14-12-2021
صحة
اكتشف باحثون أفضل طريقة للحديث عن فوائد تلقي اللقاحات مع شخص متردد في الحصول على التطعيم. إليك ما يجب فعله وما لا يجب فعله في هذه المحادثات الصعبة.
بعد مرور عام تقريبًا على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أول لقاحات لفيروس كورونا، ربما لم تعد بحاجة لمن يقنعك بفعاليتها. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، حصل أكثر من 4.28 مليار شخص على جرعة واحدة على الأقل من اللقاح، وهو ما يمثل حوالي 55.8 في المئة من إجمالي سكان العالم.
وعلى الرغم من هذا العدد الهائل، فمن المحتمل أيضًا أنك تعرف على الأقل شخصًا واحدًا في عائلتك أو مجموعة أصدقائك لم يتلق اللقاح رغم توفره. وغالبًا ما يوصف هؤلاء الأشخاص بأنهم مناهضون للتطعيم ويرفضون العلم عن طيب خاطر - ويقال لنا أحيانًا إن أي محاولة للدخول في مناقشة معهم ما هي إلا إهدار للوقت والجهد.
لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير. ومن المؤكد أن بعض مؤيدي نظريات المؤامرة عازمون على نشر معلومات مضللة، لكن هذه المجموعات الصغيرة - رغم أنها عالية الصوت - لا تمثل غالبية الأشخاص الذين لم يتناولوا اللقاح بعد.
وحتى قبل تفشي فيروس كورونا، وصف خبراء الصحة العالميون الثقة المنخفضة في اللقاحات في بعض أنحاء العالم بأنها "أزمة عالمية"، وهناك الآن مخاوف حقيقية للغاية من أنها قد تؤثر على الجهود المبذولة للقضاء على الوباء.
وكان علماء يبحثون عن طرق لمساعدة الحكومات في إقناع الناس المترددين في تلقي اللقاحات لبعض الوقت. ولم يكن من المستغرب أنه لا يوجد حل واحد، لكن جزءًا كبيرًا من استراتيجيتهم يكمن في التحدث والتفاعل مع الأشخاص المترددين.
يقول علماء إن التحدث إلى المترددين في الحصول على اللقاح قد يساعدهم في تقييم الأدلة العلمية. ولا يقتصر الأمر على الحكومات ومسؤولي الصحة الذين يمكنهم فعل ذلك.
يقول جون كوك، عالم الإدراك بجامعة جورج ميسون في ولاية فرجينيا الأمريكية: "الإشارات الاجتماعية مهمة للغاية. لذا فإن السماح لشبكاتنا الاجتماعية بمعرفة وجهات نظرنا يمكن أن يكون مؤثرًا للغاية".
ويجب أن تعرف أن استماع معارفك إلى آرائك من عدمه يعتمد على أسلوبك في المحادثة. ومع ذلك، قد لا تكون هناك فائدة من تقديم الحقائق إذا فعلت ذلك بطريقة خاطئة.
وبالاعتماد على دراسات متعددة للتواصل الفعال، جمعت قائمة من النصائح القائمة على الأدلة حول أفضل الطرق لمناقشة الأمور العلمية وراء اللقاحات - والسلوكيات التي يجب تجنبها.
1) استهدف الشخص المناسب
القاعدة الأولى للتواصل الفعال - في أي مجال - هي استهداف الجمهور المناسب. وتشير أبحاث حديثة إلى أن الكثير منا قد يتجاهل الأشخاص الذين سيستجيبون بشكل جيد لرسالتنا.
ونشير هنا إلى ورقة بحثية حديثة كتبها كريستوفر بيشلر، الأستاذ المساعد للتسويق بجامعة نوتردام في إنديانا، والتي نظرت في مواقف الناس تجاه بعض السلوكيات مثل ارتداء الأقنعة. في إحدى التجارب، عُرض على المؤيدين لارتداء الأقنعة الفرصة لتمرير بعض المعلومات التي يحتمل أن تكون مفيدة حول هذا الموضوع إلى الأشخاص الذين لديهم مجموعة مختلفة من وجهات النظر.
وكان المشاركون أكثر ميلًا لاستهداف أصحاب وجهات النظر الأكثر اختلافا، ومع ذلك، وجد بيشلر أن المعلومات كان لها تأثير ضئيل للغاية على آراء هؤلاء الناس. وبدلاً من ذلك، كانت الرسالة أكثر فاعلية في تعزيز آراء الأشخاص الذين كانت تنتابهم بعض المخاوف البسيطة فيما يتعلق بتدابير السلامة. يقول بيشلر: "لقد كانوا أكثر تقبلاً للرسالة".
