أما ما يخصّ الحصة اللبنانية الوازنة من تداعيات الأزمة، فبادر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس إلى وضع العالم أمام مرآة مسؤولياته مواجهاً إياه بـ"الحقيقة المرّة": "قدرات مستنزفة وبنى تحتية وخدمات حكومية مُنهكة ورغم الجهود المشتركة فإن الظروف تدهورت ويبقى لبنان مخيماً كبيراً للاجئين"، طارحاً على هذا الصعيد مروحة "التحديات" الآخذة بالاتساع ومستعرضاً في المقابل حزمة "أولويات" وضعتها الحكومة اللبنانية برسم استجابة الأسرة الدولية للأزمة تخفيفاً لأعبائها عن بلد "احتياجاته كبيرة وموارده نادرة" ويستضيف مليون ونصف مليون نازح، ولا يزال متمسكاً بالتزاماته ومستمراً في تقديم خدمات إنسانية تفوق طاقاته نيابةً عن العالم. 


وإذ تقاطعت المواقف عند التسليم بكون الاستجابة الدولية لأزمة النزوح وتداعياتها على دول الجوار لا تزال دون المستوى المطلوب، صارح الحريري المجتمعين في "بروكسل 2" بأنّ "احتمالات عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان حقيقة، وقد تؤدي الظروف المتفاقمة إلى زيادة الاستياء الاجتماعي، ما قد يؤدي إلى اضطرابات وعنف وتهديد للاستقرار يعطي حافزاً للنازحين للبحث عن ملاذ آمن في مكان آخر" في إشارة إلى إمكانية اتساع رقعة النزوح إلى خارج نطاق دول الجوار وتمددها بشكل مضطرد نحو الدول الأوروبية. وبناءً عليه وضع رئيس الحكومة خارطة "أولويات" من 5 نقاط أمام المؤتمرين دعاهم من خلالها إلى "العمل معاً لعكس الاتجاهات السلبية" بدءاً أولاً من وجوب "تمويل خطة لبنان للاستجابة للأزمة"، وثانياً "ضمان التزامات متعددة السنوات لتأمين استدامة المشاريع"، وثالثاً "زيادة الدعم المقدم للمجتمعات المضيفة على الأقل إلى 100 مليون دولار سنوياً"، ورابعاً "دعم تطوير نظام الحماية الاجتماعية اللبناني من خلال تأمين 125 مليون دولار على شكل منح خلال السنوات الخمس المقبلة"، وخامساً "دعم الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب التقني والمهني الذي طورته الحكومة اللبنانية تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة". كما طالب الحريري الدول المانحة بدعم إعادة إعمار مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، لافتاً انتباهها إلى أنّ هذا المخيم يُذكّر بأنّ "لبنان كان في طليعة الحرب ضد الإرهاب منذ البداية"، مع إشارته إلى وجود "فجوة تمويلية بقيمة 100 مليون دولار" يحتاج لبنان إلى دعم دولي لسدّها في سبيل إنجاز عملية إعادة إعمار المخيم. 


وفي ختام المؤتمر، تلا المفوض الأوروبي للمساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات كريستوس ستيليانيديس المقررات الختامية معلناً أنّ الوفود المشاركة في "بروكسيل 2" تعهدت بتقديم 4,5 مليارات دولار لهذه السنة، و3,4 مليارات دولار للسنة المقبلة، وأضاف: "الاتحاد الأوروبي قدم 6 مليارات حتى العام 2019، أي ثلاثة أرباع مجموع التعهدات، لأنه يجب أن نقدّم النموذج الذي ينبغي أن نحذو حذوه لأننا الجهة المانحة الأكبر"، مشيراً في ما يتعلق باللاجئين السوريين في تركيا إلى تخصيص "الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مبلغاً إضافياً بـ3 مليارات دولار خلال السنتين المقبلتين". 


وكان الحريري قد التقى قبيل انطلاق أعمال المؤتمر المفوّض الأوروبي للسياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان في مقر المفوضية حيث عرض معه التطورات والدعم الذي تقدمه أوروبا للبنان لتحمّل أعباء النزوح السوري، كما عقد على هامش المؤتمر سلسلة من اللقاءات أبرزها مع كل من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وزير خارجية اليابان تارو كونو، مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دافيد ساترفيلد، ومساعد وزير خارجية ألمانيا هيكو ماس. في حين استقبله رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال في مقر رئاسة الوزراء البلجيكية وأجرى معه محادثات تناولت الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. 


.. ويُطالب بإطلاق زكا 


في الغضون، وخلال التقاط الصورة التذكارية لرؤساء الوفود المشاركين في مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، لفت اقتراب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لمصافحة الرئيس الحريري الذي بادر إلى تذكير ظريف بقضية المعتقل اللبناني في إيران نزار زكا بعدما كان قد أثارها معه خلال استقباله في بيروت قبل عام ونصف العام، فجدد مطالبته بإطلاق سراح زكا من السجون الإيرانية.