26-10-2018
عالميات
ولم يكن واضحا السبب الذي استدعى تأخير موعد انعقاد جلسة منح الثقة حتى ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء الماضي، فيما تسرب أن نواب كتلة “سائرون” التي يرعاها الصدر يماطلون في دخول قاعة البرلمان، لدواع مجهولة.
ولاحقا، تبين أن كتلة الصدر حاولت الاستفادة من عامل الوقت، من خلال التصويت على جزء محدد من اعضاء الحكومة ، يضمن الشرعية الدستورية الكاملة لرئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي من جهة، ويسمح بنيل بعض الوزراء، دون غيرهم، ثقة البرلمان من جهة أخرى.
وعمليا، حققت الخطة الصدرية نجاحا ساحقا إذ نال جميع الوزراء الذين يؤيدهم مقتدى الصدر ثقة البرلمان عند طرحهم أولا، وعددهم 14 وزيرا، قبل أن يحجم عبد المهدي لسبب مجهول عن عرض باقي أسماء أعضاء كابينته على التصويت.
وبعد رفع الجلسة، اتضح أن البرلمان صوت على جميع مرشحي كتلة الإصلاح، التي تضم “سائرون”، و”النصر” بزعامة حيدر العبادي، وأجّل التصويت على وزراء تحالف البناء الذي يضم منظمة بدر بزعامة هادي العامري و”دولة القانون” بزعامة نوري المالكي و”عصائب أهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي، وجميعهم حلفاء موثوقون لطهران.
ونجح الصدر في دفع البرلمان إلى التصويت على جميع المرشحين الذين تبناهم، من دون أن يكونوا على صلة تنظيمية معه، وفي مقدمتهم وزير النفط ثامر الغضبان الذي يحمل شهادات عليا من جامعات بريطانية في الجيولوجيا واحتياطيات النفط، وسبق له أن شغل الحقيبة نفسها في الحكومة المؤقتة في العام 2005، قبل أن يتولى مناصب استشارية رفيعة في الحكومات المتعاقبة، وهو أحد المستقلين الذين دعمهم الصدر للمشاركة في كابينة عبدالمهدي.
ومن الوزراء المستقلين، الذين دعمهم الصدر، وزير الكهرباء لؤي الخطيب، الذي يحمل هو الآخر شهادات عليا من جامعات بريطانية في مجال هندسة التكنولوجيا وإدارة الطاقة، فضلا عن الاقتصاد السياسي.
ودعم الصدر أيضا ترشيح الطبيب البارز علاء العلوان لحقيبة الصحة. والعلوان هو المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية. وسبق له أن شغل حقيبتي التربية والصحة بين 2003 و2005.
وبمعونة العبادي، مرّر الصدر مرشح حقيبة الخارجية محمد الحكيم الذي يحمل شهادات عليا في الإحصاء والتكنولوجيا من بريطانيا والولايات المتحدة، وهو مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة حتى 2017.
وبدا أن القوى السياسية الشيعية كانت حريصة على إرضاء الزعيم الكردي مسعود البارزاني ، عندما مررت اثنين من المقربين منه، لحقيبتي المالية والإعمار.
ونال فؤاد حسين، الذي خسر أمام برهم صالح في انتخابات رئاسة الجمهورية، ثقة البرلمان لحقيبة المالية السيادية، فيما صوت البرلمان على منح الثقة لبنكين ريكاني وزيرا للإعمار والإسكان.
وصوت البرلمان أيضا على نعيم الربيعي وزيرا للاتصالات وصالح حسين وزيرا للزراعة وصالح الجبوري وزيرا للصناعة وعبدالله لعيبي وزيرا للنقل ومحمد هاشم وزيرا للتجارة وباسم الربيعي وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية وجمال العادلي وزيرا للموارد المائية.
وكانت الضربة الأكبر التي تلقاها حلفاء إيران في البرلمان العراقي، تجنب عبد المهدي طرح مرشح حقيبة الداخلية للتصويت.
وأصرت الأحزاب العراقية القريبة من إيران على ترشيح فالح الفياض لحقيبة الدفاع. وهو أحد الحلفاء السابقين لرئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي . لكنه انشق بعد إجراء الانتخابات العامة في أيار الماضي، والتحق بتحالف البناء القريب من طهران.
وقبيل عقد جلسة منح الثقة، أرسل الصدر عبر “تويتر” إشارات تؤكد عدم رضاه على ترشيح الفياض لهذه الحقيبة الحساسة
وباستثناء المرشح لوزارة الدفاع، التي تنازع عليها زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي وزعيم حركة الحل جمال الكربولي، فإن المرشحين السنة الآخرين، الذين أجل البرلمان التصويت عليهم، ينتمون إلى تحالف البناء القريب من إيران ، وهم المرشحون لحقائب التخطيط والتعليم العالي والهجرة والثقافة والعدل والتربية.
ورفض الصدر، وفقا لحديث مصادر مطلعة، ترشيح قصي السهيل عن دولة القانون بزعامة المالكي، لحقيبة التعليم العالي. والسهيل هو أحد القيادات البارزة في التيار الصدري، قبل انشقاقه والتحاقه بالمالكي.
كما رفض الصدر ترشيح حسن الربيعي لحقيبة الثقافة، لأنه أحد أعضاء الكتلة الصدرية في 2010، قبل أن ينشق ويلتحق بعصائب أهل الحق بزعامة الخزعلي.
وبذلك، ثبتت الكتلة الصدرية عبد المهدي في منصب رئيس الوزراء مع نصف أعضاء كابينته، بما يمنحها شرعية دستورية تامة.
وقال مراقبون إن الكتلة الصدرية أثبتت أنها الأكبر في البرلمان العراقي حاليا، ما يخولها صياغة ترتيبات سياسية جديدة، وتوفير غطاء قوي للحكومة.
واستنادا إلى الدستور العراقي، فإن حكومة عبد المهدي استوفت النصاب المطلوب في التصويت، و”هو النصف زائدا واحدا”، وباتت تمتلك صلاحيات تنفيذية كاملة.
واجتمعت الحكومة الجديدة، المكونة من 14 وزيرا، بالإضافة إلى عبد المهدي، صباح الخميس، وأصدرت أمرا ديوانيا بإحالة العبادي وحكومته إلى التقاعد، فيما وزع عبد المهدي صلاحيات الوزارات الثماني المتبقية على أعضاء الكابينة الجديدة، إلى حين حيازة المرشحين لها ثقة البرلمان خلال جلسة مقررة في السادس من الشهر المقبل.
وتقول مصادر سياسية في بغداد لصحيفة “العرب اللندنية”، إن “عبد المهدي ربما يحتفظ بحقيبة الداخلية لوقت طويل، في ظل صعوبة تحقيق توافق بشأنها”.
وسارعت واشنطن إلى الترحيب بحصول حكومة عبدالمهدي على ثقة البرلمان، وخصت أربعة من وزرائه بالإشادة.
وقال مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق بريت ماكغورك في تغريدات عبر “تويتر”، إن بلاده تهنئ “رئيس الوزراء العراقي الجديد عادل عبد المهدي ، الذي أدى اليمين الدستورية مع 14 وزيرا جديدا، بما في ذلك وزراء النفط ثامر الغضبان، والكهرباء لؤي الخطيب، والمالية فؤاد حسين، والخارجية محمد علي الحكيم”.
وأضاف : “هؤلاء مرشحون استثنائيون لمساعدة العراق على التعافي السريع”، مؤكدا أن “بلاده تتطلع إلى عقد شراكات مع رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، والبرلمان محمد الحلبوسي، والوزراء العراقيين”.
ويقول مراقبون إن “التحدي الأبرز الذي ينتظر حكومة عبدالمهدي، يتمثل في آلية تعاطيها مع تداعيات العقوبات الأميركية على إيران ، التي ستنطلق حزمة جديدة وشديدة للغاية منها، الشهر القادم”.
وألمحت وزارة الخزانة الأميركية، إلى أن الولايات المتحدة لا يمكنها استثناء أحد من تنفيذ العقوبات، مشيرة إلى أن الدول والشركات التي ستخرق العقوبات ستواجه تبعات اقتصادية صعبة
أبرز الأخبار