07-02-2020
مقالات مختارة
شارل جبور
شارل جبور
التحدي الأساس للحكومة ليس في بيانها الوزاري، على رغم انّ هذا البيان كفيل بتظهير نيّاتها العملية ورؤيتها الإصلاحية، إن وجدت، بل في مدى إصرارها على المضي قدماً في خطوات تنفيذية ضمن مهل زمنية محددة لإقفال ملفات مشكو منها منذ عقود، بدءاً من ملف الكهرباء، وصولاً إلى الاتصالات، وما بينهما الجمارك والمعابر غير الشرعية والإقدام من دون تردد على إشراك القطاع الخاص مع العام وخطوات أخرى ضرورية ما زالت حبراً على ورق في البيانات الوزارية لكل الحكومات المتعاقبة بسبب إصرار جهات معلومة على إبقاء الأوضاع على ما هي عليه كونها مستفيدة من حالة الفوضى.
ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت الأكثرية داخل الحكومة أم الأقلية ستكون مستعدة لتفجير مواجهة على طاولة مجلس الوزراء، والاتّكاء على القوى خارج الحكومة والناس في الشارع من أجل الضغط لمعالجة الملفات المَشكو منها، إذ على رغم الخطايا التي شابَت التأليف، فإنه لا يمكن الحكم بنحو مُبرم ونهائي على طريقة عملها في ظل وجود وزراء مستقلّين فعلاً ولا يجب ان يكونوا في وارد تلطيخ صورتهم والقضاء على أول تجربة لحكومة تكنوقراط بعد «اتفاق الطائف»، ولو كانت تسمية الوزراء تمّت عن طريق القوى السياسية.
فالثورة نجحت بنسبة 50% من خلال إبعاد التمثيل السياسي المباشر في الحكومة لشخصيات أصبحت مُلمّة بمقولة «من أين تأكل الكتف» داخل جسم الدولة المترهّل، ولكن الـ50% الأخرى تبقى الأهم لجهة هامش حركة الوزراء الجدد وقدرتهم على كسر المحرّمات وتحويل الحكومة مجرد استثناء أم قاعدة يفترض اتّباعها في كل الحكومات المقبلة لإدارة الشأن العام.
وفي مطلق الحالات، فإنّ مهمة الحكومة صعبة وشاقة جداً كونها تتحرّك وسط 4 لاءات أساسية:
ـ اللاء الأولى شعبية، حيث انّ الناس رفضوا منح الحكومة الثقة ولا حتى الفرصة كونهم اعتبروا انّ تأليف الحكومة خالفَ مطالبتهم بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين بعيدين عن منطق المحاصصة السياسية وتقاسم الحصص والنفوذ، ما يعني أنّ الناس لن يهادنوا الحكومة وأعلنوا المواجهة معها قبل الثقة وستستمر بعدها، كما يعني أنّ الحكومة تمارس مسؤوليتها وسط بيئة شعبية غير حاضنة، الأمر الذي يجعلها تحت المجهر الدائم والضغط المتواصل وفي مواجهة مفتوحة مع الناس الذين أصبحوا اعتباراً من 17 تشرين الأول شركاء في الحياة السياسية، ولم يعد بمقدور أي سلطة تجاهل المعطيات الشعبية الجديدة.
ـ اللاء الثانية سياسية، إذ انّ الحكومة لا تحظى بغطاء قوى سياسية وازنة كانت جزءاً من التسوية الرئاسية على غرار تيار «المستقبل» سنيّاً، و»القوات اللبنانية» مسيحيّاً، و»الحزب التقدمي الإشتراكي» درزيّاً، وعلى رغم انّ هذه القوى قررت عدم المواجهة على قاعدة «يا قاتل يا مقتول» أي لا نقاش قبل سقوط الحكومة، إلا انّ وجودها خارجها يضعف الجانب التمثيلي للحكومة شعبياً ووطنياً وخارجياً، كما لا يمكن الاستهانة بدور هذه القوى وتأثيرها خصوصاً في حال، لاعتبار من الاعتبارات، تدحرَجت الأمور في اتجاه مواجهة شاملة
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
احتمالات تشكيل حكومة تتلاشى.. وتحذير!
مقالات مختارة
تعذّر تشكيل الحكومة يستنفر المجتمع الدولي
أسرار شائعة
مسؤول امني يتدخَّل
أبرز الأخبار