18-05-2018
عالميات
وأشارت رئيسة تحرير موقع “The National” الإخباري الإماراتي مينا العريبي الى أنه من المرجح أن يختار الصدر، الذي ليس لديه عدد كافٍ من السياسيين في ائتلافه لتشكيل الحكومة بمفرده، العبادي شريكاً في الائتلاف لتشكيل حكومةٍ جديدة. وقبِل العبادي، وقائمته ضمن الفائزين الخمسة الأوائل في الانتخابات، النتائج في بادرةٍ نادرة، وعلى الفور هنَّأ الصدر على نجاحه.
وتضيف العريبي في مقال لها بصحيفة “The New York Times” الأميركية: “إن التحالف بين الصدر والعبادي قد يحرك العراق نحو وضع داخلي أكثر استقرارًا وشمولية وأقل فسادًا، ومن شأنه أيضًا أن يقلل من قبضة إيران على البلاد ويهيئ لها علاقاتٍ أكثر توازنًا مع جيرانها.
إذ إن رجل الدين الشيعي المستقل مقتدى الصدر تنافس في الانتخابات العراقية ضمن قائمة شاملة غير طائفية ضمَّت مجموعة من الشيوعيين والمستقلين وجماعات المجتمع المدني الليبرالية.
وحصلت قائمة الصدر الانتخابية، التي تُدعى “سائرون”، على أكبر عدد من الأصوات، ووعد بمحاربة الفساد، وعدم إقصاء أيٍ من الفئات السياسية، وتشكيل حكومة تكنوقراطية.
في المقابل، فإن قائمة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لم تضمن الصدارة في الانتخابات؛ إذ لم تصوت بغداد لصالح العبادي، لكنَّ قائمته الانتخابية حصلت على دعمٍ في الموصل، المدينة التي دمرها تنظيم “داعش” وحُرِّرت تحت قيادته.
وعلى الرغم من فقدانه الأصوات، عزَّز العبادي سمعته بالحفاظ على نزاهة الانتخابات، ولم يتهمه أحد بالتزوير أو الترويع أو إساءة استخدام السلطة.
وحسب العريبي، فإن امتناع أغلبية الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم يُعد رفضًا واضحًا للنظام، الذي فشل في تحقيق السلام، والأمن، علاوةً على الرخاء. وجدير بالذكر أنَّ الانتخابات في العراق غالبًا ما تعقُبها مفاوضات فوضوية وطويلة بين أعضاء الائتلاف.
تحالُف الصدر والعبادي.. الخيار الأفضل!
وفي حين يملك الصدر ماضيًا متقلبًا، يشمل عنف “جيش المهدي” التابع له، يبدو أنَّ تحالفه الجديد ومواقفه السياسية هما الخيار الأفضل للعراق. يمكن للتحالف بين الصدر والعبادي أن يُحرك العراق نحو وضع داخلي أكثر استقرارًا وشمولية وأقل فسادًا، فكلاهما نأى بنفسه عن الفساد الذي أصاب الكثيرين غيرهما ممن يشغلون مناصب في السلطة العراقية.
ويتمتع كلاهما بدعم إحدى القواعد الإسلامية الشيعية، وتعهَّد الاثنان بتعيين تكنوقراطيين في المناصب الوزارية، فيما يُعد خطوةً ضرورية لجعل الوزارات العراقية تؤدي دورها وتقدم الخدمات للعراقيين، وألا يقتصر دورها على توفير مصادر لرعاية مختلف الأحزاب السياسية فحسب.
ويعد الصدر والعبادي قائدين إسلاميَّين، لكنَّ ولاءهما الأول والأخير للعراق، فهما لا يصبّان اهتمامهما على هويتيهما الشيعية، وظلا إلى حدٍ كبيرٍ غير خاضعين لسيطرة طهران؛ لذا يجب على الولايات المتحدة والدول العربية اغتنام الفرصة ودعمهما. يُمكن للعبادي أن يُساعد على بناء علاقة جديدة بين واشنطن والصدر، الذي قاتل القوات الأميركية بعد غزوها العراق وصدرت بحقه مذكرة توقيف في عام 2003.
وسارع ثامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، إلى الترحيب بصعود الصدر. وفي العام الماضي، زار الصدر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. في حين أثبت العبادي أهمية التواصل مع الدول العربية الأخرى في أثناء فترة ولايته. وتستطيع حكومة بزعامة الصدر والعبادي الاعتماد على الالتزام الأوليّ من الدول العربية.
ويمكن للعبادي أيضاً المساعدة في الحفاظ على توازنٍ دقيق بين المنافسين الإقليمييِّن؛ إذ دعم بناء علاقاتٍ مع الدول العربية، مع الحفاظ على العلاقات مع طهران.
هادي العامري مرشَّح إيران المفضل
ترى الإعلامية مينا العريبي أن هادي العامري هو المرشح المفضل لإيران لقيادة حكومة عراقية جديدة. فهو يرأس “منظمة بدر”، إضافةً إلى كونه أحد قادة قوات “الحشد الشعبي” التي تُهيمن عليها الميليشيات المدعومة من طهران، والتي سبق أن حاربت تنظيم “داعش” مع الجيش العراقي. وحوَّل العامري المكاسب في ساحة المعركة إلى أصوات انتخابية، لتحوز قائمته على ثاني أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات.
غير أن الصدر تحدث علانيةً عن الحاجة لنزع سلاح قوات “الحشد الشعبي”، ودعا إلى دمج عناصرها في القوات العراقية الرسمية، فيما رفض مرارًا فكرة أن يكون لدى العراق “جيشان”. ولكونه قوميًا يُجاهر بانتقاد تدخُّل إيران في العراق، صرح الصدر في عددٍ من المقابلات مع وسائل الإعلام المحلية العراقية، بأنَّ العراق “يتحتم أن يظل مُتحرراً من طموحات جارنا”.
يضمن أداء الصدر القويُّ عجز طهران عن تشكيل حكومةٍ عراقيةٍ جديدةٍ خاضعة لها بالكامل، لكنَّ قوات الحشد الشعبي، المدعومة من إيران وحلفائها، ستسعى إلى كسب نفوذٍ يضاهي نفوذ “حزب الله”. ورفضت قوات “الحشد الشعبي” الجهود المبذولة لدمجها في القوات العراقية، وتريد الحفاظ على كونها مؤسسةً منفصلة، والإبقاء على أسلحتها بينما تستغل السلطة السياسية بصفتها كتلةً في البرلمان، حيث يمكنها استخدام “حق النقض” لتعطيل، أو إعاقة، أو إحباط، تشريعاتٍ بعينها لإصابة الحكومة بالشلل، وهو درسٌ آخر تعلمته من حزب الله.
وأرسلت إيران الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، إلى بغداد بعد النتائج مباشرةً؛ للتأكد من أنَّ نفوذها لن يتأثر سلباً بتشكيل الحكومة المقبلة. أما العامري، فهو يناور مع زملائه وحلفائه، مثل رئيس الوزراء السابق نوري كمال المالكي، لتشكيل حكومة أحزاب إسلامية شيعية، وهي خطوة من شأنها أن تُعيد الزج بالعراق إلى دوامته الطائفية السابقة.
يمكن لمؤيدي المالكي وقوات “الحشد الشعبي” أيضاً أن يُعبِّروا عن اعتراضهم على حكومة ائتلاف الصدر والعبادي بالتظاهر في الشوارع، الأمر الذي يكمن به خطر يتمثل في بدء موجة جديدة من العنف.
أبرز الأخبار