24-04-2018
محليات
معتبرا أن من غير المسموح تجاهل أجهزة الرقابة والنظر إليها على أن سقفها واطي، واعتبار أن لا رقابة مؤخرة على أيٍ من المشاريع. وإذ أمل في الوصول إلى الدولة التي لا تخفي عن مواطنيها حقيقة أوضاعهم الاقتصادية والمالية والإجتماعية ولا تجمل الوقائع لتعزيز مواقع أفراد أو أحزاب أو تيارات، أكد قرب إعداد التقرير النهائي عن عملية التدقيق في الحسابات العامة وأنه سيتضمن كل الحقائق عن الحقبة التي يشملها من دون مواربة>
تحدث خليل خلال احتفال أقيم في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي – وزارة المال، وأطلقت خلاله الوزارة “موازنة المواطنة والمواطن” لسنة 2018، وهي كتيب يقدم صيغة مبسطة للموازنة، أعده المعهد، بالتعاون مع مديرية المالية العامة بتوجيهات من الوزير خليل,
وقال خليل خلال الاحتفال الذي حضره المديرون العامون في وزارة المال وعدد من المسؤولين فيها، وممثلون للجهات الدولية المانحة ولعدد من هيئات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية: “قد يبدو مستغربا أن نلتقي في هذ االيوم وفي ظل الأجواء السياسية المحتدمة انتخابيا، للإعلان عن واحدة من القضايا الأساسية التي يمكن ان تساعد على بناء الدولة الحديثة والقادرة على أن تواكب اهتمامات المواطن والناس في أن يعرفوا كيف تدار أمورهم على المستوى المالي. هذه الخطوة تحد واضح يهدف إلى التزام المبادئ والقواعد الأساسية التي على الدولة ان تلتزمها لتطبيق القوانين التي تسمح للمواطن بالتعرف إلى كل القضايا والوصول الى المعلومات الحقيقية ليستطيع ان يبني مواقفه ونقده وموافقته على القضايا العامة ولا سيما المالية”.
وأضاف: “التحدي اليوم كبير أمامنا، وهو الوصول إلى الدولة الحقيقية والمسؤولة تجاه الناس، التي تحكم بالقوانين والأنظمة وتبتعد عن كل ما يعوق تقدمها، والوصول إلى الدولة التي لا تخفي عن مواطنيها حقيقة أوضاعهم الاقتصادية والمالية والإجتماعية والتي لا تجمل الوقائع لتعزيز مواقع أفراد أو أحزاب أو تيارات على حساب ثقة الناس بهذه الدولة”.
وتابع: “نخطو اليوم خطوة أساسية إلى الأمام تتمثل في إعلان موازنة المواطنة والمواطن، وهو تحد يضعنا بكل أرقامنا أمام الناس بطريقة شفافة واضحة لا لبس فيها، بحيث يمكن كل من يريد أن يطلع أن يعرف حقيقة الوضع المالي وتوجهات الحكومة والقضايا التي تهتم بها من خلال هذه الموازنة”.
وقال: “لم يعد مسموحا لنا اليوم أن نتجاهل حقيقة الأوضاع التي نعيش وطبيعتها، والتي تتطلب مزيدا من الوضوح والشفافية في المصارحة وفي مقاربة القضية الأساسية وهي الوضع المالي والاقتصادي والذي قد يتجاوز بخطورته أي وضع سياسي أو خلافه”. وشدد على أن “موازنة المواطن هي لتقوية التواصل بين هذا المواطن والدولة، وهي تعزيز لعلاقة الثقة التي يجب أن تبنى بينهما، والأساس هو تعزيز الشفافية والوضوح أمام الناس وأرقام الموازنة، لما هذا الأمر من أهمية استثنائية في تكوين الرأي العام والسماح له في أن يحاسب وأن يراقب”.
وأشار إلى أنها صيغة مبسطة عن الموازنة العامة يمكن من يتصفحها أن يطلع على كل هذه التوجهات والأرقام وأن يبني الموقف على أساسه. واعتبر أن لبنان لم يعد يحتمل مزيدا من السياسات التي ساهمت في وضعه الحالي، وفي وضعه في مصاف الدول التي تحتل مراتب متقدمة للأسف في الفساد والإهدار. وأضاف: “لم يعد في استطاعتنا أن نستمر في تجاهل منظومة الفساد المركبة على أكثر من مستوى وصعيد في إدارة الدولة، وأصبحنا أمام تحد بنيوي وربما وجودي للدولة في أن تواجه كل أشكال الهدر والفساد وأن ترسم معالم للمرحلة المقبلة على أساس مكافحة وضرب هذه البنية بشكل يعيد ثقة المواطن بالدولة وثقة المجتمع الدولي بدولتنا ووطننا لبنان”.
وتابع: “مع تقديرنا للمؤتمرات الدولية، فإن الإصلاح الداخلي ومحاربة الفساد وضبط الإهدار هو واجب وطني بالدرجة الأولى بغض النظر عن آراء الآخرين بنا، ولهذا فإن المطلوب منا كثير خصوصا أننا مقبلون بعد الانتخابات النيابية على تشكيل حكومة جديدة يجب أن تنطلق برؤية واضحة من أجل وضع أسس حقيقية أولا لمحاربة هذا الفساد وثانيا لتطوير الأداء بالطريقة التي تسمح بتحقيق الأهداف المرجوة”. وشدد على أن “كل مؤتمرات الدنيا التي تعقد وكل التقديمات والتسهيلات التي تعطى للبنان لا يمكن أن تحل مشاكله من دون مبادرة داخلية تستهدف أولا تطوير الإدارة العامة والأنظمة والقوانين ومن دون تفعيل أجهزة الرقابة والتفتيش والقضاء والالتزام بالأصول القانونية في التعاطي مع مسألة الإدارة وتجاوزات من يريد أن يتجاوز”.
ورأى أن المطلوب إرساء قواعد جديدة للإنفاق تفرض على الجميع التزام الأنظمة والشفافية في إدارة المناقصات من خلال الجهاز المركزي المسؤول عن هذه العملية.
وأضاف: “لم يعد مسموحا أن نعتبر أن كل أجهزة الرقابة “سقفها واطي” بالمعنى السياسي ويمكن تجاهلها، ولم يعد مسموحا لنا أيضا أن نعتبر أن لا رقابة مؤخرة على أيٍ من المشاريع على عكس ما هو سائد على مستوى العالم. فالرقابة والمحاسبة يجب ان تطاول الجميع اليوم من دون استثناء ويجب أن تواكب كل إنفاق مهما كان صغيرا أو كبيرا”.
وتابع: “في تجربتنا هذه لم نتدخل لإخفاء رقم واحد بل على العكس كان الحرص على أن تقدم الأرقام كما هي لأننا لا نريد أن تكون ثمة أرقام معلنة وأخرى مخفية وأن تكون ثمة هندسات إعلامية للواقع الذي نعيشه. اليوم ثمة مديونية عالية جدا أمامنا تفرض إدارة جديدة أيضا وحكيمة للدين العام والتعاطي مع المسألة كموضوع جوهري يهم كل الدولة بأجهزتها المختلفة. ونحن نعمل على هذا الأساس مع الإدارة بالتنسيق مع الإدارات والأجهزة المعنية للوصول إلى تأمين حد مقبول من التوازن وخصوصا أننا شهدنا في الأعوام المنصرمة على مستوى الموازنة فائضا أوليا ولكن أثقلت خدمة الدين الموازنة بعجز كبير اطلعنا عليه جميعا”.
وشدد على تعزيز ثقة المواطن بدولته، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا إذا كان إرادة وطنية جامعة وتكامل لأدوار المؤسسات الدستورية والإدارية والرقابية للخروج من أزماتنا.
وأضاف: “الإدارة العامة تضم الكثير من الكفايات والقدرات التي تستطيع أن تنجز وأن تفعل وأن تحقق الكثير من الإنجازات إذا سمح لها بأن تبرز وأن تأخذ دورها الأساسي على مستوى القرار في الوزارات والإدارات”. وأضاف: “ليس صحيحا أن كل الإدارة العامة فاسدة، وليس صحيحا أن لا موظفين أكفياء فيها، بل على العكس ثمة قدرات استثنائية، ولكن علينا أن نعطي الفرصة بالدرجة الأولى، وأن نشعر الموظف بالحماية غير السياسية وغير الطائفية لحماية الدولة كل الدولة والوزراء له في أداء مهماته، وهذا ما نحن ملتزمون اياه”.
وعبر عن تقديره وشكره للمديريات المعنية بإصدار الموازنة العامة والتي تابعت وواكبت عبر موظفيها خلال المرحلة الماضية عملية إعادة الانتظام إلى الموازنة العامة وإصدارها، وهذا أمر حيوي وأساسي ساهم في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. وجدد التزامه إنجاز عملية التدقيق في الحسابات العامة والتي أخذت جدلا كبيرا خلال السنوات المنصرمة. وقال: “نحن ملتزمون إنجاز هذا الأمر ضمن المهلة التي اعطانا إياها مجلس النواب، وقد أصبحنا على مشارف إعداد التقرير النهائي حول هذه المسألة مع المديريات المعنية، وهو أمر سيضع كل الحقائق عن الحقبة التي طرحت عليها اسئلة كثيرة أمام الرأي العام، من دون مواربة وسيوضع التقرير امام الأجهزة المعنية وسيكون في تصرف مجلس النواب الذي طلب هذا الأمر”.
وقال: “إن معهد باسل فليحان يقوم اليوم بواجب مهم جدا وبعملية أساسية تساعد في حل الكثير من المشكلات وفي إعداد جملة من الدراسات والأبحاث والدورات التدريبية التي تساعد في تعزيز ما نصبو إليه من تحديث وتطوير. وهذا أمر يشكر عليه المعهد ويأتي في سياق ما نخطط له على مستوى الإدارة عموما”.
وأمل “في أن تتحول موازنة المواطنة والمواطن تقليدا سنويا، فتأتي مباشرة بعد إقرار الموازنة العامة، لتكون في خدمة التوعية والمعرفة والناس”، مشيرا إلى أن هذا التوجه “سيصدر بقرار واضح يلزم الوزارة والوزراء الذي سيأتون لاحقا تطبيق هذه العملية”.
مضمون الكتيب ويندرج الكتيب ضمن سلسلة التوعية المالية والضريبية الصادرة عن معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي، ويقدم صيغة مبسطة لموازنة الحكومة اللبنانية لعام 2018، تستند إلى معطيات الموازنة المقرة في مجلس النواب، ليعرض أبرز التوجهات المالية للحكومة بالإضافة إلى البنود الإصلاحية الملحوظة. ويشرح الكتيب الأهداف العامة لموازنة عام 2018 وفرضياتها، والنفقات المرتقبة وطريقة توزعها على مختلف القطاعات، والإيرادات الضريبية وغير الضريبية المتوقعة ومصادرها، وأرقام الدين العام ومكوناته، والمشاريع المنوي تنفيذها، والتعديلات الضريبية المقرة، والإجراءات الإصلاحية.
ويتوجه الكتيب، بحسب ما ورد في مقدمته، إلى جميع مكونات المجتمع من مواطنين ومواطنات، بهدف توعيتهم على أوضاع المالية العامة وتمكينهم من مقارنة وتحليل أرقام الإنفاق العام وتقديرات العجز وإشكالية الدين العام.
وأوضحت المقدمة أن وزارة المال تهدف من خلال هذا الكتيب إلى تسهيل وصول المواطنين والمواطنات إلى المعلومات المالية، ومساعدتهم على فهم أهمية الموازنة وطريقة تأثيرها في حياتهم اليومية، وتوفير الأدوات التي تمكنهم من تقويم إلى أي مدى تلبي هذه الموازنة مطالبهم وتوقعاتهم، وتعريفهم الى أهم سياسات الحكومة المالية والاقتصادية، وتمكينهم من تكوين رؤية واضحة تخولهم طرح أفكار تلائم تطلعاتهم وحاجاتهم. وشددت على أن الغرض منه هو إشراك المواطنين بشكل أكثر فاعلية في النقاش العام حول مقاربات الحكومة للموضوعات التي يتضمنها، والتي لها تأثير أساسي على الفرص المتاحة أمامهم وأمام مستقبلهم، وبالتالي تمكينهم من المساءلة والمحاسبة على قاعدة المعرفة.
أبرز الأخبار