31-10-2020
محليات
للمرة الاولى منذ الانعطافة القوية التي شهدتها الساحة السياسية اللبنانية، في 17 تشرين الاول 2019، تاريخ انفجار الثورة الشعبية واستقالة الرئيس سعد الحريري اثرها في 29 تشرين من العام عينه، يُسجّل موقف سعودي من التطورات المحلية الحكومية.
فالمملكة، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"، منذ ذلك التاريخ لم تنبس ببنت شفة من هذه القضية، ونأت بنفسها عن الملف اللبناني عموما والحكومي خصوصا، مكتفية بمواقف عالية النبرة من حزب الله وبمقاطعة للدولة اللبنانية وأركانها المقرّبين كلّهم من الضاحية. أكثر من ذلك، افيد ان الرياض تنظر الى الرئيس الحريري ببرودة، ولم تعد ترى فيه الحليف القوي والرجل القادر على الوقوف في وجه سيطرة الحزب على الحياة السياسية اللبنانية. الصمت والفتور السعوديان تجاه لبنان والحريري، خرقا اليوم، بسطور قليلة. فقد كتبت صحيفة "المدينة" السعودية أمس "المرحلة تتطلب وجود الحريري، لا غيره، على رأس الحكومة المقبلة، بالنظر إلى تمتّعه بعلاقات دولية واسعة وثقة لدى المؤسسات الدولية والدول ذات الثقل الاقتصادي، وعلى رأس أولئك روسيا والولايات المتحدة. كلّنا أمل بأن یتخطّى الحریري معضلة صعوبة تألیف الحكومة، ویتعاون معه الذین لم یُسمّوه لیجتاز لبنان مرحلة الخطر". وأضافت الصحيفة إنّ "الوقت قد حان للتوافق الوطني ووضع الكتف على الكتف للخروج من الأزمة، رغم التحدیات التي ستواجه الحریري، والتي تتعلق بكیف ستكون آلیة التوافق على تعیین الوزراء".
فما الذي دفع الصحيفة الى كتابة ما كتبته؟ وما الهدف من هذه الرسالة؟ المصادر تقول ان ما جاء في "المدينة" يشير الى ان الاتصالات التي تجريها فرنسا، بالتنسيق مع واشنطن، مع المعنيين بالملف اللبناني، ومنهم الرياض، مستمرة خلف الكواليس حيث تحشد الدعم الدولي والاقليمي للمبادرة الفرنسية ولمساعي الرئيس الحريري في تشكيل الحكومة. ويبدو ان هذه الاتصالات تفعل فعلها، بدليل الموقف النوعي السعودي الذي اعلن للمرة الاولى دعما صريحا للحريري في مهمته، وتحدث في لهجة لينة توافقية لبنانيا دعت الى التكاتف والتعاون بين اللبنانيين للخروج من الازمة"، بعيدا من الادبيات التي طبعت كل مواقف المملكة منذ عام واكثر وتبدي كلّها تشددا حيال حزب الله ودوره المزعزع للاستقرار في لبنان والمنطقة.
لكن كيف يمكن ترجمة هذا "الـpass" السعودي للحريري على ارض التشكيل؟ فالرجل قدّم اصلا كل التنازلات اللازمة اكان للثنائي الشيعي عبر "المالية" او للمسيحيين عبر التنسيق الدائم مع رئيس الجمهورية وحرصه على اعطاء الاخير الحق في اختيار الوزراء الذين سيمثلون المسيحيين بالشراكة مع الرئيس المكلّف. جرعة الدعم هذه والمرونة السعودية المستجدة قد يكون الهدف منهما تبرئة الرياض ساحتها من اي تهمة بالتعطيل لبنانيا وكشف المعرقلين الحقيقيين للتأليف. فالمملكة بدت بموقفها، تريد ان تثبت للجميع، لبنانيا واقليميا ودوليا، انها مسهّلة ولا تعرقل التشكيل بل انها تريد الحريري حتى انها ترى فيه رجل المرحلة القادر على التواصل مع الدول المانحة والعواصم الكبرى. والمطلوب اذا ان يتصرّف الفريق الآخر في الداخل، اذ يتأكد أكثر يوما بعد يوم ان من يضع الشروط ليس الرئيس الحريري بل من سمّوه: حتى الساعة يرفضون المداورة (لان المالية استثنيت منها) ويتشددون في عدد الوزراء وفي حصصهم ويريدون اثلاثا معطّلة، كما ان موقفهم ضبابي من برنامج الحكومة الاصلاحي..
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار