29-07-2020
مقالات مختارة
في مسرحيته الشهيرة "بالنسبة لبكرا شو" التي عرضت عام ١٩٧٨ على المسرح، وأعيدت بالصوت والصورة في صالات السينما قبل سنوات قليلة، يقارن زياد الرحباني بين الوطن وشخصية "ثريا".
ثريا، زوجة زكريا، مضطرة لأن تعمل في الدعارة وتبيع جسدها للمحلي والأجنبي، من أجل الحصول على المال، لأن المصروف يزيد والعائلة ليست قادرة على تحمل تبعات الغلاء.
لبنان بمحاولاته لبناء اقتصاد فاعل وقع في أزمة ثريا... اضطر لأن يبيع نفسه للأجانب للحصول على المال، لأن حالته لا تسمح إلا بذلك ومختصر واقعه وأيضا كما يقول زياد هو أن "حتى مواد أولية ما عنا".
الحاجة الدائمة للدولار من أجل تسيير الاقتصاد بما فيه حوّلت لبنان إلى "ثريا" مع جنسيات مختلفة، فتوالت فصول التضحيات الجسدية، إلى أن وصل الأمر به إلى نقطة اللاعودة، بحيث أن الدعارة لم تعد تكفي من أجل إقامة الاقتصاد المنتج، ولم يعد أحد يريد هذا المنتج الجسدي الذي يعرضه لبنان، تحت مسميات مختلفة، من وطن الرسالة إلى نقطة لقاء الشرق والغرب إلى المسار التنويري والانفتاح في العالم العربي.
لكن المشكلة أن الاقتصاد المنتج غير قابل للتبلور وسط انكماش عالمي عززت قبضته جائحة كورونا، وحوّلت معه الدول إلى "ثريات" وما دون.
هنا يأتي دور البطل حسان دياب، رئيس حكومة اللجان. في هفواته المغردة وغير المغردة، وإذا ما قررنا التغاضي عن تغريدة "النق" التي تصلح لناشط سياسي معارض خجول، لا لرئيس حكومة فرضت نرجسيته قائمة طويلة من الإصلاحات قد لا تتسع لها الكتب والمجلدات، ارتكب حسان دياب معصية كبرى، عبر دفع ثريا إلى "لبط" الغلة الموعودة.
خارقا كل الأصول الدبلوماسية، اختبأ حسان دياب خلف إنجازاته ليصف وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان بما معناه "المخدوع" بحيث أن لديه، وبحسب حسان دياب، نقص في المعلومات حول الإنجازات التي تقوم بها الحكومة. يستعيد دياب هنا أبطال رواياته المجهولة الفاعل حول المؤامرات التي تحاك ضده وضد حكومته، لكنه لا يدري، ربما بسبب قصور النظر أو نقص الخبرة، أن في كلامه اتهاما للسفارة الفرنسية بأنها تنقل تقارير مغشوشة لخارجيتها، بحيث أنها المولجة عكس الصورة الفعلية للبنان. اعتقد دياب أن كلامه سيصيب خصومه "الغيورين" لكنه فعليا أصاب فرنسا الدبلوماسية التي امتعضت لدى خارجيتها على توصيفه لها.
وأبعد من ذلك، اعترض على عدم الاستجابة على فعل الشحادة، بسبب الشروط التي فرضها لودريان، فرأى أن فرض إصلاحات قبل المساعدة هو بمثابة رفض المساعدة. يريد حسان دياب مساعدة غير مشروطة، تماما كما يطالب بتعويض غير مبرر من الجامعة الأميركية في بيروت. المنطق نفسه، إنما في ظروف مختلفة.
"ثريا" اضطرت لأن تبيع ما لديها مقابل بعض المال، لكنها لم تتشرط، وقبلت بالموجود من الفرنسي المتيّم إلى البلجيكي "السميك" أو الإسباني "اللي بينطح منيح". أما حكومة لبنان، التي صودف عبر العقود الماضية أنها في مرتبة ثريا، فهي ملكية أكثر من الملك.
"عا بيت مين الليلة؟".
أخبار ذات صلة
محليات
استقالة دياب غدا؟
أبرز الأخبار