27-10-2020
صحة
سيّد الخداع
في المراحل المبكرة من الإصابة يكون الفيروس قادراً على خداع الجسم، إذ يمكن أن ينتشر فيروس كورونا في الرئتين والممرات الهوائية، ومع ذلك يعتقد جهاز المناعة لدينا أنّ كل شيء على ما يرام. ويقول البروفيسور بول لينر من جامعة كامبريدج: «هذا الفيروس مذهل، فهو يسمح بأن يكون لديك مصنع فيروسي في أنفك ومع ذلك تشعر بأنك على خير ما يرام».
ذلك أنّ خلايا أجسامنا عندما يغزو الفيروس عضواً معيناً فيها تبدأ بإطلاق مواد كيميائية تسمى الإنترفيرون، ويعد ذلك إشارة تحذير لبقية الجسم وجهاز المناعة. ويقول البروفيسور لينر إنّ فيروس كورونا لديه «قدرة مذهلة» على إيقاف هذا التحذير الكيميائي. ويقول إنه عندما تنظر إلى الخلايا المُصابة في المختبر لا يمكنك معرفة أنها مصابة، ومع ذلك تظهر الاختبارات أنها «مشبعة بالفيروس».
"قاتل يضرب ويهرب'
تبدأ كمية الفيروس في أجسامنا في الوصول إلى الذروة في اليوم السابق لبدء المرض. لكنّ الأمر يستغرق أسبوعاً على الأقل قبل أن يتطور كوفيد إلى النقطة التي يحتاج فيها الناس إلى العلاج في المستشفى.
لذلك، فإنّ الفيروس مثل سائق خطير يفرّ من مكان الحادثة بعد ارتكابها، لقد انتقل الفيروس إلى الضحية التالية قبل فترة طويلة من تعافينا أو موتنا. إذاً «الفيروس لا يهتم» إذا مت، وكما يقول البروفيسور لينر: «هذا فيروس يضرب ويهرب». ويعكس ذلك تناقضاً كبيراً مع فيروس سارس الأصلي الذي يرجع تاريخه لعام 2002، فأكثر وقت يكون فيها هذا الفيروس مُعدياً هي الأيام التي تلي إصابة الناس بالمرض، لذلك كان من السهل عَزلهم.
نوع جديد لا حصانة عليه
هناك 4 أنواع من فيروسات كورونا تصيب البشر، وتسبّب أعراض نزلات البرد. وتقول البروفيسور تريسي هاسيل من جامعة مانشستر: «هذا نوع جديد، لذلك لا نعتقد أنّ هناك الكثير من الحصانة المسبقة ضده». وتضيف قائلة إنّ حداثة سارس-كوف-2، الاسم الرسمي لكوفيد 19، يمكن أن تمثّل «صدمة كبيرة لجهاز المناعة لديك».
ويعدّ بناء دفاع مناعي من نقطة الصفر مشكلة حقيقية لكبار السن، لأنّ جهاز المناعة لديهم بطيء. كما أنّ مع التقدم في السن، ننتج مجموعة أقل تنوّعاً من الخلايا التائية، وهي مكوّن أساسي في الجهاز المناعي، لذلك يصعب العثور على تلك التي يمكنها الدفاع ضد فيروس كورونا.
الآثار الغريبة
يبدأ كوفيد كمرض رئوي، ويمكن أن يؤثر على الجسم كله. ويقول البروفيسور ماورو غياكا، من مستشفى كينجز كوليدج بالعاصمة البريطانية لندن، إنّ العديد من مظاهر مرض كوفيد «فريدة» بالنسبة للمرض، بل في الواقع إنه «يختلف عن أي مرض فيروسي شائع آخر».
ويقول إنّ الفيروس يفعل أكثر من مجرد قتل خلايا الرئة فهو يفسدها أيضاً، فقد شوهِدت الخلايا تندمج معاً في خلايا ضخمة ومعطّلة تسمّى سينثيا، ويبدو أنها تبقى. ويقول البروفيسور غياكا إنه يمكن أن يكون لديك «تجديد كامل» للرئتين بعد الأنفلونزا الحادة، لكن «ذلك لا يحدث» مع كوفيد.
كما يحدث تَجلّط الدم أيضاً بشكل غريب في كوفيد، مع قصص الأطباء غير القادرين على إدخال أنبوب في المريض لأنّ الدم المتجَلّط يمنع ذلك على الفور. وتقول البروفيسور بيفرلي هانت، من مستشفى كينجز كوليدج بلندن، إنّ المواد الكيميائية المتجلطة في الدم «أعلى بنسبة 200 في المئة و300 في المئة و400 في المئة» عن المعتاد لدى بعض مرضى كوفيد.
وقالت البروفيسور بيفرلي هانت لبرنامج إنسايد هيلث: «طوال مسيرة مهنية طويلة للغاية لم أر أي مجموعة من المرضى بمِثل هذا الدم اللزج». ويمكن أن تكون هذه التأثيرات على الجسم كله بسبب المدخل المسامي الذي يتجوّل فيه الفيروس ليصيب خلايانا، ويسمّى مستقبل إيه سي إي 2، ويوجد في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك الأوعية الدموية والكبد والكليتين وكذلك الرئتين. ويمكن للفيروس أن يسبب التهاباً سريعاً في بعض المرضى ممّا يجعل جهاز المناعة يعمل بشكل مفرط، مع عواقب وخيمة على بقية الجسم.
البدانة ترفع الخطر
يكون كوفيد أسوأ إذا كنت تعاني السمنة، لأنّ البدانة تزيد من احتمالات الحاجة إلى العناية المركزة أو التعرّض للوفاة عند الإصابة بالفيروس، وذلك أمر غير معتاد. فقال البروفيسور السير ستيفن أورايلي، من جامعة كامبريدج: «إرتباطه القوي بالسمنة شيء لم نشهده مع الإصابات الفيروسية الأخرى، فمع إصابات الرئة الأخرى غالباً ما يكون البدناء في حال أفضل وليس أسوأ». وأضاف قائلاً: «يبدو الأمر خاصاً جداً بكوفيد».
وتتسبّب الدهون المتراكمة في جميع أنحاء الجسم وفي أعضاء مثل الكبد، في اضطراب التمثيل الغذائي الذي يبدو أنّ نتيجة وجوده مع فيروس كورونا سيئة. ومن المرجّح أن يكون لدى مرضى السمنة مستويات أعلى من الالتهابات في الجسم ومن البروتينات، والتي يمكن أن تؤدي إلى التجلّط.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار