09-03-2020
مقالات مختارة
غادة حلاوي
غادة حلاوي
منذ أيام واجتماعات جمعية المصارف في حالة انعقاد متواصل بينها وبين حاكم مصرف لبنان وحتى ساعات متأخرة من الليل. لم تكن تصدق الجمعية أن الحكومة يمكن ان تتخلف عن دفع استحقاق سندات اليوروبوندز في موعده. ظلت آمال المصارف بالدفع عالية وهي أبلغت المسؤولين تداعيات التخلف السلبية على سمعة الدولة والقطاع المصرفي. انقسمت الدولة بين مؤيد للدفع ومستعد للمواجهة. حتى كادت الكتل النيابية تنقسم على ذاتها كما حصل داخل كتلة “التحرير والتنمية” التي تنصلت من تصريحات نائبها أنور الخليل المؤيد للدفع.
خلال الإجتماعات التي شهدتها الأيام القليلة الماضية كان رأي المصارف دفع جزء ولو بسيط من المستحقات على سبيل إبداء حسن النية ومحاولة ارجاء المشكلة والتفاوض بشأنها بهدوء. رفضت الدولة أو انقسمت على نفسها. رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يريد أن يدفع ولو قرشاً واحداً بينما كان رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ميالين إلى الدفع قبل أن يلتقي الجميع مع الحكومة على الامتناع عن الدفع.
وخلال الإجتماع الاخير بدا حاكم المصرف المركزي معترضاً على عدم الدفع. ورئيس جمعية المصارف هاله كيف لم يؤخذ برأيه ولم يدع لشرح تفاصيل وجهة نظره. برأي سلامة كان يجب ايجاد طريقة لدفع جزء، في محاولة لكسب الوقت، مطالباً تسجيل موقفه في محضر الإجتماع. وهذا ما سبق واقترحه على وزير المالية حينذاك علي حسن خليل بتاريخ الحادي عشر من كانون الثاني ليأتيه الجواب بمنع الدفع. تعتبر المصارف أن عدم الدفع سيعرض لبنان لعقوبات ودعاوى بينما يجد الفريق الآخر المؤيد لوجهة نظر الحكومة أن المصارف تهوّل على الدولة حفاظاً على مصالحها.
خبير اقتصادي مشارك في الاجتماعات بين الجهتين لم يجد مبرراً لرفض المصارف الامتناع عن سداد الدين سوى الكشف عن تلك الصفقة أو الوعد الذي سبق وقطعه الحاكم المركزي للمدينين بالدفع، كاشفاً أن خوف المصارف الأساسي مرده إلى هيكلة المصارف التي ستجري في القريب العاجل ويدخل فيها ضمناً مصرف لبنان والتي ستفضح الكثير من الأرقام وتبين حقيقتها.
وفي المقابل كانت مشكلة المصارف مع المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لا تزال موضع اخذ ورد رغم قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بتجميده لبعض الوقت افساحاً في المجال لايجاد مخرج لائق يحافظ على هيبة القضاء ولا يضر بالقطاع المصرفي.
ولا يزال البعض على رأيه من أن قرار ابراهيم شعبوي زاد العلاقة مع المصارف تعقيداً خصوصاً أن القاضي عويدات، يتجنب حصول أي شرخ داخل القضاء وأن اعتبارات سياسية قضائية وطائفية متداخلة في الملف. وحاولت وزيرة العدل ماري كلود نجم تطويق ذيول الموضوع قضائياً بالاجتماع الذي جمعها بالقاضيين عويدات وابراهيم المصرّ حسبما يبدو على السير قدماً في تحقيقاته مع أصحاب المصارف.
وتقول مصادره إنه، وفور استرداد ملف التحقيق مع أصحاب المصارف من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، سيكمل عمله لناحية الإستماع إلى بقية أصحاب أو ممثلي المصارف التي لم يتم التحقيق معها بعد. وتنقل أن قرار القاضي عويدات لن يؤثر على سير الملف، معتبرةً أنّ القرار الذي اتخذه المدعي العام المالي حقق المبتغى “إذ كان المطلوب هز العصا للمصارف وهذا ما حصل بدليل ان المصارف سارعت الى البحث عن حلول بالتفاوض مع الدولة”.
تجزم المصادر أن “لا علاقة للملف بالسياسة ورغم كل ما حصل فالقاضي ابراهيم مرتاح البال والضمير. ليست المرة الأولى التي يسحب فيها المدعي العام التمييزي قراراً، هناك بداية واستئناف وتمييز واجراءات قانونية يمكن تفهمها”.
وحول اعتبار القرار بمثابة حكم أصدره القاضي إبراهيم ليس من إختصاصه، قالت المصادر إن “القرار تدبير موقت وليس حكماً ولا يمس أموال المودعين وكيف يمس أموالهم والهدف منه حماية حقوق المواطن الذي يقصد المصرف طالباً الف دولار فلا يصرف له أكثر من مئة دولار؟”، مؤكدةً أن “الهدف هو حماية أموال المودعين ولفت نظر المصارف إلى أنهم خرجوا عن النظام الإقتصادي الحر ويجب أن يعودوا إليه”.
بعد انتهاء التحقيقات خرج بعض أصحاب المصارف ينتقدون الطريقة التي تم التحقيق معهم على أساسها حتى أن بعضهم قال إنّ المحققين كانوا يقرأون الأسئلة المعدة لهم سلفاً من دون إلمام بالمضمون. كلام تجيب عليه مصادر المدعي العام بالقول: “ما حدا بيقول عن زيته عكر”، وتتابع: “الأمر ليس مهماً وكل النتائج المتوخاة من القرار تحققت بدليل بحث المصارف عن الحل”، نافيةً أن تكون النية ضرب القطاع المصرفي “الذي هو قطاع أساسي في اقتصادنا ويجب حمايته لكن شرط ألا تخرج المصارف عن أصول النظام الاقتصادي”.
أخبار ذات صلة