26-12-2020
عالميات
عملية ردع لا سابق لها، نفذها الجيشان الاميركي والاسرائيلي على مدارالاسبوعيين الماضيين، تمثلت بارسال غواصات وقاذفات إلى الخليج العربي، بهدف الردع الاستراتيجي.
كتب رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرنوت" الاسرائيلية "أن الجيشين الاميركي والاسرائيلي يقومان بعملية ردع استرتيجية مشتركة وغير مسبوقة في تاريخ الشرق الاوسط ضد ايران".
ولفت بن يشاي الى "أنها المرة الاولى في تاريخ المنطقة التي تشارك فيها قاذفات أميركية وغواصات استراتيجية أميركية واسرائيلية، في عملية الهدف منها الإثبات لإيران أن لدينا قدرات عسكرية لا يمكن طهران التعامل معها، وانها في حال احتاجت لها اسرائيل أو اي من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. ونسق لهذه العملية رئيس هيئة أركان الجيش الاميركي الجنرال مارك ميلرخلال زيارته الأخيرة للمنطقة قبل أسبوع".
ويلخص بن يشاي الحاجة لعملية الردع "انها نتيجة لتقييم الوضع في المنطقة من قبل البنتاغون واسرائيل"، إذ رجحت التقديرات أن تقوم ايران بعملية أوهجوم عسكري قبل أن يؤدي الرئيس الاميركي المنتخب اليمين لتولي منصبه في ال 20 من كانون الثاني (يناير) المقبل.
وفي تلك التقديرات أن لإيران ثلاثة دوافع للقيام بذلك، أولها الانتقام من الولايات المتحدة بعد عملية اغتيال قائد" فيلق القدس" قاسم سليماني في 3 من كانون الثاني ( يناير) الماضي، وثانيها الانتقام من اسرائيل بعد عملية الاغتيال التي نفذتها ضد "أبي البرنامج النووي الايراني" العالم محسن فخري زاده، وثالثها هوالضغط النفسي على الادارة الاميركية المستقبلية لرفع العقوبات التي فرضها ترامب والتي تتسبب بضائقة اقتصادية واجتماعية حادة في ايران وتهدد بقاء النظام.
اما الدافع الاضافي والاخير فهو العمل على دفع الاميركيين لسحب قواتهم التي تهدد استراتيجيا إيران غرباً في العراق وشرقاً من أفغانستان.
ويلفت المحلل العسكري الاسرائيلي إلى أن "تقييم النوايا الايرانية في الولايات المتحدة أكثر صرامة منه في اسرائيل، إذ يسود في الدولة العبرية اعتقاد أن الايرانين اذا رغبوا بفعل شيء ما فأنهم سيفعلون ذلك عبرمبعوثين، وستكون الاضرارأو الضرر طفيفاً، حتى لا يتسبب ذلك بتصلب لمواقف ادارة الرئيس المقبل بايدن بسبب ضغط الرأي العام وأنصار ترمب" .
وفي المقابل، تشير التقديرات في الولايات المتحدة الى أن الايرانيين قد يرغبون في فتح صفحة جديدة مع الرئيس الجديد ليقوم برفع العقوبات عنهم، لكن رغببة الجناح المحافظ في الانتقام وطرد الاميركيين من الشرق الاوسط ، أقوى من رغبات البرغماتيين في ادارة الرئيس حسن روحاني وكذلك المرشد الأعلى خامنئي، الذين يعتبرون رفع العقوبات أولوية.
وعلى وقع هذه التطورات، تتم عملية الردع بواسطة الوسائل العقلية والعسكرية و بمزج بينهما والتي بدأت برحلة مباشرة من الولايات المتحدة الى قطر في الخليج العربي، ومن ثم بارسال قاذفات "بي 52" التي أظهرت قدرة على الوصول والعودة من الولايات المتحدة الى الخليج دون توقف. و تمتلك هذه القاذفات القدرة على اطلاق أكثرمن 30 طناً من الذخائر الدقيقة الاهداف، وهي خارج نطاق قدرة البطاريات الإيرانية المضادة للطائرات، كما أن القاذفات قادرة على تدميرعشرات الاهداف المحصنة والمنشآت النووية في ايران. لذلك تم اطلاق قاذفات القنابل الى الشرق الاوسط والعراق وأفغانستان، فالقدرات التكنولوجية للصواريخ الدقيقة التي تحملها هي أكثرتقدما من تلك التي تستخدمها الولايات المتحدة حالياً.
ومع ذلك، يلاحظ بن يشاي أنه "حتى الان لا يبدو أن هذه الاشارة تركت الانطباع المطلوب لدى الايرانيين، فقد اطلقت ميليشيا عراقية مساء الاحد الماضي، ما يقارب 20 صاروخاً قطر كل منها 107 ملم على السفارة الاميركية في بغداد، بعدما تجنبت الميليشيات العراقية منذ فترة طويلة اصابة منشآت السفارة. ولم تتسبب صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى بوقوع اصابات وأوقعت أضراراً طفيفة، لكن ترامب حمل الإيرانيين مسؤولية هذه العملية.
غداة هذا الهجوم، كشف الاميركيون أن الغواصة الاستراتيجية "جورجيا" تبحر في مياه الخليج العربي، وتحمل أكثر من 150 صاروخ كروز. وتعد هذه الغواصة جزءاً من قوة مهمة من المدمرات الثقيلة والخفيفة التي تحمل صواريخ كروز. ويشكل وجود مثل هذه القوة الاستراتيجية الهجومية على بعد عشرات الاميال من البحرية قبالة سواحل ايران تهديداً لا يمكن للإيرانيين تجاهله.
ويقول بن يشاي إن على الإيرانيين التفكير بأن ترامب قد يستخدم هذه القوة، حتى لو كان ذلك من أجل ان يصعب على بايدن التفاوض على اتفاق نووي جديد. فاستخدام الغواصة مهم وينطوي على رمزية خاصة.
وسبق للايرانيين أن طوروا صواريخ وأساليب يمكن أن تضرب حاملات الطائرات والسفن فوق الماء، لكن لن يكون للايرانين حول ولا قوة في مواجهة غواصة قادرة على اطلاق أكثر من 100 صاروخ كروز عليهم، ومن الممكن أن تلحق الخراب بمنشآت البرنامج النووي والصناعات الدفاعية التي تنتج صواريخ وطائرات بدون طيار. فطريقة العمل الايرانية في مهاجمة السفن الاميركية بزوارق سريعة تحتوي على متفجرات وصواريخ لن تكون عملية وغير فعالة في مواجهة هذه الغواصة.
ويختم بن يشاي مذكراً بأن قناة "كان" نسبت الإثنين إلى مصادراستخباراتية عربية خبراً مفاده أن اسرائيل أرسلت "غواصة دولفين" عبر قناة السويس باتجاه الخليج العربي، الأمر الذي يفترض أن اسرائيل ومصر أرادتا نشر الخبر، وان الهدف ايضا هو الردع. وإذ أشار إلى أن الغواصات الاسرائيلية من طراز" دولفين" لديها القدرة على اطلاق صواريخ كروز دقيقة برأس نووية او تقليدية، افترض أن هناك توزيعاً للعمل بين اسرائيل والولايات المتحدة، تقوم بموجبه اسرائيل بتشغيل الغواصة وقدراتها الاخرى في البحرالاحمر ومنطقة باب المندب، بينما تعمل الولايات المتحدة داخل الخليج.
ويعد استخدام الغواصات للردع أمرا جديدا في الشرق الاوسط، بالرغم من مشاركة الغواصات في المعارك البحرية خلال الحرب العالمية الثانية، كما أن تصريحات الجنرلات الاميركيين والاسرائيلين توضح للايرانيين أن هذا السلاح قد خرج من الدرج، وإذا لم يفهموا الرسالة فقد يتم تفعيله ضدهم.
أبرز الأخبار