن حذرا من الغالبية، فإن تبع الكثير من الناس امرًا، فذلك دليل كافٍ على وجود خطر، الحقيقة تأتي لأفراد وليس للحشود...! 

قد يكون الصمت خير طريقة لاحترام الرأي الآخر اذا لم تكن جاهزًا لنقاش صحي وسليم يرتكز الى البحث الصادق عن الحقيقة اينما وجدت، والصمت هنا لا يعني قبول الأفكار المطروحة، ولكنه اختصارٌ للشر، وابتعادٌ عن نقاشٍ غير مجدٍ، واذا كان هناك سبب يقتضي نصح الطرف الآخر، فلا بد من قولها، ولكن بطريقةٍ محترمة دون شتيمة أو إهاناتٍ كما نرى على منصات الانتشار التي تحولت منابر للاسفاف والمبتذلات ما اشاح النظر عن الكثير من المساحات الراقية والمفيدة عليها. لا مانع من التعبير عن الرأي الشخصي عندما يقوم الطرف الآخر بطلبه ولكن يمكن اللجوء الى اسلوب راق لتجنب الصراعات إذ إن التدخل في نقاشٍ وإبداء رأيٍ معارضٍ فيه دون أي سبب منطقي او علمي او قابل للنقاش وبطريقة مستفزة متكبرة، سيؤدي حتما إلى خلق المشاكل والتسبب في توتر غير مرغوب، وفي حالة الحاجة إلى التعبير عن أيّ فكرةٍ أو رأي يجب اتباع الأسلوب اللبق، واستخدام عبارات ايجابية كمدخل  قبل  طرح الرأي الشخصي، فهذا الأسلوب من شأنه أن يبني حبلاً من المودة والاحترام المتبادل بين طرفي النقاش، وسيساعد 

على تقبّل الرأي الآخر بكل سهولةٍ ويسر.

فهل هذا ما تقوم به اليوم شعوبنا المثقفة؟ وهنا يطرح سؤال آخر، عندما لم تكن لدينا سهولة في الوصول الى المعلومات وكنا نجدُّ في البحث عنها كان احترام الآخر اعلى شأنًا وكانت الحرية بمفهومها السابق تحترم حدود حرية الآخر. اما اليوم في زمن المعلومات وتعدد الثقافات اصبحت الحرية، ان تتخطى حرية الآخر وتقتحم دائرته الخاصة وتقوم بذمه وتحقيره لانه لا يوافقك الرأي فحسب. اعاد الله لنا تلك الايام 

الغابرة حيث كان الخصام بشرف والصداقة بشرف وكان هناك مكان لآراء الجميع.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما