19-12-2019
مقالات مختارة
الان سركيس
الان سركيس
لكن الأخطر من ذلك، أن البعض حاول إقناع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري قبل عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة مجدداً، بأن الميثاقية المسيحية مؤمنة بعد امتناع حزب “القوات اللبنانية” عن تسميته لرئاسة الحكومة، وذلك من خلال تصويت باقي النواب المسيحيين خارج كتل “القوات” و”التيار الوطني الحرّ” و”الكتائب اللبنانية” له.
لكن بعيداً عن لعبة الميثاقية التي تُعتبر سيفاً ذا حدّين، فإن المسألة الأساسية هي انتماءات النواب المسيحيين الذين كانوا سيسمّون الحريري قبل اعتذاره أو قد يُستعملون في مرحلة مقبلة إذا دعت الحاجة. ينقسم مجلس النواب مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وقد حازت “القوات” و”التيار الوطني” على 40 نائباً إضافة الى النائبين نعمت افرام وشامل روكز، و3 نواب للكتائب، وبالتالي يصبح عدد النواب المسيحيين الذين كانوا سيحجمون عن تسمية الحريري 45 نائباً إضافة الى النائبة بولا يعقوبيان، أي ان أكثر من ثلثي النواب المسيحيين ظلوا متمسكين بعدم تسميته.
ويبقى بالتالي 18 نائباً خارج هذه التركيبات، لكن الخطر في العملية أن هؤلاء النواب في غالبيتهم يؤيدون الخط السوري وعلى علاقة مع النظام.
وفي نظرة إلى النواب المسيحيين الذين كانوا سيؤمّنون الميثاقية، فان كتلة تيار “المردة” مع النائب فريد هيكل الخازن تضم 4 نواب مسيحيين، ومعروف مدى العلاقة الشخصية التي تربط رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية بالرئيس السوري بشّار الأسد، وهذه العلاقة غير قابلة للزحزحة مهما كانت المتغيرات
أما الكتلة الثانية التي كانت ستسمي الحريري فهي كتلة الحزب “السوري القومي الإجتماعي” المؤلفة من 3 نواب. ويُشكّل “القومي” أحد أهم أذرع النظام السوري في لبنان، ولا ينسى أحد الدور القتالي الذي قام به أثناء أحداث 7 أيار 2008، وبالتالي فإن مجرد التفكير بأن “القومي” الذي لا يمثّل أصلاً البيئة المسيحية والذي فاز نائباه ألبير منصور في بعلبك – الهرمل وأسعد حردان في مرجعيون بأصوات الثنائي الشيعي يؤمّن الميثاقية، يُثير الإمتعاض المسيحي.
وبالنسبة إلى النائبين المسيحيين في كتلة “التنمية والتحرير”، أي إبراهيم عازار وميشال موسى، فإنهما لا يمثّلان الوجدان المسيحي، ومعروف إرتباط كتلة بري بالنظام السوري ومحور “الممانعة”، والأمر نفسه ينطبق على النائب إدي ديميرجيان الذي خاض الإنتخابات في زحلة وفاز بـ77 صوتاً تفضيلياً على لائحة “حزب الله” وحركة “أمل”.
وفي قراءة لما كان يمكن أن يحصل، فإن اللعبة ربما كانت ستتغيّر في حال قبل الحريري بهذا المخرج، فبدل أن ينال ميثاقية من هؤلاء النواب المسيحيين، فإنه سيعطيهم مشروعية سياسية في البلاد ويزيد من نفوذ النظام السوري ويساهم في تعويمه، ويصبح لهم دور كبير في الحياة السياسية يوازي دور “القوات” و”التيار الوطني”.
واللافت للإنتباه أكثر، أن الحريري الذي كان يشكو من تجميع النواب السنّة المستقلين في كتلة مركبة بدعم من “حزب الله” وانتزاعهم مقعداً وزارياً، لم يقع في الفخ فلم يسِر في لعبة استنساخ هذه التجربة على الساحة المسيحية والمساهمة بخلق “لقاء تشاوري مسيحي” موالٍ للنظام السوري و”حزب الله” ويلعب دوره ويستطيع التعطيل ساعة يشاء، وفضّل التنحّي بعدما أيقن أنه لن يحصل على دعم أي من تكتّلي “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي”.
يعلم الجميع أن أي استحقاق في لبنان لا يتم إلاّ إذا نال إجماعاً وطنياً، ولعبة خلق قوى أو تجميعها لن توصل إلى أي نتيجة، فخلق تجمع مسيحي موالٍ لسوريا لن يكون موجّهاً فقط ضدّ “القوات اللبنانية”، بل إنه قد يستعمل في مراحل محددة لهزّ العصا لـ”التيار الوطني الحرّ”، ما سيجعله معرّضاً للسقوط، علماً أن اللعبة باتت في مكان آخر بعدما فرض الشارع نفسه كشريك لا يمكن تخطيه.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار