08-06-2018
محليات
فجأةً، وفي اللحظة التي يغلب التريث على حركة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لضمان سكْب مياهٍ باردة على ما بقي من “نيرانٍ سياسية” أشعلتْها الإنتخابات النيابية ، دهمت الأجندة اللبنانية 3 عناوين ما فوق عادية ومن النوع الذي ينطوي على أبعاد إستراتيجية، هي:
– الأفكار الإسرائيلية المُفاجئة التي تبلّغها لبنان عبر وفد من الكونغرس الأميركي ضمّ داريل عيسى أحد المتحدّرين من أصل لبناني، وتقوم على عرْضِ صفقةٍ شاملة لإنهاء النزاع الحدودي مع لبنان، في البرّ والبحر، بما في ذلك مزارع شبعا المحتلة.
ورغم أن لبنان تعاطى، للوهلة الأولى بإيجابية مع هذه الأفكار، والتي طالب من الوفد الأميركي باختبار مدّى جديتها إيذاناً بتوسيط الأمم المتحدة والولايات المتحدة لمفاوضاتٍ في شأنها، فإن اللافت كان بداية “ظهور ملامح” نقْزة لدى أطراف لبنانية تميل لإشاعة أجواء أن في الأمر فخاً إسرائيلياً يُنصب للبنان ويضمر افتعال مشكلة لبنانية – سورية حول “هوية” مزارع شبعا وملكيّتها.
ولم تتضح بعد “الأسباب الموجبة” التي حملت إسرائيل على تقديم أفكار لحلٍّ شاملٍ للنزاع الحدودي مع لبنان، وما إذا كان الأمر يتعلق بترتيباتٍ تريدها على صلة بالملف النفطي في البلوكات المتداخلة أو بنزْع ذرائع تبرّر لـ”حزب الله” الاستمرار في الاحتفاظ بترسانته أو أنها جزء من هنْدساتٍ لترتيب المسرح لإمرار التسوية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
– التطور المفاجئ والأول من نوعه على الحدود الشرقية للبنان، والذي تمثّل في ما هو أبعد من وقائع لوجستية، إذ شكّل انتشار شرطة روسية في مناطق على الحدود اللبنانية – السورية وإقامة حواجز، خصوصاً لناحية بلدة القصير السورية التي يجعلها “حزب الله” قاعدةً عسكرية لترسانته، تطوراً لافتاً، لا سيما أنه لم يتم بالتنسيق مع الحزب الذي فوجئ بالانتشار الروسي الذي لم ينكفئ إلا بعد اتصالاتٍ تولاها الرئيس السوري بشار الأسد مع قاعدة حميميم.
ورغم أن “حزب الله” لم يتلقَ توضيحات حول مبرّرات الخطوة الروسية غير المنسَّقة في منطقةٍ لا وجود فيها لمتشدّدين أو معارضة، فإن دوائر متابعة ربطتْ الأمر بالتفاهم الروسي – الاسرائيلي على ضرورة منْع انتقال السلاح الإيراني الى لبنان، وربما بما هو أكثر من ذلك، خصوصاً في ضوء حرية حركة الطيران الاسرائيلي لضرْب المواقع الايرانية وتلك التابعة لـ”حزب الله” في سوريا ، وبإبعاد قواتهما عن جنوبها، إضافة إلى ما كان دعا إليه علنية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين تحدّث عن ضرورة رحيل الميليشيات الأجنبية عن بلاد الشام.
– ارتفاع وتيرة الأصوات في الكونغرس الأميركي التي تطالب بوقف المساعدات للبنان، لا سيما للجيش وتَردُّد أصداء تلك الدعوات في بعض الإدارة بذريعةِ أن المساحة الفاصلة بين الدولة و«حزب الله» في لبنان آخذة بالانكماش والاضمحلال، في ضوء نتائج الانتخابات النيابية التي مكّنتْ الحزب من الإمساك بالبرلمان (عبر الثلث المعطل)، ما يسهل عليه الإمساك بالحكومة أيضاً.
ورغم أن هذه الأصوات المُتصاعِدة لم تؤد حتى الآن إلى تغيير الرؤية الأميركية حيال لبنان والأهمية الاستراتيجية لدعم الجيش وحماية القطاع المصرفي، فإن المَخاوف تتزايد في بيروت من مغبة توسع «بقعة الزيت» على النحو الذي يضاعف الضغوط على لبنان، خصوصاً مع صعود نجم شخصيات صارمة في إدارة الرئيس دونالد ترامب.
كل هذه الملفات، من ترسيم الحدود الجنوبية (البرية والبحرية) وما جرى على الحدود الشرقية وما يمكن أن يحدث على الطريق بين بيروت وواشنطن، حاضرة على طاولة الحريري وفي هنْدساته المعقّدة لتشكيل الحكومة الجديدة التي تجري على يد «القابِلة» اللبنانية ولكن تحت عيون المجتمع الدولي.
ولم تحُل “وضعية الانتظار” التي يتّخذها الحريري في ملف التأليف و”دوْزنته” لخطواته في هذا السياق دون إعرابه عن تفاؤله “بالوصول الى فريق عمل حكومي يضع مصلحة البلد قبل المصالح الخاصة الحزبية”، معتبراً ان “التحديات الاقتصادية التي أمامنا، ومخاطر الاشتباك الإقليمي، وأعباء النزوح السوري ، لا تعطي أحداً مناً حقوقاً في تضييع الوقت، وممارسة الترف السياسي، وعرض العضلات”.
وثمة مَن يتوقّع في بيروت أن يستمرّ في الأيام الفاصلة عن عيد الفطر “جس النبض” حيال الصيغ الحكومية “القابلة للحياة”، على أن تنطلق بعدها ورشة التأليف بخطى حثيثة، علماً أن ثمة تحركاً خارجياً للرئيس المكلف في 14 الجاري إذ يشارك في افتتاح مونديال كرة القدم في روسيا والذي يحضره أيضاً ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وسط ترجيحات بأن يُعقد لقاء بين الأخير والحريري، في حين أفادت تقارير عن زيارة يرجّح ان تقوم بها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لبيروت في 21 الجاري.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار