07-06-2021
محليات
تعدّدت المصائب والانهيار واحد... لا دواء ولا فيول ولا كهرباء وقريباً لا انترنت، وما زالت سلطة "التماسيح" مستمرة في غيّها وإجرامها فارضةً إيقاع "رقصة الموت" على اللبنانيين طمعاً بكرسي وزاري بالزائد أو تحقيقاً لطموح سياسي ورئاسي، أو رغبةً بإسقاط الهيكل فوق رأس الكيان لإعادة بنائه على أسس وركائز مفصّلة على قياس "قوّة الأمر الواقع".
وتحت سقف هذا الهاجس الكياني، طرح البطريرك الماروني بشارة الراعي بالأمس علامات استفهام وجودية وضعت الإصبع على جوهر الأزمة الحكومية، متسائلاً هل وراء "الأسباب الواهية لعدم التأليف نيّة بعدم اجراء انتخابات نيابية في أيار ثم رئاسية في تشرين الأول؟ وربما نية لإسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه ظناً منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد"، مشدداً في مقابل استشعاره نوايا مبيتة في هذا الاتجاه على وجوب إحباط هذه الأجندة، قائلاً: "لن نؤخذ بالقوة العابرة ولن نسمح لهذا المخطط أن يكتمل، ولن نسمح بتغيير نظام لبنان الديمقراطي وتزوير هويّته والقضاء على الحضارة اللبنانية".
وإذ جدد مناشدة الأمم المتحدة "التدخل لانتشال لبنان من الانهيار والافلاس"، ومنظمة الصحة العالمية "أن تضع يدها على الواقع الصحي في لبنان وتستجيب لحاجاته من أدوية ومواد طبية"، وبّخ الراعي المسؤولين الذين أوصلوا اللبنانيين إلى هذا الدرك من الانهيار، لكونهم يعملون في سبيل "إنقاذ أنفسهم ومصالحهم لا إنقاذ الوطن ويتصرّفون وكأنه لا يوجد شعب ولا دولة ولا نظام ولا مؤسسات ولا اقتصاد ولا فقر ولا جوع ولا بطالة ولا هجرة"، مبدياً العزم على عدم السماح "باستمرار توريط لبنان في صراعات المنطقة"، ومؤكداً أنّ عدم احترام شعار التحييد والنأي بالنفس، هو الذي دفع بكركي إلى طرح "إعلان نظام الحياد الناشط بكل أبعاده الدستورية"، والمطالبة بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان "عندما بات الإنقاذ الداخلي مستحيلاً".
أما في مستجدات المشاورات الجارية لإنعاش مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحكومية، بعدما اصطدمت بجدار المواقف المتصلبة إزاء عملية تقاسم الحصص الوزارية بين رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فإنّ أوساطاً مواكبة لهذه المشاورات أكدت عدم إحداث "أي خرق إيجابي يُعتد به خلال الساعات الاخيرة، بل على العكس من ذلك ما زالت المؤشرات تغلّب الكفة التشاؤمية حيال إمكانية إيجاد حل توافقي يتيح تعبيد الطريق أمام ولادة تشكيلة الـ24 وزيراً التي تنصّ عليها مبادرة بري، لا سيما بعدما بادر "التيار الوطني" إلى "دقّ مسمار" جديد في نعشها، عبر إعلان رفضه صيغة الـ888 باعتبارها تختزن "مثالثة مقنّعة" تنسف المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في السلطة التنفيذية".
وترجح المصادر أنّ يشهد الأسبوع الحالي "منعطفات مفصلية" أمام مبادرة بري، بدءاً من إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله غداً التي ستحدد مسار الأمور في أكثر من اتجاه، سواء لناحية "الحلفاء أو الخصوم"، مروراً بما ستفضي إليه الجهود التي يبذلها رئيس المجلس النيابي بالتعاون مع البطريرك الماروني، "للدفع قدماً على الطريق نحو حلّ إشكالية تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في التشكيلة المقترحة"، ووصولاً إلى اتضاح السبل الآيلة إلى بلورة "تشكيلة مستحدثة" وتبيان ما ستفضي إليه الجهود المبذولة لحثّ الرئيس المكلف على زيارة قصر بعبدا، وتقديم مسودة تشكيلته الجديدة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، "حتى ولو كانت موافقة عون غير مضمونة عليها، أقلّه لتأكيد نية الحريري في ترجمة مبادرة بري عملياً ورفع مسؤولية إجهاضها عن كاهله، وليتحمّل عندها كل فريق مسؤوليته أمام الداخل والخارج".
وفي هذا السياق، نقلت مصادر سياسية رفيعة أجواء تفيد بأنّ المجتمع الدولي بات يتعاطى مع الملف اللبناني على أنه "حالة ميؤوس منها"، وبالتالي فإنّ "الاتصالات والطروحات المتداولة بين عواصم القرار أصبحت تنحصر في البحث بكيفية تجنيب الدولة اللبنانية خطر الانهيار المؤسساتي التام، والإبقاء على الحد الأدنى من جسور الإمدادات الغذائية والطبية للشعب اللبناني".
وفي وقت لا تزال باريس تتمسك ببصيص الأمل المتأتي من "عين التينة" بغية تشكيل حكومة المهمة الإنقاذية، غير أنّ رهان الإدارة الفرنسية على هذه المبادرة "لن يصمد طويلاً"، بحسب المصادر نفسها، لا سيما وأنّ المعلومات المستقاة من خط التواصل الفرنسي – اللبناني تفيد بأنّ المسؤولين الفرنسيين منحوا المسؤولين المعنيين "فرصة أخيرة" للتوافق على صيغة الـ24 وزيراً، وإلا فإنّ الموقف سيتبدّل باتجاه دعم طرح تأليف "حكومة انتخابات تدير المرحلة الانتقالية الفاصلة عن الاستحقاق النيابي، سواء تم بتوقيته الدستوري المقرر في أيار من العام المقبل أو جرى التوافق على تقريب موعده وإجراء انتخابات مبكّرة".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار