02-09-2020
مقالات مختارة
ايفا ابي حيدر
ايفا ابي حيدر
قدّر البنك الدولي قيمة الأضرار والخسائر الاقتصادية الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت بنحو 8.1 مليارات دولار، وكان «مؤتمر الدعم الدولي لبيروت وللشعب اللبناني» الذي عقد بعد انفجار المرفأ بمشاركة 36 دولة ومؤسسة دولية تعهدت تأمين نحو 253 مليون يورو، أي نحو 298 مليون دولار كمساعدات إغاثة فورية، ما يعني انّ هناك فارقاً شاسعاً بين ما يحتاج اليه لبنان وما حصل عليه، ناهيك عن حجم الخسائر لأزمته المالية التي يعانيها منذ ما قبل الانفجار، والتي تقدّرها «لازار» بـ186 ألف مليار ليرة. فمن أين يمكن للبنان ان يحصل على هذه الاموال في ظل تعثّر مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي وعدم إقدامه حتى الآن على تحقيق خطوة إصلاحية واحدة؟
تقول مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انه فيما لو حصل لبنان اليوم على مساعدات بقيمة ملياري دولار ستستفيد من قسم صغير منه اليد العاملة اللبنانية، الّا انّ القسم الاكبر سيحوّل الى الخارج بغرض استيراد الزجاج او الالمينيوم، بما معناه انّ هذه المساعدات ليست عاملاً مريحاً لسعر الصرف، فالدولار الذي دخل الى لبنان لم يستثمر في مشاريع إنما استعمل للاستيراد.
تابعت: صحيح انّ إعادة بناء ما تهدّم يحرّك العجلة الاقتصادية قليلاً ولكن ماذا تفعل هذه الحركة في ظل اقتصاد منهار وعاجز؟ فهناك خسارة اقتصادية إضافية نجمت عن تراجع إنتاج مختلف القطاعات بعد انفجار المرفأ تقدّر وفق البنك الدولي بحوالى 3,5 مليارات دولار، الى جانب الاضرار في الممتلكات وتصل الى 4,6 مليارات دولار. وبالتالي، تجاه كل هذه الخسائر كيف يمكن لسعر الصرف ان يتحسّن، وأكبر دليل انّ سعر الدولار في السوق لم يتراجع أكثر من 500 ليرة في الفترة الاخيرة رغم الدعم ورغم كل المساعدات.
وعدّدت المصادر بعض الخطوات التي قد تساهم في تحسّن سعر الصرف، منها: في حال قررت احدى الدول ان تصلح المرفأ على نفقتها الخاصة الى جانب دعم مادي بنحو 3 الى 4 مليارات دولار، فيجب استعادة الثقة في العملة، وهذه الاستعادة لا تأتي في حال حصلنا على الاموال بهدف التصليح فقط، إنما في حال حصلنا على دعم لمشاريع استثمارية في المجال الصناعي او للشركات الناشئة في قطاعي التكنولوجيا او المعلوماتية، وإذا كانت الدول جدية فعلاً في نيتها دعم لبنان وإنشاء مؤتمر ثان للدعم الدولي يجب ان توجّه مساعداتها نحو المشاريع الاستثمارية، ففي هذه الحالات فقط سيتحوّل الدولار الاستثماري الى دولارات وتتحرك معه العجلة الاقتصادية ويجري تأمين وظائف للبنانيين.
الدولار يتجه صعوداً
وعن الاتجاه المتوقع لحركة الدولار في الفترة المقبلة، تقول المصادر انه بين الزيارة الاولى لماكرون والزيارة الثانية تحرّك الدولار قليلاً ضمن هامش 500 ليرة، لأنّ المساعدات المالية استعملت لاستيراد المواد الاساسية لزوم إعادة البناء. وكان الدولار قد أقفل يوم الجمعة الماضي على 7900 ليرة، قبل أن يعاود التراجع الى 7300 ليرة امس مع الزيارة الثانية لماكرون. وبالتالي، قد يتراجع الدولار هذه المرة أيضاً مؤقتاً، لكن ما ان يتراجع حتى يستعجل الناس لشرائه وسيُحجم من يملكه عن بيعه.
لكن في حال لم تستعجل الحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي لتأمين المساعدات المالية للبنان، فإنّ أزمة الدولار ستستفحل في الفترة المقبلة، عازِية ذلك لأنّ حاكم مصرف لبنان سبق وأعلن مراراً في الفترة الماضية انّ قيمة الاحتياطات النقدية بلغت 19.5 مليار دولار ولا زال امامناً ملياري دولار لنصل الى الاحتياطي النقدي الإلزامي والذي يبلغ 17.5 مليار دولار، وهذه الملياري دولار تكفينا لمدة 3 اشهر تقريباً، إذ إنه وفق الارقام فإننا نحتاج شهرياً لحوالى 700 مليون دولار كثمن لدعم المحروقات والقمح والادوية. وفي غياب اي خطة عمل من قبل الحكومة لمواجهة فترة ما بعد رفع الدعم، سيكون سعر الدولار من دون اي سقوف. وبمجرد دخول تجّار الفيول وتجار الادوية الى السوق السوداء لشراء الدولار فإنّ سعره سيُحلّق، لأنّ الطلب في السوق السوداء حالياً 600 مليون دولار وسعر الدولار يتراوح ما بين 7000 و7500 ليرة، وإذا أضفنا الى هذا الرقم 700 مليون دولار (كلفة دعم القمح والمحروقات والادوية) فهذا يعني انّ سعر الدولار سيتضاعف أكثر وذلك في الفترة المقبلة ليتخطى الـ15 ألفاً، إذ ستصبح الحاجة الى مليار و300 مليون دولار في الشهر، وهذه القيمة غير متوفرة حالياً، وبالتالي لا يمكن تلبية هذا الطلب، ما سيشكّل خطراً حقيقياً على قيمة الليرة وعلى استدامة تَوفّر السلع الاستهلاكية والقدرة الشرائية. فهل سيتمكّن اللبناني من شراء ربطة الخبز التي سيتخطى سعرها الـ10 آلاف او سعر صفيحة البنزين التي ستتخطّى الـ100 ألف ليرة؟
الى ذلك، رسمت المصادر سيناريوهين من المتوقع ان يلجأ اليهما السياسيون بعد فقدان السيطرة على سعر صرف الدولار، وهما: إمّا الاستكمال بسياسة الدعم الى حين نفاد الاحتياطي الالزامي، أي بمعنى آخر شراء المزيد من الوقت والاحتياطي بهذه الحالة يكفي لعام ونصف العام.
وإمّا إصدار قانون بخفض نسبة الاحتياطي الالزامي من 15% الى 10% او 5%، ومن شأن ذلك ان يؤدي الى تَراجع حصة المودع من الودائع المصرفية، فمن لديه وديعة بـ100 مليون ليرة على سبيل المثال سيحصل الى 10 ملايين منها فقط.
أخبار ذات صلة
محليات
هل يختفي الخبز من السوق؟