28-05-2018
عالميات
ايليا مغناير
ايليا مغناير
إلا ان للجنوب السوري حساباته لدى اسرائيل التي تخشى الأعظم: تحرير الجنوب والمطالبة باسترجاع الجولان المحتل بعد تمرْكز «المقاومة» على الحدود السورية مع اسرائيل.
وهذا سيدفع مسؤولو تل أبيب الى القيام بمغامرة عسكرية جديدة لـ «جسّ النبض» واختبار ردات الفعل لـ «محور المقاومة» ولا سيما بعدما أرسى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله قواعد اشتباك جديدة أعلنها هو بنفسه بعد الهجوم الاسرائيلي الأخير على مواقع للجيش السوري.
ويُعتبر خروج نصرالله للإعلان عن قواعد الاشتباك أمراً لافتاً لأنه هو الذي صرّح عن عدد الصواريخ (55) ونوعيتها والأهداف التي أُطلقت ضدّ مواقع اسرائيلية داخل الجولان المحتلّ. وهذا له دلالاته لأنه يَستخدم لغةً تفهمها إسرائيل التي خبرت «حزب الله» لمدة 36 عاماً من الصراع على مَحاور وجبهات مختلفة.
وكالعادة، فإن «حزب الله» لا يحرق مراحل ولا يدفع إسرائيل للخروج عن روعها بل ينذرها أولاً ويعني ما يقول ويضرب ثانياً ويعني ما يقول ويخطّط.
وتلفت مصادر قيادية مقربة من «محور المقاومة» إلى أن إسرائيل لم تنجح بإسقاط الرئيس بشار الأسد ولا بإبعاد «محور المقاومة» عن الحدود السورية المحتلّة ولا بضرب القوة والترسانة العسكرية لـ «حزب الله» التي تعاظمتْ. وقد دفعتْ إيران لإنشاء معامل لصناعة الصواريخ وتطويرها في سورية بدل نقلها الى حلفائها في بلاد الشام عبر الحدود.
وأدخلت سورية معادلة جديدة (اقتبستْها عن لبنان) اسمها «الجيش والشعب والمقاومة». فأنشأت دفاعاً وطنياً وقوة محلية في القرى السورية المنتشرة حتى على الحدود مع اسرائيل، ولكن الأخيرة - كعادتها - لم تستسلم للأمر الواقع الذي فرضتْه سنوات الحرب السبع في سورية. بل ذهبتْ أبعد من ذلك بضرب القوات الإيرانية المنتشرة في العمق السوري من مستشارين يدعمون القوات السورية والروسية لمنْع سقوط حكومة دمشق.
وتوضح المصادر أن إسرائيل انتظرتْ «الردّ الايراني» بعد ضرْبها مطار «تي فور» في البادية السورية، فأتى الردّ السوري ليعلن نصرالله عن تفاصيله التي تحاكي طريقة «حزب الله» بفرض قواعد اشتباك جديدة على اسرائيل: «أي ضربة مقبلة، بحسب حجمها، سيكون الردّ في الجولان وما بعد الجولان وما بعد بعد الجولان». وهو أسلوب كلامي استَخدم مصطلحاته زعيم «حزب الله» أثناء حرب 2006 الثانية ليدلّ على إمكاناته وينذر الاسرائيلي بأن الآتي أعظم إذا تمادى ولم يبقَ ضمن المعادلة العسكرية المقبول بها.
وقد حاولت اسرائيل التخفيف من «معادلة الجولان»، إلا أن الإعلام المحلي قالها بصراحة: «لقد أضيئت هضبة الجولان مثل شجرة الميلاد» ونزل سكان طبريا والجليل وساحل حيفا والمطلة الى الملاجئ للمرة الأولى منذ عقود.
مما لا شك فيه ان اسرائيل تملك القوة العسكرية الأعظم في الشرق الأوسط، إلا أنها عبّرت عن عدم رغبتها بالانجرار وراء الحرب وفهمتْ رسالة نصرالله وتراجعتْ عن اندفاعتها لتوقف «الرد التدحْرجي» لمحور المقاومة.
وظهرتْ راجمة الصواريخ على شاشات التلفزيون الاسرائيلي وهي تطلق 36 صاروخاً لتؤكد أن الرواية الاسرائيلية الرسمية كاذبة وأنها خضعت للمراقبة العسكرية التي تحاول تخفيف الوطأة على نفسها. لكن الجميع في اسرائيل - وفي محور المقاومة - يعلمون انها غير جاهزة لحربٍ مجهولة النتائج، لا سيما ان هناك اكثر من 2.5 مليون اسرائيلي لا يملكون ملاجئ ولا تحصيناً من حرب مدمّرة مقبلة.
وتضيف المصادر: «إذاً تدرك اسرائيل انها فشلت بضربتها الاستباقية لمنْع تواجد (محور المقاومة) على خط وقف إطلاق النار 1973 على الرغم من أنها تملك القوة الجوية والبحرية المطلقة وكذلك القدرة على دفْع الولايات المتحدة لتدخل الحرب المقبلة الى جانبها. إلا أنها تدرك ان سلاح الجو لم يعد يستطيع الذهاب (في نزْهة) بسبب الصواريخ المضادة، ولا سلاحها البحري محصّن بسبب صواريخ (الياخونت) الروسية والايرانية المتقدّمة. وكذلك تدرك ان شعبها يحبّ الرفاهية ولا يتحمل حرباً طويلة يَخرج منها غير منتصر».
ووفقاً للمصادر، فقد فشلت سياسة اسرائيل التي تسميها «معركة بين الحروب» بمنع تعاظم القدرة عند محور المقاومة وانتشار عديده نوعاً وعدداً في سورية، وفشلت في فصل محور لبنان عن الجولان، وأعلنت عن ذعرها من «عشرين صاروخاً» (كما صرحت هي) أُطلقت تجاهها، ودفعتْ بإيران لترفع استثماراتها بالصناعة العسكرية في سورية وتحسين أداء «قوات الدفاع الوطني» والقوات المحلية الرديفة للجيش السوري. ورفع «محور المقاومة» من قدراته وطوّرها كما طوّرت اسرائيل قدرتها العسكرية. إلا أن المراقبين يتوقعون أن تحاول اسرائيل من جديد «جس النبض» وان تأخذ الردّ المنتظر على أي مغامرة أخرى لتفهم أن مشروع «الشرق أوسط الجديد» لم يعد سهل التنفيذ وان صاحب الردّ وطريقة الردّ هو خصمها الذي يعلم كيف يوجه الرسائل العسكرية والسياسية والنفسية واعتادت هي عليه.
بعبارات قليلة، تختم المصادر «لقد خسرتْ اسرائيل عنصر المبادرة في سورية، وكل محاولاتها لدعم القاعدة وداعش (جيش خالد بن الوليد) واستنزاف إيران في سورية وضرب الجيش السوري، تَسبّبتْ بتوسيع نفوذ ألدّ أعدائها: نصرالله».
أبرز الأخبار