مباشر

عاجل

راديو اينوما

أزمة تركيا داخلية أوّلا…

20-08-2018

مقالات مختارة

خيرالله خيرالله

خيرالله خيرالله

ليست الأزمة التركية أزمة أميركية – تركية . هذه الأزمة ظهرت قبل أن تسوء العلاقات بين واشنطن وأنقرة في ضوء رفض السلطات التركية إطلاق القس الأميركي أندرو برانسون المحتجز منذ العام 2016. تعتبر السلطات التركية القس برانسون جاسوسا. قد يكون ذلك صحيحا،

ليست الأزمة التركية أزمة مالية فقط. ما نشهده حاليا يشكل تعبيرا عن فشل على كلّ صعيد في مواجهة هبوط سعر الليرة، في غياب رؤية واضحة لما يفترض أن يكون عليه الاقتصاد، خصوصا بعدما جعل أردوغان من صهره براءت البيرق وزيرا للمال. لا يتمتع الرجل، أي البيرق، بخبرة كبيرة في الشؤون المالية وهناك شكوى من تدخله في أمور يفترض في وزير المال البقاء بعيدا عنها مثل سياسة البنك المركزي وصلاحيات حاكمه.

ليست الأزمة الداخلية التركية سوى تتويج لسلسلة من الأزمات رافقت صعود نجم رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء بين 2003 و2014، ثمّ رئيس الجمهورية بعد 2014 وصولا إلى قيام نظام رئاسي لا وجود فيه لرئيس الوزراء. في طريقه إلى احتكار السلطة، تخلص أردوغان من كلّ من كان يستطيع أن يكون منافسا له أو شريكا في القرار، ولو شكليا. تخلص من عبدالله غل وأحمد داود أوغلو وكانا من أركان حزبه. تخلص بعد ذلك من كبار ضباط الجيش الذين كانت لهم الكلمة الفصل في أمور معيّنة تتعلق بالموقع السياسي لتركيا في المنطقة. لعلّ أخطر ما فعله يتمثل في إهانة هؤلاء الضباط بشكل علني بعد المحاولة الانقلابية صيف 2016، وإصراره على التدخل في شؤون القضاء، والذهاب بعيدا في عدائه لفتح الله غولن الموجود في الولايات المتحدة واتهامه بأنّه وراء المحاولة الانقلابية.

نسي أردوغان في طريقه إلى القمة واحتكار السلطة أن في أساس صعوده النجاح الاقتصادي الذي حققته تركيا منذ توليه موقع رئيس الوزراء باسم حزب العدالة والتنمية. ما تفتقده تركيا حاليا هو الأساس الذي قام عليه حكم الرجل الذي قرر تغيير طبيعة النظام في تركيا وجعله يدور حول شخصه. تنسف الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا النظام الأردوغاني القائم.

إضافة إلى ذلك كلّه، لم ينجح رجب طيب أردوغان في أيّ مبادرة خارج تركيا. بقي كلّ كلامه عن سوريا منذ اندلاع الثورة الشعبية فيها مجرّد كلام، علما أنّه لا يمكن تجاهل التسهيلات التي قدمتها تركيا للاجئين السوريين. تراجع أردوغان بعد أوّل مواجهة مع فلاديمير بوتين. تراجع قبل ذلك أمام إسرائيل عندما حاول كسر الحصار على غزّة. كان في كلّ وقت على علاقة بإيران. لم يتردّد في إيواء أسوأ أنواع الإسلاميين، مظهرا في كلّ وقت أنه ينتمي فعليا إلى تنظيم الإخوان المسلمين. لم يستطع اتخاذ موقف معقول في أي قضيّة مطروحة على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك المقاطعة الخليجية لقطر. كان في استطاعته لعب دور إيجابي بدل أن يكون طرفا في قضيّة تعني المملكة العربية السعودية .

لم يعد من رهان لرجب طيب أردوغان في الوقت الراهن سوى على أوروبا التي لدى مصارفها مصلحة في تفادي انهيار الاقتصاد التركي الذي اعتمد في الماضي على استثمارات كبيرة لهذه المصارف في تركيا. هل الرهان على أوروبا كاف؟ الجواب لا، خصوصا إذا لم يُقْدم رجب طيب أردوغان على مراجعة للذات، تبدأ بالاعتراف بأن أزمته داخلية قبل أن تكون مع أميركا، وأن التصعيد مع إدارة ترامب لا يطعم الأتراك خبزا.

 

المؤسف أنّه لا يبدو من نوع الرجال الذي يستطيع الإقدام على مثل هذه الخطوات الشجاعة. هذا يعني، بكل بساطة، أن تركيا مقبلة على مزيد من الأزمات التي يصعب التكهن بتأثيرها على مستقبل النظام الأردوغاني المرتبط برجل واحد ليس إلا.

services
متجرك الإلكتروني في أقل من عشرة أيام!

انطلق من حيث أنت واجعل العالم حدود تجارتك الإلكترونية…

اتصل بنا الآن لنبني متجرك الإلكتروني بأفضل الشروط المثالية التي طورتها شركة أوسيتكوم؛ أمنًا، سعرًا، وسرعة.
اتصل بنا

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.