05-09-2020
محليات
على وقع الركام والدمار الذي خلّفه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من اب الفائت، عاد لبنان ليتصدّر سلّم الاهتمام الدولي، وبشكل مركّز بعد ان كان في مراتب اقل نتيجة تصدّر قضايا اخرى اهتمامات الدول.
ومع ان هذا الاهتمام فرضته مآسي حلّت بالشعب اللبناني بسبب اهمال وفساد الطبقة السياسية وهو ما دفعها الى التحرّك سريعاً من اجل مدّ جسر جوي من المساعدات الطبّية والغذائية الطارئة، الا ان الهجمة الدولية باتجاه بيروت لا يُمكن فصلها عمّا يجري في المنطقة، باعتبارها امتدادا للصراع الدولي-الاقليمي بين الولايات المتحدة الاميركية وايران.
فبيروت باتت منصة اساسية في المنطقة وقبلة انظار القوى السياسية الاقليمية نظراً لموقعها الاستراتيجي ودورها المحوري كنقطة تواصل بين الشرق والغرب. لذلك فان اي حل للبنان لن يكون منفصلاً عن الحلول الكبرى للمنطقة، لان ما يجري فيه نتيجة ترددات ازمات المنطقة، من هنا "يُمكن فهم" خلفيات الحجّ الاقليمي الى لبنان ولو على اشلاء بيروت، لان من يأخذ حصّة من الجبنة اللبنانية يحجز لنفسه موقعاً مؤثراً في عملية حياكة التسويات الكبرى للمنطقة.
وعلى رغم اهمية الموقع الاستراتيجي للبنان والذي يُعطي للدولة التي يكون لها تأثير سياسي فيه مكانة في رسم خريطة المنطقة، الا انه مُكلف وقد يرتد سلباً على الدولة نفسها التي تُمسك بورقته. وتكفي العودة بضع سنوات الى الوراء لاستنتاج ذلك.
فالجيش السوري عندما انسحب من لبنان في العام 2005 نتيجة ضغط شعبي ودولي، بعدما كان يُمسك بقبضة من حديد القرار اللبناني الداخلي، اندلعت بعد سنوات من انسحابه حرباً داخلية في سوريا شكّلت تحدّياً كبيراً له وجعلته في الصفوف الامامية لامتحان المحافظة على وحدة البلاد واستمرار النظام السوري.
وكما السوري كذلك الايراني. فعندما يتراجع نفوذه في لبنان من خلال "لبننة" حزب الله كحزب سياسي مثله مثل باقي الاحزاب بالاضافة الى تقليص حضوره في عواصم عربية عدة اعتد في مراحل سابقة بانها باتت تحت قبضته، ستندلع مواجهات في الداخل الايراني، بسبب فشل مشروع المحور الايراني في المنطقة الذي كلّف الجمهورية الاسلامية المليارات في وقت كان الشعب الايراني اولى بها بدل صرفها على الترسانات العسكرية.
وفي السياق، اعتبرت اوساط دبلوماسية لـ"المركزية" "ان المشروع الايراني في المنطقة آيل الى الزوال، وتكفي مراقبة ما يحصل من تطورات سياسية في دول مجاورة لنُدرك حقيقة ما يجري. ففي سوريا ايران تستمد شرعيتها من بقاء الرئيس بشار الاسد في الحكم، وكما هو واضح فان الروسي لم يعد متمسّكاً بالأسد والانتخابات الاتية ستُثبت ذلك".
اما في العراق، تضيف الاوساط "فان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يواصل مشروع بناء الدولة وتثبيت دورها. وهو ضد السلاح غير الشرعي ويقوم بضبط الحدود البرية بعدما كانت متفلّتة لمصلحة ايران. وكل ذلك يجري من دون معارضة ايرانية".
وانطلاقاً من ذلك، اعتبرت الاوساط "ان المنطقة امام تحوّلات كبرى عنوانها تقليص نفوذ ايران وإعادة طهران الى حدودها الطبيعية، ومتى عادت الى حدودها فان اوضاعها الداخلية لن تكون مستقرّة، والاحتجاجات ستكون ككرة الثلج".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار