04-03-2019
تقارير
ايزابيل التنوري
ايزابيل التنوري
لا يجوز على لبنان ان يستغني عن صداقة كل الدول التي تحترم سيادته إلا أنّ سخرية القدر في هذا الموضوع تترجَمُ في ارضاء دولٍ من بابٍ يخرج عن طبيعة ديبلوماسية العلاقات بين الدول. الفسادُ يبدأ من العقل، ما يرفضهُ وما يقبلُ به وفقًا للقيم التي تفرضُ نفسها على الواقع الأليم.
ليس على الرئيس ميشال عون وحده ان يكون رأس الحربة في الدفاع عن لبنان وسيادته او للدفاع عن الحق ضد الباطل. انها مسؤولية الجميع، فجذور الفساد تعود الى مراحل مضت من تاريخ لبنان وقد ارخت بثقلها على الإقتصاد الوطني حتى انفجر. ملف التوظيف غير القانوني في الدولة او بالأحرى "التوظيف السياسي" الذي لا يُبرّىء أحدٌ منه لا العونيون ولا غيرهم، هو ملف يُعالج في الوقت الذي كان يجدر بسلطة القانون ان تفرض نفسها، في الوقت الذي اسشرى فيه الاستعلاء على القانون والحق، حق الشباب بتقديم طاقاتهم ومعرفتهم لدولة عشعش فيها بعضٌ دخل الى الدولة بدون كفاءة.
يعودُ سببُ انهيار الاقتصاد الوطني الى سوء ادارة الدولة للموارد الطبيعية التي يتمتع بها لبنان، غير التجارة الخارجبة والاستيراد والتصدير. انه ملف النفط، الضحية الأكبر...فمن يدري من يحترم القانون الدولي بهذا الشأن؟ وكأنّ المواطن الذكي او الطالب الجامعي الذي يتخصص بالإقتصاد لا يعرف حجم عدم احترام المجتمع الدولي للدولة التي تتنازل عن مفهوم الدولة...
هل نحن بحاجة الى "سيدر"؟
لبنان يملك ثروة نفطية لا يستهان بها فبحسب الدكتور نقولا سركيس الحائز على دكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة باريس وهذا حديثٌ آخرٌ ايضًا يجرنا الى السؤال عن العدد الهائل للطلاب الذين يتخصصون في الخارج والى ملف الفساد في الجامعة الوطنية وهنا الوجع الاكبر!! حيث تقبل الجامعة عددًا لا يستهان به من الاجانب، اضافةً الى قبول معدّل 10/20 لطالب الدكتورا الذي يجب ان يحصل على 14/20... على الأقلّ للبتّ في ملفّه وهذا ملفٌّ آخر...او ليس فسادًا ايضًا؟؟ ام الفسادُ شبحٌ بما انّ السجن لم يستقبل بعد ايّ من ارباب الفساد؟؟
بالعودة الى الدكتور سركيس الذي اسس المركز العربي للدراسات البترولية وتولى ادارته حتى العام 2012 والذي نشر خمسة كتب حول صناعة البترول والغاز، يشرح في الفصل الاول من كتابه "البترول والغاز في لبنان نعمة او نقمة" عن موقع لبنان على خريطة الطاقة الجديدة في شرقي البحر المتوسط وبأن نصيب لبنان في هذا المجال لا يستهان به. حتى الآن لا استراتيجية متكاملة تؤمن اعلى دخل ممكن وافضل الفوائد الإقتصادية وتجنب لبنان المخاطر والمنزلقات التي ادى اليها البترول في العديد من البلدان النامية. "مخاطر ومنزلقات عنوانها المال السهل والتضخم المالي وتراجع سائر مرافق الإنتاج الوطني وأخيرًا لا آخرًا الرشاوى والفساد"...
شركات لا وجود لها الا على الورق
طرح د.سركيس علامات استفهام حول خفايا السياسة البترولية وفضح امر شركات لا وجود لها الا على الورق، فقد "قامت وزارة الطاقة وهيئة ادارة قطاع البترول بتهيئة مشروعين لما يسمى مراسيم تطبيقية يتناول احدها مسودة "اتفاقية الاستكشفات والإنتاج للأنشطة البترولية"، فيما يتضمن الثاني "دفتر شروط لمنح اتفاقيات الاستكشاف والإنتاج". إلا أن خلافات داخل الحكومة واستقالة وزارة نجيب ميقاتي في مطلع العام 2013 حالت دون اقرار هذين المشروعين اللذين ما زالا مجمدين، مما يحول دون إبرام اتفاقيات مع الشركات. يضاف الى ذلك ان تسرب المعلومات حول بنود مشروعي المرسومين، التي بقيت محاطة بالسرية، ما لبث ان يثير الشبهات حول ما يُحاك في الخفاء وحول بعض التصرفات التي تبعد كل البعد عن اساليب العمل المعروفة والمألوفة في هذا العمل".
اكمل د.سركيس "ثلاثة من الشركات المعنية اشارت التحقيقات الصحفية الى ان واحدة منها تثير علامات استفهام، فيما ثَبُتَ أنّ "شركتين" اخرتين لا وجود لهما الا على الورق، ليس لهما مكاتب في لبنان او خارجه!"
الفسادُ يختبىء وراء الحقائق الموجعة، حقول الغامٍ سارحة في فضاء اللامسؤوليّة...ومن هنا الضرورة الملحة لإنشاء شركة بترول وطنية والتنظيم القانوني الحقيقي للبترول في لبنان. اين الجمعيات الاهلية التي تضغط في هذا الشأن من اجل تنظيم القطاع الذي قُطّعَ ما بين من فوق ومن تحت القانون! ومن هنا الضرورة الملحة ايضًا الى الاستفادة من البترول والتقنيات الحديثة لإعادة تصنيعه...
الى كم دكتور سركيس نحتاج في بلادنا؟؟ هل الشباب اشباحُ نجاحٍ في بلادي؟؟ ثروة لبنان الجيولوجية تقدّر بمئات المليارات من الدولارات...فهل نحن بحاجة فعلا الى "سيدر"؟؟ او الى ارزة، كلُّ واحدةٍ منها شابّةٌ او شابٌّ من بلادي....
أيّها الحُكّام...ماذا فعلتم في بلادي....