04-09-2021
محليات
فيما تبدّي السلطة القائمة العلاقة مع النظام السوري على عملية تأليف حكومة مستقلة تحاكي تطلعات الناس وتنقذ لبنان من الإنهيار، تتجه الأنظار إلى ما سيعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع غداً من معراب في القداس السنوي لشهداء المقاومة اللبنانية عند الساعة الخامسة برعاية غبطة البطريرك ما بشارة بطرس الراعي ممثلاً بالمطران حنا رحمة.
في كل عام بات هذا الحدث يستدعي الكثير من المتابعة نظراً لأهمية الكلمة التي يلقيها جعجع. في أول أيلول 2019 شن حملة كبرى على الفساد والفاسدين والمفسدين وكانت العلاقة قد انهارت مع التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون بعد انتخابات أيار 2018 وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري التي جرت في خلال تأليفها محاولات لاستبعاد القوات. في اليوم التالي لذاك الخطاب الذي هاجم فيه العهد توجه جعجع إلى بعبدا ليشارك في المؤتمر الإقتصادي الذي دعا إليه الرئيس عون ومن هناك دعا إلى الإستقالة وإلى تشكيل حكومة مستقلة استباقاً للإنهيار الكامل. ولكن الحكم والحكومة اختارا الإستمرار في مسار الإنهيار حتى كانت ثورة 17 تشرين 2019 في اليوم نفسه الذي كان فيه جعجع يعود من زيارة إلى كندا استمرت نحو 15 يوما.
في قداس الشهداء في 6 أيلول 2020 كانت المناسبة بعد شهر ويومين من تفجير مرفأ بيروت وبعد تداعيات جائحة كورونا واستقالة حكومة الرئيس حسان دياب وقد وجه فيها جعجع رسالة إلى "حزب الله" يدعوه فيها للعودة إلى لبنان بدل أخذ لبنان إلى المجاعة، وهاجم السلطة القائمة داعياً إلى خريطة طريق لثورة 17 تشرين وإلى ترجمة الإنتفاضة الشعبية في صنادق الإقتراع معتبراً أن شهداء تفجير المرفأ هم أيضاً شهداء المقاومة اللبنانية.
غداً في 5 ايلول سيطل جعجع أيضا من معراب ليؤكد أن المقاومة مستمرة كما كانت من أجل الحفاظ على لبنان السيد الحر المستقل ومن أجل استعادة السيادة والوقوف في وجه محاولة تحالف "حزب الله" والعهد أخذ لبنان إلى محور الممانعة الذي يتمثل بما يحصل اليوم من فتح الخطوط مع النظام السوري وكأن هذا الهدف بات يطغى على أي محاولة لإنقاذ الوضع وبالتالي فالسلطة تترك الوضع ينهار وتترك الناس في طوابير الإنتظار بحثاً عن لقمة خبز وعن دواء وعن تنكة بنزين، وبدل أن تتجه إلى تشكيل حكومة قادرة على أن تنقذ الوطن والناس تذهب إلى تشكيل حكومة محاصصة ومحسوبيات وكأنه لا توجد أزمة في البلد وكأن الليرة لا تزال بخير.
سيشن جعجع هجوماً على طريقة تشكيل الحكومة وسيعتبر أن الحكومة مهما كانت صيغتها وتركيبتها ليست ولن تكون الحل وأن الهدف الذي يجب أن يشكل باباً للخلاص هو في الإنتخابات النيابية التي تحدد موعدها مبدئيا في 8 أيار 2022 من أجل أن تكون مدخلاً لعملية التغيير الديمقراطي وتغيير السلطة القائمة. ولذلك سيدعو جعجع الناس الذين نزلوا إلى الشوارع وخابت آمالهم من هذه السلطة إلى أن يجددوا الأمل بالتغيير لأن هذا الأمل موجود إن أرادوا. سيحذّر جعجع من محاولة عرقلة هذه الإنتخابات إذا وجد تحالف السلطة أنه سيفقد الأكثرية النيابية الحالية وهي عملية لن تكون سهلة بسبب التركيز الدولي على هذه الفرصة التي ستشكل مدخلاً حقيقياً للإنقاذ وإعادة تشكيل المؤسسات من مجلس النواب إلى الحكومة إلى رئاسة الجمهورية. جعجع سيشن هجوماً على قوى السلطة التي تحاول عرقلة التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت وسيحذر من هذه المحاولات التي تشكل مضبطة اتهام في حق المعرقلين وسيدعو إلى دعم المحقق العدلي القاضي طارق بيطار وحمايته وحماية التحقيق. وبالتالي سيغتنم جعجع المناسبة لتوجيه رسائل إلى الأطراف الداخلية التي هي على خصام مع القوات أو تلك التي كانت متفقة ومتحالفة معها وابتعدت أو خاصمت وتلك التي لا تزال في خط مقاومة محاولة إزالة لبنان الكيان وهي المحاولة التي أشار إليها بيان مجلس المطارنة الموارنة في أول أيلول الحالي عندما اتهم قوى إقليمية وقوى محلية تابعة لها بالقيام بهذه العملية.
وجود وزراء من السلطة اليوم في دمشق سيعطي لجعجع حجة في رفع مستوى الخطاب السيادي ليؤكد أن المقاومة مستمرة وأن المجال مفتوح أمام الذين يريدون الإنخراط فيها من أجل تأمين عملية إنقاذ لبنان.
ليست مسألة بسيطة أن تُترك عملية تأليف الحكومة من أجل أخذ الصور في دمشق. وليست مسألة بسيطة أن يكون مشهد اليوم متناغماً مع الخط البحري الذي يحكى عنه بين إيران وسوريا ولبنان وهو الخط الذي كان دعا إليه الأمين العام لـ"حزب الله" أكثر من مرة عندما حدد بوصلة الخلاص بالإتجاه شرقاً، وهي البوصلة التي منعت قيام سلطة قوية ومنعت عملية التغيير وسرّعت في الإتجاه نحو الإنهيار الشامل والإرتطام الكبير.
أخبار ذات صلة