وتقول فانيسا بونز، أخصائية علم النفس الاجتماعي بجامعة كورنيل ومؤلفة كتاب "لديك تأثير أكثر مما تعتقد": "إننا نفضل أن نقنع شخصا معارضا تماما لتلقي اللقاح بالحصول على اللقاح. لكن يمكن أن يكون لنا تأثير أكبر من خلال التحدث إلى شخص متردد في الحصول على اللقاح وليس رافضا للفكرة تماما".
2) كن متواضعا
القاعدة الثانية للتواصل الفعال تتعلق بتواضعنا، إذ يتعين علينا أن نحاول فهم وجهة نظر الشخص الآخر.
يقول كوك، الذي شارك مؤخرًا في تأليف دليل اتصالات لقاح فيروس كورونا: "من المهم إجراء حوار من طرفين، نستمع فيه بتعاطف للطرف الآخر ونسعى بصدق إلى فهم اعتراضاته. إن محاولة تغيير رأي شخص آخر من خلال جعله يشعر بأنه غبي ليست طريقًا للنجاح".
وتتفق بونز مع هذا الرأي، وتشير إلى أن الكثير منا ربما كانت لديه بعض الشكوك أيضا فيما يتعلق بالحصول على اللقاح، لكننا نميل إلى نسيان هذه الحقيقة بمجرد اتخاذنا القرار النهائي.
وتقول بونز إنه سيكون من الأفضل بكثير الاعتراف بمخاوفنا الأولية وشرح كيف توصلنا إلى القرار الذي اتخذناه. وتضيف: "ينزعج الناس من الشعور بأن شخصًا ما يحكم عليهم - وأعتقد أن هذا يمكن أن يحدث عندما تُعبر عن الكثير من الحقائق. هناك فارق كبير بين إخبار الناس بما يجب عليهم فعله، وبين ما فعلناه ولماذا".
وفي كتابها عن الإقناع، والذي يحمل اسم "لديك تأثير أكثر مما تعتقد"، تشير بونز إلى دراسة عن الرسائل الصحية بقيادة آن كرونرود من جامعة ماساتشوستس لويل. ووجد الفريق البحثي أنه عند تقديم المشورة، يستجيب كثير من الناس بشكل أفضل للاقتراحات التي تقدم لهم بطريقة لطيفة.
وفي إحدى التجارب، قيل لنصف المشاركين: "ممارسة تمارين البطن لمدة خمس دقائق في اليوم يمكن أن تجعل قلبك أقوى. يمكنك القيام بذلك!" وعلى الجانب الآخر، أعطيت للآخرين نصائح بطريقة أكثر قوة، كالتالي: "مارس تمارين البطن لمدة خمس دقائق في اليوم. اعمل على تقوية قلبك. افعل ذلك فقط!" وبعد أسبوع، سأل الفريق البحثي بقيادة كرونرود المشاركين عن نشاطهم البدني.
ووجد الفريق أن الأشخاص الذين كانوا منفتحين بالفعل على فكرة التمرين استجابوا بشكل جيد لكلتا الرسالتين. لكن أولئك الذين كانوا مترددين بالفعل استجابوا بشكل أفضل للاقتراح اللطيف.
3) اجعل المسألة شخصية
عندما ننخرط في هذه المحادثات، ونستمع بفاعلية لما يقوله الشخص الآخر، قد نجد أن المخاوف عملية ومشروعة في الغالب. وتشير دراسات حديثة إلى أن صعوبة الحصول على اللقاح تعد من أكثر العوامل التي تجعل البعض يتردد في الحصول عليه. وإذا كان الأمر كذلك، فيمكن تقديم المساعدة من خلال العمل على إزالة العوائق المحتملة، مثل تحديد موعد لتقلي اللقاح أو تنظيم النقل إلى المركز الصحي. وفي حالات أخرى، قد تجد أن هناك سوء فهم محددًا حول السلامة أو الفعالية يمكنك مناقشته.
فإذا وجدت نفسك في محادثة مع شخص يعارض بشدة تناول اللقاح، فقد تجد أنه من الأفضل التأكيد على الفوائد الفردية لتلقي اللقاح، وفقًا لدراسة أجرتها سينيد لامبي، عالمة النفس الإكلينيكي البحثي بجامعة أكسفورد.
وفي وقت مبكر من هذا العام، استعان الفريق البحثي بقيادة لامبي بأكثر من 15 ألف مشارك عبر الإنترنت، وقيم مواقفهم الأولية تجاه الحصول على اللقاح. وبعد ذلك، جرى تخصيص جزء من المعلومات بشكل عشوائي لكل مشارك حول اللقاح، تناول إما المخاوف التي تتعلق بالسلامة، أو الفوائد الجماعية (مثل تقليل مخاطر انتقال العدوى إلى أشخاص آخرين)، أو الفوائد الشخصية.
وتضمنت هذه المعلومات عبارات مثل: "يمكن للإصابة بفيروس كورونا أن تؤثر على حياتك بشكل خطير؛ لا يمكنك التأكد، حتى لو كنت شابًا ولائقًا، من أنك لن تصاب بالمرض الشديد أو تعاني من مرض مرتبط بفيروس كورونا على المدى الطويل؛ ما يصل إلى واحد من كل خمسة أشخاص لا يزال مريضًا بعد خمسة أسابيع من إصابته بفيروس كورونا؛ واحد من كل 10 لا يزال يعاني من الأعراض بعد ثلاثة أشهر؛ اللقاح يقلل من فرص إصابتك بفيروس كورونا، لذلك لن تشعر بالقلق بشأن ما قد يخبئه لك الفيروس".
وبعد ذلك، أجرى الفريق البحثي دراسة على المشاركين مرة أخرى لمعرفة مستوى ترددهم في الحصول على اللقاح
بشكل عام ، ثبت أن المعلومات المتعلقة بالمزايا الشخصية هي الأكثر إقناعًا للأشخاص الذين عبروا في البداية عن التردد الأكبر.
تقول لامبي إنها فوجئت بالنتيجة في البداية، لكنها تتناسب مع دراسات سابقة أشارت إلى أن الأشخاص المترددين في الحصول على اللقاح يميلون إلى أن تكون لديهم ثقة أقل في المجتمع. وتقول: "لذلك قد يشعرون بأنهم مستبعدون قليلاً، وقد يقل احتمال تحفيزهم بالمزايا الجماعية".
4) اشرح كيف يجري تقديم المعلومات المضللة
من حين لآخر، قد تجد أن المعلومات المضللة هي السبب في تردد بعض الأشخاص في الحصول على اللقاح. ومن الشائع أن تسمع أن التجارب السريرية "جرت على عجل" ، على سبيل المثال. وفي مثل هذه المواقف، يجدر الاعتراف بأنه من المفيد التشكيك في جودة أي دراسة علمية، قبل وصف التطور طويل المدى لتقنية إنتاج اللقاحات، والتي خضعت للاختبار لسنوات قبل ظهور فيروس كورونا.
ويمكنك أيضًا استكشاف حجم تجارب لقاحات فيروس كورونا - مع عشرات الآلاف من المشاركين - والمراقبة المستمرة للآثار الجانبية. ويمكنك أيضًا البحث عن رسومات عبر الإنترنت توضح المخاطر النسبية للإصابة بفيروس كورونا، مقارنةً باللقاح.
وفي حالات أخرى، قد يكون من المفيد شرح الطرق التي يلجأ إليها من ينشر المعلومات المضللة. ومن الشائع، على سبيل المثال، أن يزعم هؤلاء الأشخاص وجود بعض الأوراق أو الشهادات المزيفة التي تجعل ادعاءاتهم أكثر تصديقًا.
وفي بعض الأحيان، تجري مجموعات الضغط استطلاعات رأي موقعة من قبل العديد من هؤلاء الخبراء المزعومين للتشكيك في الرأي العلمي السائد وخلق حالة من الجدل.
وجرى استخدام كلا التكتيكين من قبل صناعة التبغ لتقويض الثقة في الأدلة العلمية المتزايدة ضد السجائر. وفي الآونة الأخيرة، جرى استخدامها أيضا لتقويض فهم الجمهور لقضية تغير المناخ.
وعندما يتعلق الأمر بفيروس كورونا واللقاحات، يزعم بعض المشعوذين أن لديهم فهمًا أفضل لعلم الفيروسات والمناعة من الخبراء الحقيقيين - على الرغم من عدم وجود منشورات علمية موثوقة تدعم وجهات نظرهم.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار