25-05-2018
تكنولوجيا
ربى منذر
ربى منذر
ليس غريباً هذا السيناريو، بل إنّ التفاصيل نفسَها تتكرّر والضحايا صغاراً كباراً أو مهما كانوا محصّنين يقعون في الحفرة نفسها، وكأنه غسيلٌ للدماغ تجريه هذه العصابات، وما الأرقام التصاعدية لعدد الجرائم المعلوماتية إلّا دقّ لناقوس الخطر، ففي عام 2006 حصلت 21 جريمة، في الـ2007: 57 جريمة، 2008: 212 جريمة، 2009: 310 جرائم، 2010: 601 جريمة، 2011: 639 جريمة، 2012: 1354 جريمة، 2013: 1678 جريمة، 2014: 1245 جريمة، 2015: 1462 جريمة، 2016: 2026 جريمة، و2017: 2781 جريمة.
قصّة سامر تشبه قصصاً كثيرة غيرها، قد يكون أقرب الناس واقعين فيها من دون أن يتجرّأوا على الإعتراف بذلك خشيةً من «حكي الناس»، غير مدركين أنّ مَن يبتزّهم اليوم بصور ستظلّ وسيلة بين يديه ليعيد الكرّة غداً أيضاً.
وللنساء حصّة...
«ما حدا فوق راسو خيمة»، تقولها منال باكيةً لـ»الجمهورية»: «كدتُ أخسر كل شيء، خصوصاً وأنني متزوّجة، الى حين لجأت الى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي وضع عناصره حداً لكابوسي، محترمين ككل الحالات خصوصية الضحايا».
تسترجع المرأة الثلاثينية الأحداث وتقول: «تعرّفت الى شاب يصغرني بـ5 سنوات على «فايسبوك»، إذ كنت أقضي ساعات الليل على هذا الموقع بحكم عمل زوجي كحارس أمن خاص»، وتضيف: «تطوّر الحديث بيننا، وكنت أشعر بسعادة كلما كلّمني بحميمية».
مرّ أسبوعان على المحاثات بين المرأة الثلاثينية والشاب العشريني حتى طلب منها رقمَها الخاص للتواصل عبر «واتساب»، «وافقتُ كوني أصبحت أستلطفه وأشعر بالحاجة الى التكلّم معه» تقول منال. ما هي أيام قليلة حتى أصبح الشاب «اللطيف» يلحّ على رؤيتها في أوضاع حميمة مؤكّداً تعلّقه بها وعجزه عن النوم قبل رؤية صور جديدة لها.
لم تتوانََ منال عن الموافقة على طلبه نظراً للثقة التي وضعتها فيه، إلّا أنه بعد مرور نحو 3 أشهر، تغيّر سلوك الشاب فأصبح يطلب رؤيتها عبر الفيديو، ويلحّ على أن تكونَ عارية، لم توافق على طلبه في البداية إلّا أنه هدّدها بإرسال الصور لزوجها وابنها، فرضخت.
لم تنتهِ الأمور عند هذا الحدّ، بل بدأ الشاب يطلب منها أن تُحوِّلَ له مبالغ مالية ضخمة، ما دفعها للجوء الى الإقتراض لتنفيذ طلباته، الى أن ضاقت بها الأحوال ذرعاً فتقدّمت بشكوى لجانب النيابة العامة الاستئنافية على أن تُحال الى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، المكتب المختص بمكافحة جرائم الانترنت، وبعد تعقّب حساب «الفايسبوك» العائد للمعتدي، حدّد المكتب مكانه وأوقفه وضبط جهازَه الهاتفي ومحى كافة الصور والفيديوهات والمحادثات العائدة لمنال على هاتفه.
إذاً باتت وسائلُ التواصل الإجتماعي منبراً واسعاً للتحرّش ونشر صور إباحية عبر الإنترنت والهاتف، حيث سُجّل عام 2006 حصول 9 جرائم، عام 2007: 22 جريمة، 2008: 30 جريمة، 2009: 25 جريمة، 2010: 60 جريمة، 2011: 92 جريمة، 2012: 132 جريمة، 2013: 193 جريمة، 2014: 155 جريمة، 2015: 131 جريمة، 2016: 251 جريمة، وعام 2017: 196 جريمة.
والمشكلة الأساسية في هذه القضية هي أنّ المجرمين ينتشرون في كل مكان، قد يكون أيّ شخص تراه يومياً مرتدياً بزّته ومترئِساً اجتماعات، قد يكون صاحبَ عمل مهم، أو زوجاً وأباً أو أيَّ رجل تراه لطيفاً ومهذّباً، ويتحوّل خلف شاشة الحاسوب الى وحشٍ مفترس لا يأبه الى توسّلات ضحيّته ولا لنحيبها.
إبتزازُ الأطفال
جيسيكا (11 عاماً) تعيش وأخوها مع والدتها، وتؤكّد أنها قلّما ترى والدَها نظراً لكون والديها منفصلين. تروي جيسيكا كيف أنّ والدتها تهتم بمظهرها كثيراً وتغيب عن المنزل غالباً، حتى إنها لم تتردّد في ابتياع هاتفٍ لابنيها ووصلِه بالإنترنت ليتلهّيا، فضلاً عن إنشاء حساب لابنتها على مواقع التواصل الاجتماعي وتشجيعها على تحميل الصور عليه باستمرار.
