24-05-2018
عالميات
واعتُبرت الدعوة التي أطلقتها روسيا مؤخرًا بضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا بمثابة منعطف محتمل في تحالفها مع إيران رغم أن المحللين يقولون إن الشراكة بين البلدين لا يزال أمامها طريق طويل.
جدلية انسحاب إيران من سوريا صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 18 أيار 2018، عقب اجتماع مع نظيره السوري بشار الأسد، في سوتشي، بأنه “مع بداية المرحلة الأكثر نشاطًا من العملية السياسية، ستنسحب القوات الأجنبية المسلحة من الأراضي السورية”.
ولاحقًا، أكد مبعوث بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، أن هذا الانسحاب يشمل إيران. وحتى الآن، نسَّق البلدان أنشطتهما في سوريا؛ حيث وفرت روسيا القوة الجوية، بينما أوكلت إلى القوات الإيرانية المهمة الصعبة على الأرض.
وقال هنري روم، الباحث في الشؤون الإيرانية بمجموعة يوراسيا في واشنطن، إن تصريحات بوتين “لا تعني أن التحالف بين روسيا وإيران في سوريا قد انتهى، ولكنها -لا شك- عائق خطير في طريق التحالف”.
وجاء رد المسؤولين الإيرانيين قويًا، حيث صرح المتحدث باسم الخارجية، بهرام قاسمي، للصحفيين: “لا أحد يمكنه أن يجبر إيران على فعل شيء ضد إرادتها”.
وحاول نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، نزع فتيل التوتر الأربعاء الفائت، وقال: “إن انسحاب أو بقاء القوات الموجودة على الأراضي السورية بدعوة من الحكومة، وبينها إيران و”حزب الله”، شأن يخص دمشق و”غير مطروح للنقاش”.
إلا أن بوتين عادةً ما يختار كلماته بعناية، ويقول المحللون إنه يبعث برسالة بأن النزاع السوري يجب ألا يتحول الى حرب أكثر دموية بين إيران وإسرائيل.
هذا النوع من التصريحات يعكس حالة من التوتر وبحسب صحيفة “Nizavismaya” الروسية، يعتقد الخبراء أن تبادل هذا النوع من التصريحات يعكس وجود توتر بين الأطراف الضامنة للهدنة السورية (تركيا- إيران- روسيا) المتفق عليها في كازاخستان.
ومن جهته، يقول الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف: “ظهرت في وقت سابقٍ مثل هذه التجاذبات، وعلى وجه الخصوص في مسار عملية أستانا، ومع ذلك تم تجاوز هذه الاختلافات؛ نظرًا إلى وجود أهداف مشتركة. أما في الوقت الراهن، وبعد سيطرة دمشق على كامل الأراضي التي لا تشملها مناطق وقف التصعيد، فإن المسألة العالقة باتت مرتبطة أساساً بإدارة هذه الأقاليم بعد الصراع، والتوصل إلى حل توفيقي مع الأطراف الخارجية المسيطرة على المناطق المتبقية”.
كيف ستحاول روسيا التأثير على إيران؟ يمكن أن تقوم روسيا بالضغط على إيران وإدراج المعارضة السورية ضمن المحادثات. ومع ذلك، يرى مارداسوف أنه من غير المنطقي مطالبة إيران بسحب كامل قواتها من الأراضي السورية، إذ ستظل موجودة عبر العديد من المجموعات المحلية الموالية لها. في هذا الصدد، أورد الخبير أنه “قد يتم تقليص الوجود الإيراني، لكن قوات طهران لن تغادر سوريا”.
ووفقاً للمحلل، تعد إسرائيل وسيلة تضغط بها روسيا على إيران، ولعل ذلك ما يجعل هجمات إسرائيل على الأراضي السورية تخدم مصالح روسيا.
وبحسب الصحيفة الروسية تدعو القيادة الأميركية وبشكل منتظم جميع الأطراف المتدخلة في الحرب السورية للضغط على إيران، بما في ذلك روسيا. وفي الكلمة التي ألقاها في مؤسسة “هيريتيج”، قال وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو: “إن “حزب الله يستخدم قواته البرية لشنّ حملات عسكرية في سوريا، بفضل المساعدة التي يتلقاها من إيران، بينما تواصل قوات الحرس الثوري ضخ الآلاف من الجنود إلى داخل سوريا، من أجل دعم النظام الدموي وتحويل سوريا إلى ساحة للقتال”.
وأضاف الدبلوماسي الأميركي بأنه بدلاً من مساعدة مواطنيه، يستمر النظام السوري في إنشاء ممر يمتد من حدود إيران إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لا سيما أن طهران ترغب في نشر طائرات مقاتلة وأنظمة أسلحة متطورة بالقرب من إسرائيل على طول هذا الممر. ومن جهتها، وصفت الخارجية الإيرانية تصريحات بومبيو بأنها بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية، متوعدة بتحميل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية أي هجوم يستهدف إيران.
لعبة الروس في سوريا! وروسيا هي القوة الوحيدة التي ترتبط بعلاقات مع البلدين، وتعتبر لاعباً رئيسياً في منع تفجر الوضع.
ويقول جولين بارنز-ديسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “إن الروس يلعبون لعبة توازن دقيقة بين مختلف الفرقاء الإقليميين”.
وتابع: “الوجود الإيراني مترسخ في سوريا، وتخشى طهران من أن تحاول روسيا إخراجها، وجني جل ثمار إعادة إعمار البلد الذي دمرته الحرب.
واضاف: “إن إيران قلقة من فوز الشركات الروسية والتركية بعقود كبيرة في سوريا، بدلاً من الشركات الإيرانية، كما أنها قلقة بسبب ما يبدو أنه سماح من روسيا لإسرائيل بشنِّ غاراتها الجوية الأخيرة على المواقع الإيرانية”.
أبرز الأخبار