هل هو خلاف بين وقف مار الياس المغيري وبلديتها أم أنه صراع على خلفية مصالح شخصية؟ 

يطالب أبناء قرية المغيري مطرانية جبيل ومنذ العام 2004 إيجاد حلّ لمدافن قريتهم بحيث أن أرضية المدافن أرضية ترابية ويلزمها إمّا استصلاح أو بناء مدافن جديدة. 

بقيت المدافن على حالها، بل زاد الوضع سوءاً نظراً لمرور الزمن والإهمال اللاحق بها الى حين استلام الأب ربيع البعيني خدمة رعية ما الياس المغيري. فالأب الذي عمل على مشروع استحداث مدافن جديدة في قرية أخرى في جبيل قام بالأمر عينه في بلدة المغيري عبر طرح مشروع مدافن جوارير حديثة في نيسان 2017 توضع على نفس العقار الذي يضمّ المدافن القديمة. عرض المشروع على أهالي القرية الذين وافقوا عليه دون أي اعتراض. 

بعد مرور شهر وبعد تجهيز كل ما يلزم للبدء بالأعمال، أبدت رئيسة البلدية  السيدة جاكلين ساسين الخوري اعتراضها على إقامة المدافن. يعيد بعض الأهالي سبب اعتراض رئيسة بلديتهم الى مصالح شخصية تتعلق بامتلاك أحد أقاربها لأراضٍ محاذية  للمدافن ويعلل الأهالي المعارضين لرئيسة البلدية استنتاجاتهم هذه باصرارها على ضرورة نقل كل المدافن القديمة والجديدة من مكانها وهو أمر مرفوض من قبل الأهالي الذين يقولون أن المدافن عمرها أكثر من ثلاثمئة عام ولن يقبلون بنقلها. وقد طرح الأهالي على رئيسة البلدية زيادة 40 مدفناً بدل ال56 إلّا أنها أصرّت على الرفض القاطع وعلى ضرورة نقل المدافن كلّها لأسبابٍ تقول رئيسة البلدية أنّها بيئية رغم أن أبرشية جبيل كانت قد استحصلت على إذن من وزارة البيئة لإضافة مدافن جديدة من خلال كتاب موقع من المدير العام للوزارة (تاريخ 12/12/2017 رقم التسجيل 14055/ ب)". 

هذا وزارت لجنة بيئية من وزارة البيئة الموقع وقالت في تقريرها أنّ المدافن موجودة ضمن أرض منحدرة يحيطها مجاري شتوية تصلح للرّي، في حين يشكك الأهالي في تقرير اللجنة مؤكدين أن الأرض ليست منحدرة والتربة جافة عند المدافن. ويقول أحد الأهالي أن "الممانع الأول لإقامة المدافن وهو متمول جديد يقطن بمحيط الكنيسة ألمح له الى علاقاته المتينة التي تجمعه باللجنة البيئية الموكلة الكشف على الموقع "، غامزاً من قناة الواسطة. 

هذا وعلّق أحد الأهالي على قرار قاضي الأمور المستعجلة بوقف الدفن في المدافن ومن ثمّ اصدار قرار ثان يقضي بتغريم خمسين مليون ليرة لكل من يخالف، قائلين " كيف يمكن وقف الأعمال بما فيها الدفن؟ ماذا لو توفي أحد أهالي القرية ماذا نفعل؟" ثمّ استدرك قائلاً " يريدون تغريم الأهالي بخمسين مليون ليرة؟ فليعودوا الى بيان أبرشية جبيل المارونية الذي أكد أن الأبرشية قدمت كامل الملف الى المديرية العامة للتنظيم المدني التي اعادت إليها الملف متضمنا كل التواقيع اللازمة للاستحصال على الرخصة. 

ماذا حصل ليل 12-13 حزيران 2018، وهل صحيح أن عملية وضع المدافن الجديدة تمّت ليلا وتحت وطأة التهديد ومصادرة هواتف الأهالي القاطنين بجوار المدافن؟ يضحك أحد الأهالي ويقول "هناك ثلاث بيوت قرب المدافن فقط كانوا كلّهم نائمين، نحن صادرنا هاتف عامل سوري كان يصوّر العملية ما أثار استغرابنا. ذهب للتقدم بشكوى أننا اعتدينا عليه بالضرب وهو أمر غير صحيح وما زال حتى اليوم موقوفاً في الأمن العام لأنه داخل خلسةً الى لبنان. فعلنا هذا ليلاً لأننا لا نريد إثارة المشاكل والحساسيات، فالمدافن الجديدة لمصلحة الجميع ولحفظ كرامة أموات المعارض والمؤيد لها".

إشارةً الى أن مختار بلدة المغيري السيد نبيل الخوري  كان قد أكّد في أحاديث صحافية عدة أن 10% من اهالي البلدة يعترضون على اقامة المدافن الجديدة إذ يقتصر عددهم على 3 بيوت مجاورة للمدافن. 

بالنسبة للعقار 187 من منطقة المغيري العقارية فهو عقار مخصص للمدافن. من هنا تبطل حجة المعترضين القائلين أن المدافن تبعد 40 متراً عن الأماكن السكنية، فالمدافن موجودة في مكانها منذ مئات السنين وليس على الأهالي نقل مدافنهم لأن هناك من المعترضين من يملك أرضاً بجوار هذه المدافن وهو منزعج من عدم قدرته على البناء حديثاً فيها. 

اليوم أصبحت المقابر الجديدة واقعاً ، فقد ترأس راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، قداسا احتفاليا لمناسبة تكريس المدافن الجديدة. هذا ويقوم عدد من الأهالي بعملية تنظيف وترتيب لمحيط المدافن بما يليق باحترام رهبة الوفاة من خلال زرع الأشجار والورود بمحيط مدافن الموتى الراكضين بسلام. كما أن الأبرشية تسعى الى استكمال المرحلة الأخيرة من التراخيص القانونية، لتلبيس المدافن بالحجر الأبيض والقرميد لما فيه حفظ كرامة أموات جميع ابناء المغيري