ونظراً لغياب الرقابة، تعرّفت جيسيكا الى مجهولين، بينهم أحد الشبان الذي بدأ معها حديثاً عاديّاً، حتى بات يستفزّها ويدفعها لنطق كلام بذيء ثمّ هدّدها بنشره في حال لم تُرسل له صوراً وأشرطة مصوّرة لها في وضعيات غير اخلاقية لتتطوّر بعدها الأمور بشكلٍ دراماتيكي وصلت الى طلبات فيها من المرض ما يكفي لتقزيز النفس، الى أن تجرّأت الفتاة وأخبرت والدتها فتقدّمتا بشكوى لدى المكتب المذكور وقُبض على الجاني.
في هذا السياق، فإنّ أعدادَ جرائم استغلال الأطفال جنسياً عبر الإنترنت والهاتف لم تتغيّر كثيراً على مرّ السنين، ففي عام 2008 حصلت 16 جريمة من هذا النوع، 2009: 3 جرائم، 2010: 14 جريمة، 2011: 15 جريمة، 2012: 13 جريمة، 2013: 16 جريمة، 2014: 34 جريمة، 2015: 170 جريمة، 2016: 45 جريمة، حتى وصلت لـ6 جرائم عام 2017 بفضل زيادة التوعية.
لكنّ الغريب في قضية الإبتزاز هو أنّ الناس يعرفون أنّ ما يتشاركونه على منصّات التواصل الإجتماعي يصبح تلقائياً مادةً قابلةً للتداول، فكيف الحالُ إذا أرسلوها الى مجهول أو الى شخصٍ غيرِ جديرٍ بالثقة؟
يقول سامر خلال التحقيق معه، إنّ جمال الفتاة الباهر هو ما أفقده صوابَه، ودفعه للإقدام على تصرفّات لا تشبهه، إلّا أنّ الحقيقة أظهرت أنّ هذه العصابات تستخدم أشرطةً مصوَّرة سابقاً لفتيات، وتوهم ضحاياها أنّ الفتاة تصوّر نفسَها أمامهم مباشرةً غالباً من دون أن تتكلم مبرِّرةً ذلك أنّ أهلها في المنزل، إلّا أنّ المفاجأة غير السارة: هؤلاء الضحايا يتعرّون أمام رجال. لكن ما يُسعف الضحية في هذه الحال هو وجود مكتب الجرائم المعلوماتية الذي يمكن الإتّصال بعناصره عبر الخط الساخن 293293-01 خصوصاً وأنهم جاهزون دوماً لإيقاف المبتزّ عند حدّه من دون أن تُضطر الضحية الى تلبية أيٍّ من رغباته، ويبقى اللجوءُ الى هذا المكتب سرّياً، حيث تُحترم خصوصية الضحايا وكأنّ الصفحة تُغلق بعدما يغادرون.
وتشير المعلومات الى أنّ غالبية الذين أوقفوا في الأعوام القليلة الماضية ينتحلون صفة شابّات، فيما أنهم في الحقيقة رجال، بينهم مَن يبتزّ على نحوٍ فرديٍّ لتلبية غاياتٍ فرديّة جنسية، من خلال محاولة استدراج ضحيّته وملاقاتها، فيما أنّ مَن ينشطون ضمن عصابات هم أكثر تنظيماً من حيث توزيع الادوار، والتأنّي في اصطياد الضحية التي يتعمّدون أن تكون من طبقة اجتماعية مرموقة وحساسة، لتحقيق الأرباح المالية.
مَن هو المبتز؟
قد يكون التعريفُ التلقائي للمبتز أنه مريض قبل كل شيء، لندخل بعدها في التفاصيل. هو شخص في غالبية الحالات كان ضحيّةَ ابتزازٍ جنسي بدوره، ما حوّله الى مبتزٍّ أو حتى الى متحرّش ومنحرف جنسياً. هذا النوع من الناس يرغب في تحريك الآخرين كما يحلو له، ويتمتّع بقدرة لا يُستهان بها على خداع الآخرين.
أما مستخدِمو منصّات التواصل الإجتماعي، فعليهم بأنفسهم وبأولادهم، هم ليسوا هنا لمعالجة المرضى النفسيّين الذين يملأون الدنيا، كل ما عليهم فعله هو عدم الإنجرار وراء ما يطلبه منهم الغرباء، خصوصاً إذا وصل الأمر الى تبادل صور إباحية أو أشرطة يصوّرونها لهم.
ما يجب أن يتنبّه له الناس هو أنّ صور الفتيات الجميلات تملأ الإنترنت، ولا يتّخذ إنشاءُ أيّ منحرف جنسي حساباً وهميّاً يضع عليه صورة فتاة أكثر من 5 دقائق، فضلاً عن أنّ التطوّرَ بلغ حدَّ إيهام الإنسان أنه على تواصل مع شخص لا يمتّ للواقع بصلة.
أما عن الأطفال، فمراقبتُهم واجب، إذ إنّ الإيقاع بهم سهلٌ جداً، وقد تؤدّي العواقب والتداعيات الى ما لا يُحمد عقباه، فاحذروا.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار