مباشر

عاجل

راديو اينوما

التعثُّر الحكومي… الكهرباء نموذجاً!

09-09-2019

مقالات مختارة

صلاح سلام

صلاح سلام

ليس سهلاً أن يُهاتف رئيس فرنسا، الدولة التي نظمت وأدارت مؤتمر سيدر، رئيس الحكومة اللبنانية ليُعبر عن قلقه من تباطؤ الدولة اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات الموعودة في مؤتمر سيدر، رغم مضي سنة ونصف على إنعقاد المؤتمر، ورغم كل التسهيلات والتفهمات للوضع اللبناني المعقد من قبل الدول المساهمة في تقديم الدعم المالي لبلد الأرز!

أراد ماكرون، وفق الإعلام الفرنسي، توجيه رسالة واضحة لكبار المسؤولين اللبنانيين، مفادها أن إنطباعات موفده إلى لبنان لم تكن إيجابية بعد زيارته الأخيرة، وأن فرنسا ومعها دول سيدر تؤيد ما ذهب إليه الموفد بيار دوكان، حول عدم تقدير المسؤولين اللبنانيين لأهمية الوقت في التحرك لإنجاز الإصلاحات المطلوبة منهم، على إعتبار أن الدول المعنية لن تصبر طويلاً بعد الآن، على هذا العجز والتراخي من قبل السلطة اللبنانية في التحرك الجدي للحفاظ على ثقة الدول المانحة والمتعاونة في توفير القروض الميسرة لمشاريع البنية التحتية، وخاصة الكهرباء. 

ويبدو أن ملف الكهرباء هو الذي «كهرب» زيارة دوكان الأخيرة، حيث اكتشف الموفد الفرنسي أن كل ما يتردد عن تقدم في هذا الملف، هو مجرد كلام للإستهلاك الداخلي، ولم يتم بعد تلزيم بناء أية محطة توليد، ولا تحقيق أي تحسن في مالية الكهرباء، سواء بالنسبة للجباية، أو تخفيض النفقات غير المجدية، والتخفيف من الهدر الحاصل، أو حتى إعادة النظر بالتعرفة المدعومة للحد من قيمة العجز السنوي الذي يتجاوز الملياري دولار. وكان كلامه صريحاً وواضحاً إثر اللقاء مع وزيرة الطاقة، والذي طالب فيه بضرورة التحرك والبدء بالخطوات العملية، وفي مقدمتها تخفيف أو رفع الدعم عن تعرفة الكهرباء، وتحديث نظام الجباية وتعزيزه، فضلاً عن إطلاق ورشة بناء المعامل الجديدة، والتي يمكن إنجازها دون تحميل الدولة أية أعباء مالية، من خلال إعتماد الشراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي، على قاعدة «BOT» وما يشابهها. 

ما لم يقله الموفد الفرنسي حول التعثر الحاصل في الكهرباء ومشاريع سيدر، يتم التداول به في بعض الأوساط الديبلوماسية والإقتصادية، على خلفية واقع المحاصصة الساري المفعول بين أطراف السلطة، حيث يحاول كل طرف الحفاظ على مكاسبه، ولو على حساب خزينة الدولة، ومصالحها الحيوية. وفي الكهرباء ثمة مشروعين أساسيين تم إقرارهما في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وكان الوزير جبران باسيل يتولى حقيبة الطاقة، ووضع برنامجاً بكلفة مليار ومئتي مليون دولار، واعداً بتأمين الكهرباء على مدار الساعة في البلد!

 

المشروع الأول، يقضي بتركيب عدادات الكترونية ذكية للمشتركين في الكهرباء، ويتم تحصيل الفواتير من خلال التوطين في المصارف أو شركات الخدمات المماثلة، ويتم قطع التيار أوتوماتيكياً عن كل متخلف عن الدفع، تماماً كما يحصل مع خدمات الهاتف الخليوي. وتم على أساس هذا المشروع تلزيم الجباية الكهربائية للشركات التي تقدمت بعروض لتركيب هذه العدادات. ولكن هذه الشركات مستمرة بالإستفادة من الجباية، أما مشروع العدادات الذكية فأصبح في خبر كان، لأنه يخفض عجز الكهرباء مئات الملايين سنوياً!

المشروع الثاني، تحويل الوقود المستعمل في معمل دير عمار من الفيول إلى الغاز الطبيعي، وتوفير عشرات الملايين من الدولارات شهرياً، على إعتبار أن المعمل مجهز للعمل بالغاز. ولكن «حزب الفيول» النافذ، عارض الخطوة وأبقى الوضع على حاله حتى اليوم، ضارباً عرض الحائط بنسبة التوفير المهمة في التشغيل، فضلا عن المميزات البيئية المعروفة لإستخدام الغاز الطبيعي في توليد الطاقة.

لقد إتخذ الفرنسيون من التباطؤ الحاصل في برنامج الكهرباء نموذجاً للتعثر الحكومي في تنفيذ الإصلاحات الموعودة في مؤتمر سيدر. ولكن ما يُقال عن الكهرباء، يمكن أن يُقال مثله، أو أكثر منه، في قطاعات حيوية تدر أموالا وفيرة على الدولة، ولا تضطرها بمد يدها على جيوب الفقراء والموظفين وذوي الدخل المحدود، بحجة العمل على تخفيض عجز الموازنة.

من يُحصل الأموال الضائعة من عائدات مرفأ بيروت؟ من يتحمّل مسؤولية التهرب الضريبي المستمر في المرافئ والمعابر غير الشرعية؟ أين يذهب الهدر الحاصل في قطاع الإتصالات؟ متى يتم تحصيل حقوق الدولة من الأملاك البحرية والنهرية؟ من يستطيع إيقاف صفقات النفايات التي تعطل الحلول الجذرية وتمهد لعودة هذه الأزمة إلى الشارع من جديد؟ كيف يتم وضع حد للإلتزامات بالتراضي لمشاريع بمئات الملايين من الدولارات؟

 

شلالات مثل هذه التساؤلات لا تهدأ ولا تنتهي، ولكن هديرها يذهب في وادي المحاصصة والفساد، في دولة لا يُتقن حكامها غير الوعود اللمّاعة والخطابات الطنانة!

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.