04-04-2019
عالميات
نظير مجلي
نظير مجلي
وأعلن المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس أمس الأربعاء أن رفات الجندي زخاري باومل المولود في الولايات المتحدة والذي فقد منذ معركة السلطان يعقوب، بات في إسرائيل، من دون أن يكشف أي تفاصيل عن كيفية استعادة هذا الرفات. وقالت مصادر عسكرية إن إعادة الرفات تمت في عملية عسكرية بالغة التعقيد، من خلال مخاطرة كبيرة في أرض معادية، لكنها تكللت بالنجاح من جراء “جهود خارقة” و”مشاركة جهات كثيرة” واستخدام أراضي عدة دول.
ونفى مسؤولون لبنانيون على المستوى السياسي والأمني، علمهم باستعادة إسرائيل لرفات الجندي، مؤكدين لـ”الشرق الأوسط” أنهم علموا بالموضوع عبر الإعلام، فيما جزمت مصادر أخرى أن الموضوع مرتبط بالجانب السوري وليس اللبناني.
وخلال مفاوضات تبادل الأسرى اللاحقة، تعهد حزب الله ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس بالبحث عنهم، لكن هذه الجهود باءت بالفشل. وقررت إسرائيل، بحسب مصادر، الاعتماد على قواها الذاتية وعملائها وخبراتها التكنولوجية والاستخباراتية للعثور عليهم. وفي الأشهر الأخيرة، وصلت معلومات عن مكان دفن أحدهم، فأرسلت قوة كوماندوز إسرائيلية إلى المكان وفحصت القبر وتأكدت من الخبر. وقد تم النقل، بحسب المصادر الإسرائيلية، بالتنسيق مع روسيا، عبر مطار موسكو. فقد وصلت إلى هناك طائرة إل – عال الإسرائيلية وحملت الرفات إلى تل أبيب. وقالت مصادر عسكرية إن تفاصيل هذه العملية ستبقى طي الكتمان لفترة طويلة وربما لن يُعلن شيء منها.
في السياق نفسه، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست”، أمس، تصريحا للمتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف، قال فيه إن إسرائيل ناشدت روسيا المساعدة في العثور على رفات الجنود الإسرائيليين الموجودين في إحداثيات محددة في سوريا، في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش.
وأصدر الجيش الإسرائيلي، مساء أمس، بيانا مقتضبا، قال فيه إنه استعاد رفات الجندي باومل “بواسطة عملية عسكرية وليس من خلال صفقة تبادل أسرى”. وأضاف أنه بالإضافة إلى وحدة الكوماندوز، شاركت في العملية شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) وأجهزة استخبارات إسرائيلية أخرى. وأنه أطلق على العملية اسم “زمار نوغا” (مغني حزن). ولم يذكر الجيش المكان الذي عُثر فيه على الجثة، ولا الزمن المحدد. لكنه أعلن أن الجثة نُقلت عبر “دولة ثالثة” ونقلت إلى إسرائيل قبل عدة أيام. وبحسب البيان، فإنه تم العثور على معدات شخصية لباومل، الأمر الذي مكّن من التعرف على هويته. وأقر الحاخام العسكري موت باومل بعد التعرف على جثته، التي ستشيع في الأيام القريبة المقبلة.
وأوضح المتحدث للصحافيين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن جنديين آخرين لا يزالان مفقودين منذ هذه المعركة التي شهدت مواجهة بين الجيشين الإسرائيلي والسوري في سهل البقاع اللبناني قرب الحدود السورية يومي العاشر والحادي عشر من حزيران 1982.
وأضاف أنه تم التأكد رسميا أن الرفات يعود إلى زخاري باومل بعد فحص للحمض النووي قام به الطب الشرعي. وقال كونريكوس “إنها لحظة مؤثرة جدا. يسرني أن أعلن أن السرجنت باومل الذي فقد في معركة السلطان يعقوب في لبنان، يعود إلى الوطن بعد 37 عاما”. ولفت إلى أنه تم إبلاغ عائلات باومل والجنديين الآخرين المفقودين قبيل إعلان الأمر أمام الإعلام.
الجدير ذكره أن معركة سلطان يعقوب تمت في اليوم الخامس من حرب لبنان الأولى، وتحديدا في يوم 10 يونيو 1982، ففي إطار الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، اجتازت الفرقة 90 بقيادة اللواء غيورا ليف قرية مرجعيون وتمركزت في مواقع حول قريتي كوكبا وحاصبيا. ومن هناك، بدأت في دفع قوات سورية تابعة للفرقة العاشرة، شمالاً عند وادي البقاع باتجاه جب جنين. وقام سلاح الجو السوري بقصف أرتال المركبات الإسرائيلية المنتشرة على الطرق فقضى على عدد من جنودها. لكن القوات الإسرائيلية تمكنت من الاختراق في قرية السلطان يعقوب. ولكنها وقعت في كمين عسكري أدى إلى خسارتها ثماني دبابات ونحو 30 قتيلاً، مقابل مقتل 20 جنديا سوريا. وتركت وراءها ثلاثة جنود لم يعرف مصيرهم.
وفي أعقاب النشر عن عملية الكوماندوز، أمس الأربعاء، يروي الجندي يهودا كاتس، الذي وقع في الأسر يومها، ما جرى فيقول: “كنا أربعة جنود في الدبابة. وعندما تلقينا الضربة بالصواريخ السورية، قررنا الخروج في الظلام. وجلسنا خارج الدبابة نفكر فيما يمكن عمله. وقررنا الهرب باتجاه قواتنا. ورحنا نزحف على الأرض. ولكن يبدو أننا فقدنا الاتجاه الصحيح. فوقع بعضنا في الأسر وقتل البعض الآخر”.
وبقي كاتس في الأسر ثلاث سنوات، حتى تم إطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى المعروفة بصفقة جبريل سنة 1985، التي تم بموجبها الإفراج عن 3 جنود إسرائيليين، مقابل إفراج إسرائيل عن 1150 أسيراً، من بينهم 153 أسيراً لبنانياً.
ومن آثار معركة سلطان يعقوب ظل هناك رفات ثلاثة جنود مفقودين، هم بالإضافة إلى باومل، كل من يهودا كاتس وتسفي فلدمان اللذين لا يزالان يعتبران مفقودين. ومنذ ذلك الوقت تطالب إسرائيل بالعثور على مكان دفنهم.
وقد جاء الإعلان عن العملية، أمس، بمثابة مفاجأة كبرى عشية الانتخابات. وحاول اليمين الإسرائيلي الإفادة منها حتى أقصى حد، باعتبارها مكسبا ليس للجيش والمخابرات فحسب، بل أيضا للحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع. وهو يريد استخدامها رافعة في معركته الحزبية القاسية، التي ستتوج في يوم الانتخابات، الثلاثاء المقبل. ومن غير المستبعد أن تكون زيارة نتنياهو إلى موسكو اليوم لكي يقدم شكره للرئيس فلاديمير بوتين على مساهمته في هذه العملية.
وظهر نتنياهو، أمس، يتحدث في شريط فيديو عن والد الجندي الذي أعيد رفاته يونا باومل، فقال: “أنا عرفته جيدا والتقيته عدة مرات. لقد طاف كل ركن في العالم يمكنه فيه أن يطلب مساعدة للتعرف على مكان دفن ابنه. كان يحمل حذاءه معه وأغراضا أخرى تابعة له. وكل أمنياته تلخصت في أن يعثر على رفات ابنه ويدفنها في إسرائيل قبل أن يموت. لكن الحظ لم يسعفه ومات قبل أن يرى هذه اللحظة”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار