29-01-2020
محليات
وحتى قبل أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفاصيل “صفقة القرن”، ليل أمس، تدحرجتْ الأسئلةُ في لبنان حول تأثيراتها على صعيد إعادة ترتيب الأولويات الداخلية من زاويتيْن:
* الأولى كنتيجة تلقائية لوهج هذا التطور الذي تجد “بلاد الأرز” نفسها على تماسٍ مباشر معه ليس انطلاقاً فقط من الموقف المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية وما يشكّله تاريخ 28 كانون الأول 2020 من “صفعة” كبيرة لمبادرة السلام العربية (أقرت في قمة بيروت عام 2002) والتي صارت الإطار الناظم للموقف العربي من الصراع مع اسرائيل، بل أيضاً نظراً إلى حضور العامل الفلسطيني في الواقع اللبناني عبر ملف اللاجئين.
* والثانية الخشية من محاولةٍ لاستغلال هذا الحَدَث لحرْف الأنظار أو حتى التسلل من خلف “الغبار” الذي سيُحْدِثه لـ “كسْر شوكة” ثورة 17 تشرين الثاني التي صارتْ “الرقمَ الصعبَ” في المعادلة الداخلية رغم سعي السلطة السياسية وأحزابها الحاكِمة لتدجينها تارةً وترويعها طوراً أو حتى “تفخيخها” لـ”تعطيل” مَفاعيلها.
وإذ أعلنتْ الفصائل الفلسطينية في لبنان عن يوم غضب في المخيمات (اليوم) تنديداً بصفقة القرن، برزت علامات استفهام حيال كيفية تَلَقُّف حزب الله هذا التطوّر وإذا كان من شأنه أن يبدّل في أجندته داخلياً سواء على صعيد برنامج عمل وأولوياتِ أوّل حكومة تكون لها اليد الطولي في تشكيلها مع حلفاء الصف الواحد في قوى 8 آذار، أو لجهة إمكان استثماره في تحريك شارعه رفْضاً لـ”تصفية القضية الفلسطينية” على قاعدة “لا صوت يعلو فوق صوت” الخطر الداهم الذي يهبّ عبر الأوعية المتصلة.
وفيما تستبعد أوساط واسعة الإطلاع عبر “الراي”، أن يعمد حزب الله إلى تجييش الداخل (أبعد من إطلاق المواقف) بمواجهة صفقة القرن استناداً إلى حاجته للحدّ من استدراج المشاكل الإقليمية إلى أحضان تركيبة جديدة هو معنيّ بتوفير ما أمكن من فرص النجاح لها وتثبيتها مع ما يحمله ذلك من أبعاد بعيدة المدى ذات صلة بالتوازنات اللبنانية بامتداداتها الخارجية، إلا أنها توقّفت عند ملامح مخطّط من الائتلاف الحاكم للانقضاض على الانتفاضة وحتى محاولة اجتثاثها و”محو” مَظاهرها و… معاقلها.
وفي هذا الإطار، تحدّثت الأوساط عن الدلالات البالغة السلبية التي يعبّر عنها ما حصل أمس في ساحة الشهداء وسط بيروت حيث حاولت القوى الأمنية فتْح الطريق المقابلة لمبنى “النهار” باتجاه مسجد محمد الأمين وإزالة العوائق الحديد التي كان وضعها المتظاهرون.