19-09-2020
تقارير
جورج العليه
<p>اعلامي ومحلل سياسي لبناني</p>
اعتقدنا مع هول الصدمة اننا خسرنا كل شيئ، خسرنا ارواحنا واموالنا واكيد ما تبقى لنا من دولة وكيان وهما اصلا مهترئان.
واذ برئيس دولة عظمى وهي فرنسا بالطبع، يهرع الينا على وجه السرعة، لم نكن بعد قد استفقنا من تلك الصدمة حتى اتى ماكرون ليتنقل من شارع الى شارع يلتقي الكبير والصغير يطلق المواقف والشعارات حتى كدنا نعتقد ان عودة الانتداب الفرنسي صارت على الأبواب وماكرون هو المنقذ الكبير الذي سينتشلنا من هذا الدرك ومن قبضة تلك الرؤوس السياسية الحامية المتسلطة علينا منذ زمن بعيد.
اغرقنا ماكرون بوعوده هدد وتوعد قال كلاما لم يقله احد عن هذه الطبقة، وصفها بأبشع الاوصاف التي تستحقها طبعا، ومن ثم انتقل الى لقاء عظمائها في قصر الصنوبر.
في هذا اللقاء وبحسب المعلومات الاكيدة صب الرجل جام غضبه عليهم وحملهم جميعا كامل المسؤولية عن الإنهيارات الحاصلة.
سمع الحاضرون الكلام ووجوههم مصفرة وعقولهم مبعثرة ثم غادروا كل يحاول استيعاب تلك اللحظة.
ماكرون حدد مهلا لمن التقاهم وطالبهم بحكومة جديدة وتنفيذ رزمة اصلاحات طارئة قبل عودته.
في بيروت كانت حكومة حسان دياب ايعنت فحان وقت سقوطها وهكذا كان وتم تكليف رئيس حكومة جديد
فكان له ماراد.
غير ان الرجل العالم بكل مصائب البلد لم يدرك دهاليز السياسية المحلية ولعبة الكر والفر التي يتقنها بجدارة لاعبوا السياسة في لبنان
فهو سكر على انجاز اعتبرته الاطراف المحلية لزوم استيعاب الصدمة وتراجع تكتيكي من اجل العودة من جديد
وفي عز نشوته وزهوته اطلق ماكرون مهلا جديدة، اسبوعان للحكومة شهر لمؤتمر من اجل دعم لبنان ثلاثة اشهر لتنفيذ الورقة الاصلاحية التي صاغها بنفسه ومن ثم عودته الى لبنان
للوهلة الأولى ظن اللبنانييون ان ماكرون شرب حليب سباع اميركي وأكل الكافيار الايراني وان التسوية الدولية دانت ولبنان سينعم من جديد بالرفاه والنعيم
لم يمض اسبوع على مهلة تشكيل الحكومة حتى عاجله الثنائي الشيعي برفض التوليفة الحكومية الموضبة بإتقان من قبله والسبب الاول وزارة المالية، والتوقيع الثالث والسبب الثاني تسمية الوزراء الشيعة واتبعها حزب الله بتحذير مباشر طال رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري، الاول لحثه على عدم توقيع مراسيم الحكومة المعدة والثاني لتحذيره من مغبة المغالاة في اقتناص الفرصة الفرنسية لتسجيل انتصارات محلية
موقف الثنائي الشيعي انقذ نوعا ما التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل بالتحديد الذي وتحت وطأة التهديد بالعقوبات الاميركية والفرنسية ايضا اصبح كمن لا حيلة ولا قوة له فهو بالإضافة الى خسارة نصف شعبيته او اكثر منذ ١٧ تشرين. هو اليوم امام خسارة مكتسباته الحكومية والإدارية وربما مناجم الوزارات التي كان يستولي عليها
امام هذا الواقع تصلب حزب الله وتماهى رئيس الجمهورية معه ولو تحت الضغط. هنا اصبح ماكرون امام خيارين لا ثالث لهما، اما سحب المبادرة الفرنسية وخسارة الورقة اللبنانية التي يرفعها اقليميا واما الرضوخ والتراجع
قرر ماكرون التراجع ممددا مهلته اسبوعا آخر ربما اكثر وطلب الى الرئيس المكلف عدم تقديم اعتذاره وبادر الى الموافقة على تسمية وزير شيعي للمالية بحجة ان ان المبادرة لم تطلب ذلك وهو يحاول جاهدا تنشيط الحركة الحكومية بإجراء اتصالات شخصية يومية مع المسؤولين اللبنانيين حتى الآن لم تثمر شيئا
ليست هذه العوامل وحدها ما تجعل من ماكرون يغرق شخصيا كزعيم دولة كبرى في الوحول اللبنانية ويتوه في الزواريب الضيقة بين وادي أبو جميل وعين التينة وبئر العبد والرابية بل هناك عوامل اخرى تتصل بالموقف الأميركي الذي اعلن بشكل واضح وصريح وقوفه ضد المقاربة الفرنسية لحزب الله والخوف من تعويمه من خلالها وأتبع تخوفه بدفعات من العقوبات تتوالى على نغمات التحرك الفرنسي
بالمقايل تشدد ايراني متزايد يسعى الى عدم اعطاء ترامب اورقا اضافية تتمثل بعدم دخول حزب الله الحكومة اللبنانية بعد المعاهدات الخليجية مع اسرائيل والتي قد يستغلها على ابواب الإنتخابات الاميركية
اخيرا هل يستطيع الرئيس الفرنسي الخروج من الوحل اللبناني وبالتالي اخراج لبنان من ازمته المصيرية التي تهدد وجوده سؤال برسم الآتي من الإيام
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار