21-01-2022
محليات
حبر كثير سال في تحليل خلفيات وأبعاد قرار ثنائي امل - حزب الله العودة الى حضور جلسات مجلس الوزراء من دون تنفيذ شرطه تنحية المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار بعدما استنفد كل وسائل الترهيب والترغيب قضائيا وسياسيا من دون نتيجة، وصباح الاثنين المقبل سيشارك وزراء الثنائي في الجلسة المخصصة لمناقشة واقرار مشروع موازنة العام 2022 الى جانب مواضيع اخرى وفق جول اعمال من 56 بندا.
واذا كان عجز الثنائي عن استمرار تحمل الضغط الهائل لجهة تحميله مسؤولية التعطيل وانعكاسه سلبا على الواقع المعيشي الرديء للبنانيين عموما وداخل بيئته الشيعية في شكل خاص احتل المرتبة الاولى في تحليل اسباب العودة اضافة الى ربطها بايجابيات التطورات الاقليمية الممتدة من الحوار الايراني السعودي والدولية المرتبطة بقرب ابرام اتفاق نووي موقت في فيينا، فثمة بعد آخر تتحدث عنه اوساط سياسية مراقبة لـ"المركزية" يتمثل في انتقال الثنائي من مرحلة البحث عن المكاسب السياسية داخل السلطة والحكم الى حقبة محاولة تثبيتها بفائض القوة الذي ما زال يتمتع به، خشية ان يفقده قبل اصابة الهدف. وتنقل عن مصادر في حزب الله قولها "ان دورنا في الحكم اقترب والاشهر المقبلة ستترجم ذلك عملياً. فالاكتفاء بالتوقيع الثالث الذي كرسته للطائفة محاضر اجتماعات الطائف، على حد تعبيرها، لم يعد يساوي حجمها ولا بد تاليا من تثبيت موقع اكثر فاعلية في السلطة التنفيذية لتحقيق التوازن. تبعا لذلك، تعرب الاوساط السياسية عن اعتقادها أن العودة المشروطة للثنائي الى الحكومة مثابة رسالة واضحة بأن زمن الشيعية السياسية يقترب، من خلال تحديد الثنائي جدول اعمال مجلس الوزراء وفرض شروطه والا فلا جلسات ، حتى ان الحزب إن تمت مواجهته من قوى المعارضة قد لا يتوانى عن استخدام فائض قوته لتشريع مكاسبه وتكريس دور اوسع للطائفة الشيعية في السلطة التنفيذية.
بيد ان تاريخ لبنان القديم والحديث وتجاربه في مضمار محاولات هيمنة طائفة على اخرى او فرض سيطرتها على البلاد، يؤكد فشل كل المحاولات التي بُذلت حتى اليوم في الاتجاه المشار اليه. وتؤكد الاوساط ان ما يتذرع به البعض لا سيما تخصيص وزارة المال للشيعة في مباحثات الطائف هو مجرد بدعة، ولذلك تم اخفاء المحاضر بما يمكّن هؤلاء من طمس الحقيقة، بحسب ما تؤكد اكثر من شخصية شاركت في اجتماعات الطائف، علما ان اي اتفاق يبرم لا يلزم الا بما نصت عليه بنوده، واتفاق الطائف واضح وضوح شمس لجهة عدم الاتيان على ذكر ذلك.
احدى هذه الشخصيات تذكّر بسلسلة محاولات بذلتها مكونات سياسية بهدف السيطرة وفرض هيمنتها عبر المواجهات، وكان الفشل مصيرها من ايام المتصرفية عبر الحرب الدرزية- المسيحية التي انتهت باتفاق القائممقاميتين،الى حرب الـ 1958 بين المسلمين والمسيحيين التي امتدت حتى العام 1990، متخذة عدة اوجه تارة بالوجه الفلسطيني مع مشروع الوطن البديل، ثم الاحتلال السوري لاخراج القيادة الفلسطينية الى تونس، ثم الاسرائيلي لاخراج السوري، انتهت جميعها باتفاق الطائف الذي كرّس صيغة العيش المشترك والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون عدّ، والمشاركة في القرار.
وتؤكد ان محاولة الشيعة اليوم استعادة السيناريو هذا ببدع لا اساس لها، تارة تحت عنوان الديموقراطية التوافقية واخرى بحكومة الوحدة الوطنية ما يطيح بمبدأ النظام الديموقراطي القائم على اكثرية تحكم واقلية تعارض، لا بدّ ان يلقى المصير نفسه، ذلك ان اي تغيير في الهيكلية السياسية في لبنان يحتاج الى اتفاق داخلي وتوافق اقليمي وقرار دولي، غير متوافر اي منه راهنا خصوصا ان تغيير النظام اوتعديل الدستور في هذه المرحلة يعني اطاحة هوية لبنان وانتفاء دوره ورسالته كنموذج، وقد يدفع الامور الى خيارات تقسيمية خطيرة تلوّح بها قوى المعارضة المتمسكة بالطائف كسلاح مواجهة باعتباره الحل الوحيد الممكن للأزمة والعمل على اكمال تنفيذه وصولا الى الدولة المدنية التي تضع حدا للحالات الطائفية وتداعياتها على الحكم .
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار