26-04-2019
محليات
ومع الاتفاق الذي حصل أمس في مجلس الوزراء الذي انعقد في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون على إطلاق مسار إقرار الموازنة، يكون بدأ العدّ التنازلي لحلول «ساعة الحقيقة» التي ستُفتح معها «علبة أسرار» الإجراءات «المؤلمة» التي سيتمّ اعتمادها لخفْض العجز كإشارةٍ عملية لالتزام لبنان بالإصلاحات التي تعهّد بها أمام الدول المانحة في مؤتمر «سيدر» والتي اعتُبرت «شرْطاً» لتسييل مخصصات الـ 11 مليار دولار من قروضٍ ميسّرة ومساعدات.
وفي رأي دوائر مراقبة أن وضْع مشروع الموازنة على الطاولة سيقفل الباب على مرحلةٍ حكمتْها «بالونات اختبار» عدة وطروحاتٌ بدا بعضها «تمويهياً» في سياق تحضير الأرضية لقراراتٍ تقشفية غير شعبية، ما تسبّب بردات فعل استباقية في الشارع الذي أَحْدث «ربْط نزاع» مع اتجاهاتٍ جرى تسريبها وتتّصل بخفض رواتب العاملين في القطاع العام والتقديمات الاجتماعية والمساس بمعاشات المتقاعدين، وصولاً الى تقارير عن «بدائل» على طريقة «الخطة ب» مثل فرْض ضريبة 5 آلاف ليرة على صفيحة البنزين ورفْع الضريبة على القيمة المضافة الى 15 في المئة في سياقٍ اعتُبر تهويلياً لتمرير خياراتٍ مثل تجميد نسبة من الأجور (فوق الألف دولار) لثلاث سنوات.
وقد تَرَكَ هذا الأمر، الذي تَرافق مع تحذيراتٍ انطلقتْ أولاً على لسان كبار المسؤولين من أن لبنان على شفير النموذج اليوناني وأن البديل عن خفض الرواتب هو «عدم تقاضي أي معاش»، قلقاً كاد أن يتحوّل هلَعاً لاحتْ مؤشراته في الأسواق المالية حيث ارتسمتْ ملامح ارتباك غير مريحة.
ومع اقتراب الانكشاف الرسمي لِما تحمله «سلّة» القرارات المُرّة، سيكون الرصد من الآن للمدى الذي ستبلغه هذه القرارات وردّ الفعل الشعبي حيالها ولا سيما اذا لم تجد الحكومة بديلاً من تجميد نحو 15 في المئة من الرواتب لثلاث سنوات على أن يعاد العمل بها بعدها مع فوائدها، الى جانب خياراتٍ تتصل بتأطير بدلاتٍ وامتيازات وتعويضاتٍ يتقاضاها بعضُ كبار الموظفين في عدد من المؤسسات والإدارات العامة والسعي الى خفض تكلفة «التدبير رقم 3» في المؤسسة العسكرية بما لا يؤثّر على جهوزية الجيش، علماً أنه كان نُقل عن عون أنه يرفض أي مساس بالرواتب.
وفميا جاء قرار بدء مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء (وُزع مشروعها المؤلف من نحو 1200 صفحة على الوزراء أمس) من ضمن تَفاهُمٍ بين عون، الذي كان وجّه رسائل عدة تدعو للإسراع بطرْح الأمر على طاولة الحكومة، وبين رئيس الوزراء سعد الحريري الذي كان يتريّث في الأمر بانتظار تأمين غطاء سياسي جامِع للإجراءات التقشفية القاسية، فإن الأيام الفاصلة عن الثلاثاء يفترض أن تشهدَ استكمال مناقشات الكواليس حول الخيارات التي لم يتضمّنها مشروع الموازنة وتحديداً موضوع الرواتب والتخفيضات الممكنة في جوانب تتصل بالمؤسسة العسكرية، تلافياً لأيّ ثغر في التوافقات على أي منها، بحال اعتُمدت، يمكن ان تستغلّها أطراف في إطار مزايداتٍ شعبوية ولا سيما بحال حصلتْ ردات فعل في الشارع.
وفي موازاة ذلك، وفيما لم تستبعد أوساطٌ سياسيةٌ أن يكون توقيت فتْح رئيس البرلمان نبيه بري ملف قانون الانتخاب على بُعد 3 سنوات من موعد الانتخابات المقبلة مع معاودة تقديم طرْحه القاضي باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية (بلا صوت تفضيلي) يرتبط في جانبٍ منه بمحاولة «تشتيت» الانتباه عن مآل مناقشاتِ الموازنة وقراراتها الموجعة، لم تغِب عن المشهد السياسي الإجراءات العقابية المتلاحقة التي تتخذها واشنطن بحق أفراد وكيانات تعتبرها تابعة لـ «حزب الله» واستهدَف آخرها كل من اللبناني المقيم في بلجيكا وائل بزي (نجل محمد بزي المشمول بالعقوبات) وحسن طباجة ومقره لبنان (شقيق أدهم طباجة المشمول أيضاً بالعقوبات) و3 شركات تابعة للأول (مقرها في بلجيكا والمملكة المتحدة).
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار