29-05-2018
محليات
وشكّلت "الدعوات الرئاسية" في مناسبات مختلفة بعد إقفال صناديق الاقتراع لجهة التلاقي وتقليص مساحات التباعد بين مختلف القوى السياسية، عناوين المرحلة الجديدة وظهرت في شكل صريح مع تمنّي رئيس الجمهورية ان تكون مرحلة تشكيل الحكومة فرصة للتلاقي بين القوى السياسية وجعل مصلحة لبنان فوق كل اعتبار واعتماد سياسة النأي بالنفس كمظلة تُحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، في مقابل احترام الخارج لخصوصيات لبنان وموقفه من هذه السياسة بحيث لا يتدخل احد في شؤونه.
ومع ان الساحة المسيحية، لا سيما المارونية كانت الحلبة الاكثر حماوة خلال الانتخابات، بحيث شهدت معارك كلامية تجاوزت في بعض الاحيان الخطوط الحمر، وهذا متوقّع انطلاقاً من حيوية التعددية والتنوّع داخل الطائفة المسيحية على عكس طوائف اخرى، الا ان استحقاق 6 ايار كرّس ثنائية مسيحية ("التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية") تتقاسم الى حد كبير التمثيل النيابي والوزاري في السلطة.
لكن وبحسب مراقبين سياسيين فان "هذه الثنائية المسيحية لن تكون "سيّدة" على القرار المسيحي، فهناك محاولات عدة، خصوصاً من جانب فريق "8 آذار" "لاستجماع قوة" تيارات واحزاب سياسية اخرى، ويتجلّى ذلك من خلال دفع "حزب الله" لبروز "تيار المرده" بعد انحسار المد الكتائبي انتخابياً (تردد ان النائب سامي الجميل سيُباشر بمروحة اتصالات مع عدد من القوى والشخصيات لاستنهاض "الكتائب" واعادة الدور اليها) بتحصينه بكتلة نيابية تجمع الذين يدورون في فلك توجّهاته السياسية كي يكون الكتلة الثالثة "الوازنة" مسيحياً بعد التيار و"القوات".
وبالعودة الى الثنائية المسيحية التنافسية على عكس الثنائية الشيعية التكاملية، يبدو ان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لن يقف مكتوف اليدين امام محاولات التيار للتفرّد بالساحة المسيحية تمثيلاً وقراراً، اذ ووفق اوساطه سيبدأ جولة اتصالات للبحث في امكان قيام جبهة سياسية تضم نوابا وشخصيات وقيادات سياسية من مختلف المناطق والطوائف والمذاهب تحت عنوان "جبهة الجمهورية القوية" والبدء بالاعداد لمشاريع تطويرية للدولة لتفعيل مؤسساتها، خصوصاً اذا وصلت محاولات "ترميم تفاهم معراب" الى حائط مسدود".
وعلى ذمّة هذه الاوساط، فإن رئيس "تيار العزم" الرئيس نجيب ميقاتي لن يكون بعيداً من اجواء هذه الجبهة، خصوصاً اذا انضم مع "المرده" الى صفوفها وربما يلتحق بها "الكتائب" وبعض المستقلين، لكن اي ترجمة فعلية لهذه الجبهة لن تلوح في الافق قبل جلاء صورة التحالفات السياسية والتطورات الاقليمية التي "تُحتّم" على جعجع ومعه جنبلاط البقاء في محطة الانتظار والتريث قبل الاقدام على خطوة كهذه".
وفي مقابل "جبهة الجمهورية القوية" التي تسعى معراب لانشائها لتطويق احتمالات "العزل"، تتحدّث اوساط سياسية قريبة من "الوطني الحر" عن ان التسوية الرئاسية مستمرة ويتمسك بها صنّاعها كونها تنطلق من الطائف الذي كرّس معادلة الثنائية والمناصفة من دون عدّ، غير ان "سيبة التسوية" قد يطرأ عليها بعض التعديل ليحل الرئيس نبيه بري مكان "القوات" بعد المبادرة التي اتّخذها بزيارة بعبدا وفتح صفحة جديدة مع سيّد العهد، و"حزب الله" لن يكون بعيداً من هذه السيبة التي يسعى الحريري وبري الى ضم النائب السابق وليد جنبلاط اليها، الا ان هذا الاخير يشترط ان تكون الحصة الدرزية في الحكومة "جنبلاطية صرفا"